بحـث
المواضيع الأخيرة
» شركة جلي بلاط بالرياضمن طرف moslema_r الخميس 14 نوفمبر 2024 - 21:36
» احدث هواتف انفينكس Infinix Hot 50
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:54
» افضل الهواتف من اوبو Oppo A3x
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:38
» سامسونج Samsung Galaxy A16
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:29
» موبي برايس ماركات الموبايلات
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:16
» افضل شركة تنظيف منازل بالكويت باقل الاسعار
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:06
» كراتين للبيع بالكويت- افضل انواع الكراتين
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:42
» افضل شركة نقل عفش بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:32
» افضل شركة شراء اثاث مستعمل بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:21
» افضل نجار بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:06
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ رجب
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ رجب
ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ
ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﻏﺰﻭﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﻣﻠﺤﻤﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺁﺧﺮ ﻏﺰﻭﺓ ﻏﺰﺍﻫﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﻏﺰﻭﺓ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﻗﺘﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻔﻴﻦ ﻭﻻ ﺗﻼﺣﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺎﺷﻔﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ ﻛﺸﻔﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﻓﻀﺤﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺳﻮﺳﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻧﻬﺎ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﻟﺴﻨﺔ ﺗﺴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ – ﺃﻋﻈﻢ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ – ﻳﻌﺪﻭﻥ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﺳﻔﻴﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﻤﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺃﻋﺪﻭﺍ ﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺟﻴﺸﺎً ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺟﻤﻌﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺼﺮﺓ ﻭﺃﻋﻄﻮﺍ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﻡ .
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﺤﻂ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺑﻼﺀ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻋﺴﺮ ﻭﺟﺪﺏ ﻭﻗﻠﺔ ﻇﻬﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻮ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺍﻟﻤﻠﺘﻬﺐ .
ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻮﻋﺪ ﺣﺼﺎﺩ ﺍﻟﺰﺭﻭﻉ ﻭﻓﻮﻕ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﺟﺪﺍً ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻋﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻧﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻮﻧﺔ .
ﺗﺨﻴﻠﻮﺍ ﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﻘﺮﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻘﻠﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺑﺎﻟﺰﺣﻒ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻭﻭﺻﻠﺖ ﻗﻮﺍﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻠﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻷﺭﺩﻥ .
ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺣﺴﻢ ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻠﻮ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻳﺰﺣﻔﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺟﺎﺳﻮﺍ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﻭﺩﺍﺳﻮﺍ ﺳﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﻔﻌﻞ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻗﺪ ﻧﺠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﺘﺮﺑﺼﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﻭﻳﻜﻴﺪﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﺗﺼﺎﻝ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺻﺪﺭ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﻭﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻮﺽ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻻ ﻳﻤﻬﻠﻮﻧﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺰﺣﻔﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﻬﺰﻭﺍ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺑﻜﻞ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﻭﻭﺿﻮﺡ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺭﻱ ﻟﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺭﻛﻪ ﻭﻏﺰﻭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .
ﻭﺣﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﻧﺰﻟﺖ ﺁﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺗﺤﺚ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ﻭﺗﺸﺠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺬﻝ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺇﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺗﺨﻴﻠﻮﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﻴﺎﺩﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﻬﺰﻭﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻬﺰﻭﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﻳﺴﺎﻫﻢ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺇﻧﻔﺎﻕ ﻛﺮﺍﺋﻢ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻟﺬﻟﻚ .
ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺃﻧﻔﻖ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺻﺎﺩﻕ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺠﺎﺀ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺭﺿﺎﻩ ﺑﻤﺎﺋﺘﻲ ﺑﻌﻴﺮ ﺑﺄﻗﺘﺎﺑﻬﺎ ﻭﺃﺣﻼﺳﻬﺎ ﻭﺃﻧﻔﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺃﻭﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺔ ﻭﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﻨﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻣﺎ ﺿﺮ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﻋﻤﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ " ﻓﺰﺍﺩ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﺗﺴﻌﻤﺎﺋﺔ ﺑﻌﻴﺮ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﻓﺮﺱ .
ﻭﺟﺎﺀ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺑﻤﺎﺋﺘﻲ ﺃﻭﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺔ ﻭﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺑﻤﺎﻟﻪ ﻛﻠﻪ ﻓﺄﻧﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﻋﻤﺮ ﺑﻨﺼﻒ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻤﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻭﺗﺘﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺬﻝ ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻢ ﻗﻠﻴﻠﻬﺎ ﻭﻛﺜﻴﺮﻫﺎ ﻭﺑﻌﺜﺖ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺎﺕ ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻦ ﻭﺃﺧﺮﺟﻦ ﺃﻋﻀﺎﺩﻫﻦ ﻭﺃﻗﺮﺍﻃﻬﻦ ﻭﺧﻮﺍﺗﻴﻤﻬﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﺮﺽ ﻓﻠﻢ ﻳﺄﺗﻮﺍ ﺑﺸﻲﺀ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮﻥ ﻣﻤﻦ ﺷﺎﺭﻙ ﻭﺗﺼﺪﻕ ﻓﻤﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻤﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺇﻻ ﺭﻳﺎﺀ ﻭﺳﻤﻌﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻤﺎﻝ ﻗﻠﻴﻞ ﻫﻤﺰﻭﻩ ﻭﻟﻤﺰﻭﻩ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻏﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻠْﻤِﺰُﻭﻥَ ﺍﻟْﻤُﻄَّﻮِّﻋِﻴﻦَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼَّﺪَﻗَﺎﺕِ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳَﺠِﺪُﻭﻥَ ﺇِﻟَّﺎ ﺟُﻬْﺪَﻫُﻢْ ﻓَﻴَﺴْﺨَﺮُﻭﻥَ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺳَﺨِﺮَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻬُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏٌ ﺃَﻟِﻴﻢٌ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 79 ] .
ﺗﺠﻬﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭﺧﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﺄﺭﺍﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺮﺩﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : " ﺃﻻ ﺗﺮﺿﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ."
