بحـث
المواضيع الأخيرة
» افضل شركة شراء مكيفات مستعملة بالكويتمن طرف omnia اليوم في 15:25
» شراء اثاث مستعمل الجهراء بافضل الاسعار
من طرف omnia اليوم في 15:13
» افضل شركة شراء اثاث مستعمل الاحمدي
من طرف omnia اليوم في 15:01
» شركة شراء اثاث مستعمل مبارك الكبير بافضل الاسعار
من طرف omnia اليوم في 14:50
» افضل موقع تصميم وتفصيل خيام
من طرف omnia اليوم في 14:39
» تنظيف فلل و قصور بالرياض بأفضل الاسعار-اطلب مهني
من طرف omnia اليوم في 14:26
» شركة تنظيف اثاث بالرياض-خصم 20%-اطلب مهني
من طرف omnia اليوم في 14:15
» افضل شركة شراء مكيفات مستعملة الرياض
من طرف omnia اليوم في 14:04
» شركة تنظيف اثاث بالرياض - خصم 30% - اطلب مهني
من طرف omnia اليوم في 13:45
» شركة شراء اثاث مستعمل بالرياض -خصم 20 %-اطلب مهني
من طرف omnia اليوم في 13:34
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 26 ] ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 26 ] ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺢ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻭﺯﻥ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ، ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺰﻭﻝ ﻭﻳﻀﻤﺤﻞ .
ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؛ ﻛﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ، ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﻀﻼﻝ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ .
ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺃَﻧﺰَﻝَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻣَﺎﺀً ﻓَﺴَﺎﻟَﺖْ ﺃَﻭْﺩِﻳَﺔٌ ﺑِﻘَﺪَﺭِﻫَﺎ ﻓَﺎﺣْﺘَﻤَﻞَ ﺍﻟﺴَّﻴْﻞُ ﺯَﺑَﺪًﺍ ﺭَّﺍﺑِﻴًﺎ ۚ ﻭَﻣِﻤَّﺎ ﻳُﻮﻗِﺪُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﺍﺑْﺘِﻐَﺎﺀَ ﺣِﻠْﻴَﺔٍ ﺃَﻭْ ﻣَﺘَﺎﻉٍ ﺯَﺑَﺪٌ ﻣِّﺜْﻠُﻪُ ۚ ﻛَﺬَٰﻟِﻚَ ﻳَﻀْﺮِﺏُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟْﺤَﻖَّ ﻭَﺍﻟْﺒَﺎﻃِﻞَ ۚ ﻓَﺄَﻣَّﺎ ﺍﻟﺰَّﺑَﺪُ ﻓَﻴَﺬْﻫَﺐُ ﺟُﻔَﺎﺀً ۖ ﻭَﺃَﻣَّﺎ ﻣَﺎ ﻳَﻨﻔَﻊُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻓَﻴَﻤْﻜُﺚُ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ۚ ﻛَﺬَٰﻟِﻚَ ﻳَﻀْﺮِﺏُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟْﺄَﻣْﺜَﺎﻝَ { [ ﺍﻟﺮﻋﺪ 17: ] .
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺢ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻭﺯﻥ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ، ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺰﻭﻝ ﻭﻳﻀﻤﺤﻞ .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻣﺜﻠﻴﻦ ﺣﺴﻴَّﻴﻦ، ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﺳﺮ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺰﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺼﻠﺔ؛