ﻓﻐﻤﺺ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻳﺒﺜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺭﺍﺟﻴﻒ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺭﺩّ ﻋﻠﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻧﻈﺮﺍً ﻟﻘﺮﺍﺑﺘﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺒﻼﺑﻞ ﻭﺍﻷﺭﺍﺟﻴﻒ ﻭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﻤﻞ ﻭﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﺧﺎﻓﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻷﺳﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻛﺜﺮﺗﻬﻢ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺜﺒﻄﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻳﻮﻫﻨﻮﻥ ﻋﺰﺍﺋﻤﻬﻢ ﻭﻳﺒﺜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻔﺰﻉ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﻏﺪﺍً ﺳﻨﺮﺍﻛﻢ ﻣﻘﻴﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻼﺳﻞ ﻭﻧﺴﻤﻊ ﺃﺧﺒﺎﺭﻛﻢ ﺑﺄﻧﻜﻢ ﺃﺳﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾٍ : ﺃﺗﺤﺴﺒﻮﻥ ﺟﻼﺩ ﺑﻨﻲ ﺍﻷﺻﻔﺮ، ﻛﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑَﻌﻀِﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪِ ﻟﻜﺄﻧَّﺎ ﺑﻜﻢ ﻏﺪًﺍ ﻣﻘﺮَّﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤِﺒﺎﻝ، ﺇﺭﺟﺎﻓًﺎ ﻭﺗﺮﻫﻴﺒًﺎ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﴿ ﺇِﻥْ ﺗُﺼِﺒْﻚَ ﺣَﺴَﻨَﺔٌ ﺗَﺴُﺆْﻫُﻢْ ﻭَﺇِﻥْ ﺗُﺼِﺒْﻚَ ﻣُﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﺪْ ﺃَﺧَﺬْﻧَﺎ ﺃَﻣْﺮَﻧَﺎ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻭَﻳَﺘَﻮَﻟَّﻮْﺍ ﻭَﻫُﻢْ ﻓَﺮِﺣُﻮﻥَ * ﻗُﻞْ ﻟَﻦْ ﻳُﺼِﻴﺒَﻨَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﺎ ﻛَﺘَﺐَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﻨَﺎ ﻫُﻮَ ﻣَﻮْﻟَﺎﻧَﺎ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻠْﻴَﺘَﻮَﻛَّﻞِ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﴾ .
ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻟَﻮْ ﺧَﺮَﺟُﻮﺍ ﻓِﻴﻜُﻢْ ﻣَﺎ ﺯَﺍﺩُﻭﻛُﻢْ ﺇِﻟَّﺎ ﺧَﺒَﺎﻟًﺎ ﻭَﻟَﺄَﻭْﺿَﻌُﻮﺍ ﺧِﻠَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻳَﺒْﻐُﻮﻧَﻜُﻢُ ﺍﻟْﻔِﺘْﻨَﺔَ ﻭَﻓِﻴﻜُﻢْ ﺳَﻤَّﺎﻋُﻮﻥَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠِﻴﻢٌ ﺑِﺎﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ * ﻟَﻘَﺪِ ﺍﺑْﺘَﻐَﻮُﺍ ﺍﻟْﻔِﺘْﻨَﺔَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻭَﻗَﻠَّﺒُﻮﺍ ﻟَﻚَ ﺍﻟْﺄُﻣُﻮﺭَ ﺣَﺘَّﻰ ﺟَﺎﺀَ ﺍﻟْﺤَﻖُّ ﻭَﻇَﻬَﺮَ ﺃَﻣْﺮُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻫُﻢْ ﻛَﺎﺭِﻫُﻮﻥَ ﴾ .
ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺠﺪ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎً ﻓﺎﻋﺘﺬﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻔﺘﻨﻪ ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﻡ – ﻧﺴﺎﺀ ﺑﻨﻲ ﺍﻷﺻﻔﺮ – ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺋﺬﻥ ﻟﻲ ﻭﻻ ﺗﻔﺘﻨﻲ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﴿ ﻭَﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﺍﺋْﺬَﻥْ ﻟِﻲ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻔْﺘِﻨِّﻲ ﺃَﻟَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻔِﺘْﻨَﺔِ ﺳَﻘَﻄُﻮﺍ ﻭَﺇِﻥَّ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻟَﻤُﺤِﻴﻄَﺔٌ ﺑِﺎﻟْﻜَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ ﴾ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮﻥ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻳﻨﻜﺘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ " ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﻗﺮﺍﺋﻨﺎ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﺭﻏﺐ ﺑﻄﻮﻧﺎ، ﻭﺃﻛﺬﺏ ﺃﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺃﺟﺒﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻘﺎﻟﺘﻬﻢ ﻭﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺧﺒﺮﻫﻢ ﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻬﺰﻝ ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺠﺪ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻭَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﻬُﻢْ ﻟَﻴَﻘُﻮﻟُﻦَّ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺨُﻮﺽُ ﻭَﻧَﻠْﻌَﺐُ ﻗُﻞْ ﺃَﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺁﻳَﺎﺗِﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺗَﺴْﺘَﻬْﺰِﺋُﻮﻥَ * ﻟَﺎ ﺗَﻌْﺘَﺬِﺭُﻭﺍ ﻗَﺪْ ﻛَﻔَﺮْﺗُﻢْ ﺑَﻌْﺪَ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻜُﻢْ ﴾ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﺭ ﺑﺎﻟﺤﺮ ﻭﺭﺿﻲ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺿﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻓَﺮِﺡَ ﺍﻟْﻤُﺨَﻠَّﻔُﻮﻥَ ﺑِﻤَﻘْﻌَﺪِﻫِﻢْ ﺧِﻠَﺎﻑَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻛَﺮِﻫُﻮﺍ ﺃَﻥْ ﻳُﺠَﺎﻫِﺪُﻭﺍ ﺑِﺄَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﻭَﺃَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗَﻨْﻔِﺮُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺤَﺮِّ ﻗُﻞْ ﻧَﺎﺭُ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﺃَﺷَﺪُّ ﺣَﺮًّﺍ ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻔْﻘَﻬُﻮﻥَ * ﻓَﻠْﻴَﻀْﺤَﻜُﻮﺍ ﻗَﻠِﻴﻠًﺎ ﻭَﻟْﻴَﺒْﻜُﻮﺍ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﺟَﺰَﺍﺀً ﺑِﻤَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻜْﺴِﺒُﻮﻥَ ﴾ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﻌْﺠِﺒْﻚَ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟُﻬُﻢْ ﻭَﺃَﻭْﻟَﺎﺩُﻫُﻢْ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺃَﻥْ ﻳُﻌَﺬِّﺑَﻬُﻢْ ﺑِﻬَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺗَﺰْﻫَﻖَ ﺃَﻧْﻔُﺴُﻬُﻢْ ﻭَﻫُﻢْ ﻛَﺎﻓِﺮُﻭﻥَ ﴾ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻨﻬﻢ : ﴿ ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﺮَﺿًﺎ ﻗَﺮِﻳﺒًﺎ ﻭَﺳَﻔَﺮًﺍ ﻗَﺎﺻِﺪًﺍ –﴾ ﺃﻱ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً - ﴿ ﻟَﺎﺗَّﺒَﻌُﻮﻙَ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺑَﻌُﺪَﺕْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﺍﻟﺸُّﻘَّﺔُ ﴾ – ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ - ﴿ ﻭَﺳَﻴَﺤْﻠِﻔُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﴾ – ﻳﺤﻠﻔﻮﻥ ﻛﺬﺑﺎً ﻭﻧﻔﺎﻗﺎً - ﴿ ﻟَﻮِ ﺍﺳْﺘَﻄَﻌْﻨَﺎ ﻟَﺨَﺮَﺟْﻨَﺎ ﻣَﻌَﻜُﻢْ ﻳُﻬْﻠِﻜُﻮﻥَ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﴾ – ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻭﺍﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ - ﴿ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳَﻌْﻠَﻢُ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻟَﻜَﺎﺫِﺑُﻮﻥَ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 42 ] ﻭﻗﺎﻝ : ﴿ ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﺭَﺍﺩُﻭﺍ ﺍﻟْﺨُﺮُﻭﺝَ ﻟَﺄَﻋَﺪُّﻭﺍ ﻟَﻪُ ﻋُﺪَّﺓً ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻛَﺮِﻩَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻧْﺒِﻌَﺎﺛَﻬُﻢْ ﻓَﺜَﺒَّﻄَﻬُﻢْ ﻭَﻗِﻴﻞَ ﺍﻗْﻌُﺪُﻭﺍ ﻣَﻊَ ﺍﻟْﻘَﺎﻋِﺪِﻳﻦَ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 46 ] .
ﻓﻼﻣﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻌﻮﺩﻫﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰﺓ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻋﺪﻡ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﻫﺠﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺟﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﺁﺛﺮﻭﺍ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﺔ ﺛﻢ ﺗﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺎﺑﻮﺍ ﻭﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺜَّﻠَﺎﺛَﺔِ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺧُﻠِّﻔُﻮﺍ ﺣَﺘَّﻰ ﺇِﺫَﺍ ﺿَﺎﻗَﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽُ ﺑِﻤَﺎ ﺭَﺣُﺒَﺖْ ﻭَﺿَﺎﻗَﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺃَﻧْﻔُﺴُﻬُﻢْ ﻭَﻇَﻨُّﻮﺍ ﺃَﻥْ ﻟَﺎ ﻣَﻠْﺠَﺄَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻟَّﺎ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺛُﻢَّ ﺗَﺎﺏَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﻟِﻴَﺘُﻮﺑُﻮﺍ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻫُﻮَ ﺍﻟﺘَّﻮَّﺍﺏُ ﺍﻟﺮَّﺣِﻴﻢُ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 118 ] .
ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ ﻓﻲ ﺟﻴﺶ ﻋﺮﻣﺮﻡ ﺑﻠﻎ ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ﻣﺜﻠﻪ ﻗﻂ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﺭﺟﻼً ﻳﺘﻌﻘﺒﻮﻥ ﺑﻌﻴﺮﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﺆﻧﺔ ﻓﺄﻛﻠﻮﺍ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺸﺠﺮ ﻭﻧﻔﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﺎﺿﻄﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺫﺑﺢ ﺑﻌﻴﺮ ﻣﻊ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﺸﺮﺑﻮﺍ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺮﺷﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻌﺴﺮﺓ ﴿ ﻟَﻘَﺪْ ﺗَﺎﺏَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻭَﺍﻟْﻤُﻬَﺎﺟِﺮِﻱﻥَ ﻭَﺍﻟْﺄَﻧْﺼَﺎﺭِ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﺗَّﺒَﻌُﻮﻩُ ﻓِﻲ ﺳَﺎﻋَﺔِ ﺍﻟْﻌُﺴْﺮَﺓِ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﻛَﺎﺩَ ﻳَﺰِﻳﻎُ ﻗُﻠُﻮﺏُ ﻓَﺮِﻳﻖٍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺛُﻢَّ ﺗَﺎﺏَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺇِﻧَّﻪُ ﺑِﻬِﻢْ ﺭَﺀُﻭﻑٌ ﺭَﺣِﻴﻢٌ ﴾ .
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﺠﻬﺰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻪ ﻓﻄﻠﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻬﺰﻫﻢ ﻟﻴﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﺃﺟﺪ ﻣﺎ ﺃﺣﻤﻠﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺄﺧﺬﻭﺍ ﻳﻨﻮﺣﻮﻥ ﻭﻳﺒﻜﻮﻥ ﺷﻮﻗﺎً ﻟﻠﺬﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ : ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﻣَﺎ ﺃَﺗَﻮْﻙَ ﻟِﺘَﺤْﻤِﻠَﻬُﻢْ ﻗُﻠْﺖَ ﻟَﺎ ﺃَﺟِﺪُ ﻣَﺎ ﺃَﺣْﻤِﻠُﻜُﻢْ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺗَﻮَﻟَّﻮْﺍ ﻭَﺃَﻋْﻴُﻨُﻬُﻢْ ﺗَﻔِﻴﺾُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺪَّﻣْﻊِ ﺣَﺰَﻧًﺎ ﺃَﻟَّﺎ ﻳَﺠِﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻳُﻨْﻔِﻘُﻮﻥَ ﴾ .
ﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺟَﻬﺪ ﺟﻬﻴﺪ ﻭﺑﻼﺀ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﻇﻤﺄ ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺩ ﻳﺴﻤﻰ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻘﺮﻯ – ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﺎﺭ ﺛﻤﻮﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ – ﻓﺎﺳﺘﻘﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺁﺑﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻫﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﻻ ﺗﺸﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺘﻮﺿﺌﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺠﻴﻦ ﻋﺠﻨﺘﻤﻮﻩ ﻓﺎﻋﻠﻔﻮﻩ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﻻ ﺗﺄﻛﻠﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﻻ ﺗﺪﺧﻠﻮﺍ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺒﻜﻢ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻬﻢ ﻭﻗﻨﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺃﺳﺮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻲ ﺣﺘﻰ ﺍﺟﺘﺎﺯ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ
ﻓﻨﻔّﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺳﻜﺒﻮﺍ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻇﻤﺄ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺣﺮ ﻗﺎﺗﻞ ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﺪ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﻭﺍﺣﺘﺎﺟﻮﺍ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﻓﺎﺷﺘﻜﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺪﻋﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻓﺄﻣﻄﺮﺕ ﺣﺘﻰ ﺍﺭﺗﻮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺣﻤﻠﻮﺍ ﻣﻌﻬﻢ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺠﻤﻌﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﻭﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺟﻤﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻭﺗﺄﺧﻴﺮ .
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ – ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ – ﻓﻘﺎﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺨﻄﺒﻬﻢ ﺧﻄﺒﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﺣﻈﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺣﺬﺭ ﻭﺃﻧﺬﺭ ﻭﺑﺸﺮ ﻭﺃﺑﺸﺮ ﻭﺭﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻭﺟﺒﺮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻭﺍﻟﺨﻠﻞ ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻭﺍﻟﻤﺌﻮﻧﺔ .
ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺑﻮﺻﻮﻝ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ ﻭﺯﺣﻔﻪ ﻧﺤﻮﻫﻢ ﺃﺧﺬﻫﻢ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻓﺨﺎﻓﻮﺍ ﻭﺗﻔﺮﻗﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺘﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺮﻭﻡ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺃﻳﻘﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻴﺎﺩﻫﻢ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻟﻦ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻨﺤﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﻭﻫﻨﺎ ﺭﺟﻊ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﺰﺯﺍً ﻣﻨﺼﻮﺭﺍً ﻟﻢ ﻳﻨﻞ ﻛﻴﺪﺍً ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﻗﺘﺎﻻً ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻭﻗﻌﺖ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﺧﻄﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺩﺑﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﺘﻚ ﺑﻪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﺮﺑﺼﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﻳﺘﺤﻴﻨﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﻳﺘﺮﻗﺒﻮﻥ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻮﺣﺪﻩ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﺣﺪ .
ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻪ ﻏﻴﺮ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﻳﻘﻮﺩ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﻭﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ ﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﺍﻧﺘﻬﺰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﺟﺎﺀﻭﺍ ﻭﻫﻢ ﻣﺘﻠﺜﻤﻮﻥ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﺭﻋﺒﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﺸﻒ ﺧﻄﺘﻬﻢ ﻭﻋﺮﻓﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺳﻤﻰ ﻟﺤﺬﻳﻔﺔ ﺃﺳﻤﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻳَﺤْﻠِﻔُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻛَﻠِﻤَﺔَ ﺍﻟْﻜُﻔْﺮِ ﻭَﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﺑَﻌْﺪَ ﺇِﺳْﻠَﺎﻣِﻬِﻢْ ﻭَﻫَﻤُّﻮﺍ ﺑِﻤَﺎ ﻟَﻢْ ﻳَﻨَﺎﻟُﻮﺍ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﻘَﻤُﻮﺍ ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﺃَﻏْﻨَﺎﻫُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟُﻪُ ﻣِﻦْ ﻓَﻀْﻠِﻪِ ﻓَﺈِﻥْ ﻳَﺘُﻮﺑُﻮﺍ ﻳَﻚُ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺘَﻮَﻟَّﻮْﺍ ﻳُﻌَﺬِّﺑْﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﺬَﺍﺑًﺎ ﺃَﻟِﻴﻤًﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻭَﻣَﺎ ﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻣِﻦْ ﻭَﻟِﻲٍّ ﻭَﻟَﺎ ﻧَﺼِﻴﺮٍ ﴾ .
ﺭﺟﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻳﻮﻣﺎً ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺒﻮﻙ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻻً ﺣﺎﻓﻼً ﻭﻓﺮﺣﻮﺍ ﺑﻘﺪﻭﻣﻬﻢ ﻭﺭﺟﻮﻋﻬﻢ ﻭﺧﺮﺝ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻳﺮﺣﺒﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﺑﺤﻔﺎﻭﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻗﺎﻝ : " ﻫﺬﻩ ﻃﺎﺑﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ، ﺟﺒﻞ ﻳﺤﺒﻨﺎ ﻭﻧﺤﺒﻪ ."
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺗﺬﻛﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺼﺤﺎﺑﺔ : " ﺇﻥ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﺎ ﺳﺮﺗﻢ ﻣﺴﻴﺮﺍ، ﻭﻻ ﻗﻄﻌﺘﻢ ﻭﺍﺩﻳﺎ ﺇﻻ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻌﻜﻢ، ﺣﺒﺴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭ " ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ؟ ﻗﺎﻝ : ﻭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺮﺏ ﻭﻻ ﻗﺘﺎﻝ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﺑﺎً ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻛﺸﻔﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﺯﻳﻔﻬﻢ ﻭﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺑﻠﺒﻠﺘﻬﻢ ﻭﺍﻧﻜﺸﻒ ﺇﺭﺟﺎﻓﻬﻢ ﻭﺧﺒﺜﻬﻢ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺧﻮﺭﻫﻢ ﻭﺟﺒﻨﻬﻢ ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻘﻂ ﻟﻬﺪﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺷﻖ ﻋﺼﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﺍﺳﺘﻐﻠﻮﺍ ﻓﺮﺻﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺒﻨﻮﺍ ﻟﻬﻢ ﻣﺴﺠﺪﺍً ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺘﻌﻠﻠﻴﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﺑﻨﻮﻩ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺷﻖ ﺍﻟﺼﻒ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻭﻛﺮﺍً ﻭﻣﻘﺮﺍً ﻟﻠﺪﺳﺎﺋﺲ ﻭﺍﻟﻤﺆﺍﻣﺮﺍﺕ .
ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﻪ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﴿ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﺗَّﺨَﺬُﻭﺍ ﻣَﺴْﺠِﺪًﺍ ﺿِﺮَﺍﺭًﺍ ﻭَﻛُﻔْﺮًﺍ ﻭَﺗَﻔْﺮِﻳﻘًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻭَﺇِﺭْﺻَﺎﺩًﺍ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﺎﺭَﺏَ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻭَﻟَﻴَﺤْﻠِﻔُﻦَّ ﺇِﻥْ ﺃَﺭَﺩْﻧَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟْﺤُﺴْﻨَﻰ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳَﺸْﻬَﺪُ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻟَﻜَﺎﺫِﺑُﻮﻥَ * ﻟَﺎ ﺗَﻘُﻢْ ﻓِﻴﻪِ ﺃَﺑَﺪًﺍ ﻟَﻤَﺴْﺠِﺪٌ ﺃُﺳِّﺲَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺘَّﻘْﻮَﻯ ﻣِﻦْ ﺃَﻭَّﻝِ ﻳَﻮْﻡٍ ﺃَﺣَﻖُّ ﺃَﻥْ ﺗَﻘُﻮﻡَ ﻓِﻴﻪِ ﻓِﻴﻪِ ﺭِﺟَﺎﻝٌ ﻳُﺤِﺒُّﻮﻥَ ﺃَﻥْ ﻳَﺘَﻄَﻬَّﺮُﻭﺍ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﻄَّﻬِّﺮِﻳﻦَ ﴾ ﴿ ﻟَﺎ ﻳَﺰَﺍﻝُ ﺑُﻨْﻴَﺎﻧُﻬُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺑَﻨَﻮْﺍ ﺭِﻳﺒَﺔً ﻓِﻲ ﻗُﻠُﻮﺑِﻬِﻢْ ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﺗَﻘَﻄَّﻊَ ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠِﻴﻢٌ ﺣَﻜِﻴﻢٌ ﴾ ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻬﺪﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﺇﺣﺮﺍﻗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ
ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺤﺮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﻏﺰﻭﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﻣﻠﺤﻤﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺁﺧﺮ ﻏﺰﻭﺓ ﻏﺰﺍﻫﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﻏﺰﻭﺓ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﻗﺘﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻔﻴﻦ ﻭﻻ ﺗﻼﺣﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺎﺷﻔﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ ﻛﺸﻔﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﻓﻀﺤﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺳﻮﺳﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻧﻬﺎ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﻟﺴﻨﺔ ﺗﺴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ – ﺃﻋﻈﻢ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ – ﻳﻌﺪﻭﻥ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﺳﻔﻴﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﻤﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺃﻋﺪﻭﺍ ﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺟﻴﺸﺎً ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺟﻤﻌﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺼﺮﺓ ﻭﺃﻋﻄﻮﺍ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﻡ .
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﺤﻂ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺑﻼﺀ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻋﺴﺮ ﻭﺟﺪﺏ ﻭﻗﻠﺔ ﻇﻬﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻮ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺍﻟﻤﻠﺘﻬﺐ .
ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻮﻋﺪ ﺣﺼﺎﺩ ﺍﻟﺰﺭﻭﻉ ﻭﻓﻮﻕ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﺟﺪﺍً ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻋﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻧﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻮﻧﺔ .
ﺗﺨﻴﻠﻮﺍ ﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﻘﺮﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻘﻠﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺑﺎﻟﺰﺣﻒ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻭﻭﺻﻠﺖ ﻗﻮﺍﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻠﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻷﺭﺩﻥ .
ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺣﺴﻢ ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻠﻮ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻳﺰﺣﻔﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺟﺎﺳﻮﺍ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﻭﺩﺍﺳﻮﺍ ﺳﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﻔﻌﻞ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻗﺪ ﻧﺠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﺘﺮﺑﺼﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﻭﻳﻜﻴﺪﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﺗﺼﺎﻝ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺻﺪﺭ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﻭﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻮﺽ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻻ ﻳﻤﻬﻠﻮﻧﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺰﺣﻔﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﻬﺰﻭﺍ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺑﻜﻞ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﻭﻭﺿﻮﺡ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺭﻱ ﻟﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺭﻛﻪ ﻭﻏﺰﻭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .
ﻭﺣﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﻧﺰﻟﺖ ﺁﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺗﺤﺚ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ﻭﺗﺸﺠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺬﻝ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺇﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺗﺨﻴﻠﻮﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﻴﺎﺩﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﻬﺰﻭﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻬﺰﻭﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﻳﺴﺎﻫﻢ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺇﻧﻔﺎﻕ ﻛﺮﺍﺋﻢ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻟﺬﻟﻚ .
ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺃﻧﻔﻖ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺻﺎﺩﻕ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺠﺎﺀ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺭﺿﺎﻩ ﺑﻤﺎﺋﺘﻲ ﺑﻌﻴﺮ ﺑﺄﻗﺘﺎﺑﻬﺎ ﻭﺃﺣﻼﺳﻬﺎ ﻭﺃﻧﻔﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺃﻭﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺔ ﻭﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﻨﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻣﺎ ﺿﺮ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﻋﻤﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ " ﻓﺰﺍﺩ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﺗﺴﻌﻤﺎﺋﺔ ﺑﻌﻴﺮ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﻓﺮﺱ .
ﻭﺟﺎﺀ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺑﻤﺎﺋﺘﻲ ﺃﻭﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺔ ﻭﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺑﻤﺎﻟﻪ ﻛﻠﻪ ﻓﺄﻧﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﻋﻤﺮ ﺑﻨﺼﻒ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻤﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻭﺗﺘﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺬﻝ ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻢ ﻗﻠﻴﻠﻬﺎ ﻭﻛﺜﻴﺮﻫﺎ ﻭﺑﻌﺜﺖ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺎﺕ ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻦ ﻭﺃﺧﺮﺟﻦ ﺃﻋﻀﺎﺩﻫﻦ ﻭﺃﻗﺮﺍﻃﻬﻦ ﻭﺧﻮﺍﺗﻴﻤﻬﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﺮﺽ ﻓﻠﻢ ﻳﺄﺗﻮﺍ ﺑﺸﻲﺀ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮﻥ ﻣﻤﻦ ﺷﺎﺭﻙ ﻭﺗﺼﺪﻕ ﻓﻤﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻤﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺇﻻ ﺭﻳﺎﺀ ﻭﺳﻤﻌﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻤﺎﻝ ﻗﻠﻴﻞ ﻫﻤﺰﻭﻩ ﻭﻟﻤﺰﻭﻩ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻏﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻠْﻤِﺰُﻭﻥَ ﺍﻟْﻤُﻄَّﻮِّﻋِﻴﻦَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼَّﺪَﻗَﺎﺕِ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳَﺠِﺪُﻭﻥَ ﺇِﻟَّﺎ ﺟُﻬْﺪَﻫُﻢْ ﻓَﻴَﺴْﺨَﺮُﻭﻥَ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺳَﺨِﺮَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻬُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏٌ ﺃَﻟِﻴﻢٌ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 79 ] .
ﺗﺠﻬﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭﺧﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﺄﺭﺍﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺮﺩﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : " ﺃﻻ ﺗﺮﺿﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ."
ﻓﻐﻤﺺ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻳﺒﺜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺭﺍﺟﻴﻒ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺭﺩّ ﻋﻠﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻧﻈﺮﺍً ﻟﻘﺮﺍﺑﺘﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺒﻼﺑﻞ ﻭﺍﻷﺭﺍﺟﻴﻒ ﻭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﻤﻞ ﻭﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﺧﺎﻓﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻷﺳﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻛﺜﺮﺗﻬﻢ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺜﺒﻄﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻳﻮﻫﻨﻮﻥ ﻋﺰﺍﺋﻤﻬﻢ ﻭﻳﺒﺜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻔﺰﻉ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﻏﺪﺍً ﺳﻨﺮﺍﻛﻢ ﻣﻘﻴﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻼﺳﻞ ﻭﻧﺴﻤﻊ ﺃﺧﺒﺎﺭﻛﻢ ﺑﺄﻧﻜﻢ ﺃﺳﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾٍ : ﺃﺗﺤﺴﺒﻮﻥ ﺟﻼﺩ ﺑﻨﻲ ﺍﻷﺻﻔﺮ، ﻛﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑَﻌﻀِﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪِ ﻟﻜﺄﻧَّﺎ ﺑﻜﻢ ﻏﺪًﺍ ﻣﻘﺮَّﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤِﺒﺎﻝ، ﺇﺭﺟﺎﻓًﺎ ﻭﺗﺮﻫﻴﺒًﺎ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﴿ ﺇِﻥْ ﺗُﺼِﺒْﻚَ ﺣَﺴَﻨَﺔٌ ﺗَﺴُﺆْﻫُﻢْ ﻭَﺇِﻥْ ﺗُﺼِﺒْﻚَ ﻣُﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﺪْ ﺃَﺧَﺬْﻧَﺎ ﺃَﻣْﺮَﻧَﺎ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻭَﻳَﺘَﻮَﻟَّﻮْﺍ ﻭَﻫُﻢْ ﻓَﺮِﺣُﻮﻥَ * ﻗُﻞْ ﻟَﻦْ ﻳُﺼِﻴﺒَﻨَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﺎ ﻛَﺘَﺐَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﻨَﺎ ﻫُﻮَ ﻣَﻮْﻟَﺎﻧَﺎ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻠْﻴَﺘَﻮَﻛَّﻞِ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﴾ .
ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻟَﻮْ ﺧَﺮَﺟُﻮﺍ ﻓِﻴﻜُﻢْ ﻣَﺎ ﺯَﺍﺩُﻭﻛُﻢْ ﺇِﻟَّﺎ ﺧَﺒَﺎﻟًﺎ ﻭَﻟَﺄَﻭْﺿَﻌُﻮﺍ ﺧِﻠَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻳَﺒْﻐُﻮﻧَﻜُﻢُ ﺍﻟْﻔِﺘْﻨَﺔَ ﻭَﻓِﻴﻜُﻢْ ﺳَﻤَّﺎﻋُﻮﻥَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠِﻴﻢٌ ﺑِﺎﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ * ﻟَﻘَﺪِ ﺍﺑْﺘَﻐَﻮُﺍ ﺍﻟْﻔِﺘْﻨَﺔَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻭَﻗَﻠَّﺒُﻮﺍ ﻟَﻚَ ﺍﻟْﺄُﻣُﻮﺭَ ﺣَﺘَّﻰ ﺟَﺎﺀَ ﺍﻟْﺤَﻖُّ ﻭَﻇَﻬَﺮَ ﺃَﻣْﺮُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻫُﻢْ ﻛَﺎﺭِﻫُﻮﻥَ ﴾ .
ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺠﺪ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎً ﻓﺎﻋﺘﺬﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻔﺘﻨﻪ ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﻡ – ﻧﺴﺎﺀ ﺑﻨﻲ ﺍﻷﺻﻔﺮ – ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺋﺬﻥ ﻟﻲ ﻭﻻ ﺗﻔﺘﻨﻲ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﴿ ﻭَﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﺍﺋْﺬَﻥْ ﻟِﻲ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻔْﺘِﻨِّﻲ ﺃَﻟَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻔِﺘْﻨَﺔِ ﺳَﻘَﻄُﻮﺍ ﻭَﺇِﻥَّ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻟَﻤُﺤِﻴﻄَﺔٌ ﺑِﺎﻟْﻜَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ ﴾ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮﻥ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻳﻨﻜﺘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ " ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﻗﺮﺍﺋﻨﺎ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﺭﻏﺐ ﺑﻄﻮﻧﺎ، ﻭﺃﻛﺬﺏ ﺃﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺃﺟﺒﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻘﺎﻟﺘﻬﻢ ﻭﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺧﺒﺮﻫﻢ ﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻬﺰﻝ ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺠﺪ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻭَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﻬُﻢْ ﻟَﻴَﻘُﻮﻟُﻦَّ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺨُﻮﺽُ ﻭَﻧَﻠْﻌَﺐُ ﻗُﻞْ ﺃَﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺁﻳَﺎﺗِﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺗَﺴْﺘَﻬْﺰِﺋُﻮﻥَ * ﻟَﺎ ﺗَﻌْﺘَﺬِﺭُﻭﺍ ﻗَﺪْ ﻛَﻔَﺮْﺗُﻢْ ﺑَﻌْﺪَ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻜُﻢْ ﴾ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﺭ ﺑﺎﻟﺤﺮ ﻭﺭﺿﻲ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺿﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻓَﺮِﺡَ ﺍﻟْﻤُﺨَﻠَّﻔُﻮﻥَ ﺑِﻤَﻘْﻌَﺪِﻫِﻢْ ﺧِﻠَﺎﻑَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻛَﺮِﻫُﻮﺍ ﺃَﻥْ ﻳُﺠَﺎﻫِﺪُﻭﺍ ﺑِﺄَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﻭَﺃَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗَﻨْﻔِﺮُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺤَﺮِّ ﻗُﻞْ ﻧَﺎﺭُ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﺃَﺷَﺪُّ ﺣَﺮًّﺍ ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻔْﻘَﻬُﻮﻥَ * ﻓَﻠْﻴَﻀْﺤَﻜُﻮﺍ ﻗَﻠِﻴﻠًﺎ ﻭَﻟْﻴَﺒْﻜُﻮﺍ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﺟَﺰَﺍﺀً ﺑِﻤَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻜْﺴِﺒُﻮﻥَ ﴾ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﻌْﺠِﺒْﻚَ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟُﻬُﻢْ ﻭَﺃَﻭْﻟَﺎﺩُﻫُﻢْ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺃَﻥْ ﻳُﻌَﺬِّﺑَﻬُﻢْ ﺑِﻬَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺗَﺰْﻫَﻖَ ﺃَﻧْﻔُﺴُﻬُﻢْ ﻭَﻫُﻢْ ﻛَﺎﻓِﺮُﻭﻥَ ﴾ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻨﻬﻢ : ﴿ ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﺮَﺿًﺎ ﻗَﺮِﻳﺒًﺎ ﻭَﺳَﻔَﺮًﺍ ﻗَﺎﺻِﺪًﺍ –﴾ ﺃﻱ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً - ﴿ ﻟَﺎﺗَّﺒَﻌُﻮﻙَ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺑَﻌُﺪَﺕْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﺍﻟﺸُّﻘَّﺔُ ﴾ – ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ - ﴿ ﻭَﺳَﻴَﺤْﻠِﻔُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﴾ – ﻳﺤﻠﻔﻮﻥ ﻛﺬﺑﺎً ﻭﻧﻔﺎﻗﺎً - ﴿ ﻟَﻮِ ﺍﺳْﺘَﻄَﻌْﻨَﺎ ﻟَﺨَﺮَﺟْﻨَﺎ ﻣَﻌَﻜُﻢْ ﻳُﻬْﻠِﻜُﻮﻥَ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﴾ – ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻭﺍﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ - ﴿ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳَﻌْﻠَﻢُ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻟَﻜَﺎﺫِﺑُﻮﻥَ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 42 ] ﻭﻗﺎﻝ : ﴿ ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﺭَﺍﺩُﻭﺍ ﺍﻟْﺨُﺮُﻭﺝَ ﻟَﺄَﻋَﺪُّﻭﺍ ﻟَﻪُ ﻋُﺪَّﺓً ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻛَﺮِﻩَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻧْﺒِﻌَﺎﺛَﻬُﻢْ ﻓَﺜَﺒَّﻄَﻬُﻢْ ﻭَﻗِﻴﻞَ ﺍﻗْﻌُﺪُﻭﺍ ﻣَﻊَ ﺍﻟْﻘَﺎﻋِﺪِﻳﻦَ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 46 ] .
ﻓﻼﻣﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻌﻮﺩﻫﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰﺓ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻋﺪﻡ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﻫﺠﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺟﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﺁﺛﺮﻭﺍ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﺔ ﺛﻢ ﺗﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺎﺑﻮﺍ ﻭﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺜَّﻠَﺎﺛَﺔِ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺧُﻠِّﻔُﻮﺍ ﺣَﺘَّﻰ ﺇِﺫَﺍ ﺿَﺎﻗَﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽُ ﺑِﻤَﺎ ﺭَﺣُﺒَﺖْ ﻭَﺿَﺎﻗَﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺃَﻧْﻔُﺴُﻬُﻢْ ﻭَﻇَﻨُّﻮﺍ ﺃَﻥْ ﻟَﺎ ﻣَﻠْﺠَﺄَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻟَّﺎ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺛُﻢَّ ﺗَﺎﺏَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﻟِﻴَﺘُﻮﺑُﻮﺍ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻫُﻮَ ﺍﻟﺘَّﻮَّﺍﺏُ ﺍﻟﺮَّﺣِﻴﻢُ ﴾ [ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 118 ] .
ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ ﻓﻲ ﺟﻴﺶ ﻋﺮﻣﺮﻡ ﺑﻠﻎ ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ﻣﺜﻠﻪ ﻗﻂ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﺭﺟﻼً ﻳﺘﻌﻘﺒﻮﻥ ﺑﻌﻴﺮﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﺆﻧﺔ ﻓﺄﻛﻠﻮﺍ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺸﺠﺮ ﻭﻧﻔﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﺎﺿﻄﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺫﺑﺢ ﺑﻌﻴﺮ ﻣﻊ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﺸﺮﺑﻮﺍ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺮﺷﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻌﺴﺮﺓ ﴿ ﻟَﻘَﺪْ ﺗَﺎﺏَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻭَﺍﻟْﻤُﻬَﺎﺟِﺮِﻱﻥَ ﻭَﺍﻟْﺄَﻧْﺼَﺎﺭِ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﺗَّﺒَﻌُﻮﻩُ ﻓِﻲ ﺳَﺎﻋَﺔِ ﺍﻟْﻌُﺴْﺮَﺓِ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﻛَﺎﺩَ ﻳَﺰِﻳﻎُ ﻗُﻠُﻮﺏُ ﻓَﺮِﻳﻖٍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺛُﻢَّ ﺗَﺎﺏَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺇِﻧَّﻪُ ﺑِﻬِﻢْ ﺭَﺀُﻭﻑٌ ﺭَﺣِﻴﻢٌ ﴾ .
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﺠﻬﺰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻪ ﻓﻄﻠﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻬﺰﻫﻢ ﻟﻴﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﺃﺟﺪ ﻣﺎ ﺃﺣﻤﻠﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺄﺧﺬﻭﺍ ﻳﻨﻮﺣﻮﻥ ﻭﻳﺒﻜﻮﻥ ﺷﻮﻗﺎً ﻟﻠﺬﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ : ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﻣَﺎ ﺃَﺗَﻮْﻙَ ﻟِﺘَﺤْﻤِﻠَﻬُﻢْ ﻗُﻠْﺖَ ﻟَﺎ ﺃَﺟِﺪُ ﻣَﺎ ﺃَﺣْﻤِﻠُﻜُﻢْ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺗَﻮَﻟَّﻮْﺍ ﻭَﺃَﻋْﻴُﻨُﻬُﻢْ ﺗَﻔِﻴﺾُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺪَّﻣْﻊِ ﺣَﺰَﻧًﺎ ﺃَﻟَّﺎ ﻳَﺠِﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻳُﻨْﻔِﻘُﻮﻥَ ﴾ .
ﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺟَﻬﺪ ﺟﻬﻴﺪ ﻭﺑﻼﺀ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﻇﻤﺄ ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺩ ﻳﺴﻤﻰ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻘﺮﻯ – ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﺎﺭ ﺛﻤﻮﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ – ﻓﺎﺳﺘﻘﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺁﺑﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻫﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﻻ ﺗﺸﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺘﻮﺿﺌﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺠﻴﻦ ﻋﺠﻨﺘﻤﻮﻩ ﻓﺎﻋﻠﻔﻮﻩ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﻻ ﺗﺄﻛﻠﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﻻ ﺗﺪﺧﻠﻮﺍ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺒﻜﻢ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻬﻢ ﻭﻗﻨﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺃﺳﺮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻲ ﺣﺘﻰ ﺍﺟﺘﺎﺯ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ
ﻓﻨﻔّﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺳﻜﺒﻮﺍ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻇﻤﺄ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺣﺮ ﻗﺎﺗﻞ ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﺪ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﻭﺍﺣﺘﺎﺟﻮﺍ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﻓﺎﺷﺘﻜﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺪﻋﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻓﺄﻣﻄﺮﺕ ﺣﺘﻰ ﺍﺭﺗﻮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺣﻤﻠﻮﺍ ﻣﻌﻬﻢ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺠﻤﻌﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﻭﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺟﻤﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻭﺗﺄﺧﻴﺮ .
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ – ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ – ﻓﻘﺎﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺨﻄﺒﻬﻢ ﺧﻄﺒﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﺣﻈﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺣﺬﺭ ﻭﺃﻧﺬﺭ ﻭﺑﺸﺮ ﻭﺃﺑﺸﺮ ﻭﺭﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻭﺟﺒﺮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻭﺍﻟﺨﻠﻞ ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻭﺍﻟﻤﺌﻮﻧﺔ .
ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﺑﻮﺻﻮﻝ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻮﻙ ﻭﺯﺣﻔﻪ ﻧﺤﻮﻫﻢ ﺃﺧﺬﻫﻢ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻓﺨﺎﻓﻮﺍ ﻭﺗﻔﺮﻗﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺘﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺮﻭﻡ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺃﻳﻘﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻴﺎﺩﻫﻢ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻟﻦ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻨﺤﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﻭﻫﻨﺎ ﺭﺟﻊ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﺰﺯﺍً ﻣﻨﺼﻮﺭﺍً ﻟﻢ ﻳﻨﻞ ﻛﻴﺪﺍً ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﻗﺘﺎﻻً ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻭﻗﻌﺖ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﺧﻄﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺩﺑﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﺘﻚ ﺑﻪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﺮﺑﺼﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﻳﺘﺤﻴﻨﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﻳﺘﺮﻗﺒﻮﻥ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻮﺣﺪﻩ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﺣﺪ .
ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻪ ﻏﻴﺮ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﻳﻘﻮﺩ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﻭﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ ﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﺍﻧﺘﻬﺰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﺟﺎﺀﻭﺍ ﻭﻫﻢ ﻣﺘﻠﺜﻤﻮﻥ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﺭﻋﺒﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﺸﻒ ﺧﻄﺘﻬﻢ ﻭﻋﺮﻓﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺳﻤﻰ ﻟﺤﺬﻳﻔﺔ ﺃﺳﻤﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ﻳَﺤْﻠِﻔُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻛَﻠِﻤَﺔَ ﺍﻟْﻜُﻔْﺮِ ﻭَﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﺑَﻌْﺪَ ﺇِﺳْﻠَﺎﻣِﻬِﻢْ ﻭَﻫَﻤُّﻮﺍ ﺑِﻤَﺎ ﻟَﻢْ ﻳَﻨَﺎﻟُﻮﺍ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﻘَﻤُﻮﺍ ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﺃَﻏْﻨَﺎﻫُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟُﻪُ ﻣِﻦْ ﻓَﻀْﻠِﻪِ ﻓَﺈِﻥْ ﻳَﺘُﻮﺑُﻮﺍ ﻳَﻚُ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺘَﻮَﻟَّﻮْﺍ ﻳُﻌَﺬِّﺑْﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﺬَﺍﺑًﺎ ﺃَﻟِﻴﻤًﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻭَﻣَﺎ ﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻣِﻦْ ﻭَﻟِﻲٍّ ﻭَﻟَﺎ ﻧَﺼِﻴﺮٍ ﴾ .
ﺭﺟﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻳﻮﻣﺎً ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺒﻮﻙ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻻً ﺣﺎﻓﻼً ﻭﻓﺮﺣﻮﺍ ﺑﻘﺪﻭﻣﻬﻢ ﻭﺭﺟﻮﻋﻬﻢ ﻭﺧﺮﺝ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻳﺮﺣﺒﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﺑﺤﻔﺎﻭﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻗﺎﻝ : " ﻫﺬﻩ ﻃﺎﺑﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ، ﺟﺒﻞ ﻳﺤﺒﻨﺎ ﻭﻧﺤﺒﻪ ."
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺗﺬﻛﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺼﺤﺎﺑﺔ : " ﺇﻥ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﺎ ﺳﺮﺗﻢ ﻣﺴﻴﺮﺍ، ﻭﻻ ﻗﻄﻌﺘﻢ ﻭﺍﺩﻳﺎ ﺇﻻ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻌﻜﻢ، ﺣﺒﺴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭ " ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ؟ ﻗﺎﻝ : ﻭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰﻭﺓ ﺗﺒﻮﻙ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺮﺏ ﻭﻻ ﻗﺘﺎﻝ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﺑﺎً ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻛﺸﻔﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﺯﻳﻔﻬﻢ ﻭﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺑﻠﺒﻠﺘﻬﻢ ﻭﺍﻧﻜﺸﻒ ﺇﺭﺟﺎﻓﻬﻢ ﻭﺧﺒﺜﻬﻢ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺧﻮﺭﻫﻢ ﻭﺟﺒﻨﻬﻢ ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻘﻂ ﻟﻬﺪﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺷﻖ ﻋﺼﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﺍﺳﺘﻐﻠﻮﺍ ﻓﺮﺻﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺒﻨﻮﺍ ﻟﻬﻢ ﻣﺴﺠﺪﺍً ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺘﻌﻠﻠﻴﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﺑﻨﻮﻩ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺷﻖ ﺍﻟﺼﻒ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻭﻛﺮﺍً ﻭﻣﻘﺮﺍً ﻟﻠﺪﺳﺎﺋﺲ ﻭﺍﻟﻤﺆﺍﻣﺮﺍﺕ .
ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﻪ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﴿ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﺗَّﺨَﺬُﻭﺍ ﻣَﺴْﺠِﺪًﺍ ﺿِﺮَﺍﺭًﺍ ﻭَﻛُﻔْﺮًﺍ ﻭَﺗَﻔْﺮِﻳﻘًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻭَﺇِﺭْﺻَﺎﺩًﺍ ﻟِﻤَﻦْ ﺣَﺎﺭَﺏَ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻭَﻟَﻴَﺤْﻠِﻔُﻦَّ ﺇِﻥْ ﺃَﺭَﺩْﻧَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟْﺤُﺴْﻨَﻰ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳَﺸْﻬَﺪُ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻟَﻜَﺎﺫِﺑُﻮﻥَ * ﻟَﺎ ﺗَﻘُﻢْ ﻓِﻴﻪِ ﺃَﺑَﺪًﺍ ﻟَﻤَﺴْﺠِﺪٌ ﺃُﺳِّﺲَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺘَّﻘْﻮَﻯ ﻣِﻦْ ﺃَﻭَّﻝِ ﻳَﻮْﻡٍ ﺃَﺣَﻖُّ ﺃَﻥْ ﺗَﻘُﻮﻡَ ﻓِﻴﻪِ ﻓِﻴﻪِ ﺭِﺟَﺎﻝٌ ﻳُﺤِﺒُّﻮﻥَ ﺃَﻥْ ﻳَﺘَﻄَﻬَّﺮُﻭﺍ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﻄَّﻬِّﺮِﻳﻦَ ﴾ ﴿ ﻟَﺎ ﻳَﺰَﺍﻝُ ﺑُﻨْﻴَﺎﻧُﻬُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺑَﻨَﻮْﺍ ﺭِﻳﺒَﺔً ﻓِﻲ ﻗُﻠُﻮﺑِﻬِﻢْ ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﺗَﻘَﻄَّﻊَ ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠِﻴﻢٌ ﺣَﻜِﻴﻢٌ ﴾ ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻬﺪﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﺇﺣﺮﺍﻗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ
مواضيع مماثلة
» ﻣﻨﺎﻇﻴﺮ ﺯﻫﻴﺮ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ _ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻻﻭﻫﺎﻡ
» ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻏﺰﻭﺓ ﺃﺣﺪ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ
» ﺍﻟﻤﻮﺍﻛﺐ : ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ : ﻧﻌﻴﺶ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻃﻮﺍﺭﺉ ﻭﺳﻨﺮﻓﻊ ﺍﻟﺪﻋﻢ
» ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺧﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﻋﺪﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺘﻞ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ﻓﻨﺬﺭﺕ ﺯﻭﺟﺔ ﺍﺣﺪﻫﻢ ﺍﻥ ﺗﺸﺮﺏ
» ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻏﺰﻭﺓ ﺃﺣﺪ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ
» ﺍﻟﻤﻮﺍﻛﺐ : ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ : ﻧﻌﻴﺶ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻃﻮﺍﺭﺉ ﻭﺳﻨﺮﻓﻊ ﺍﻟﺪﻋﻢ
» ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺧﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﻋﺪﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺘﻞ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ﻓﻨﺬﺭﺕ ﺯﻭﺟﺔ ﺍﺣﺪﻫﻢ ﺍﻥ ﺗﺸﺮﺏ
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق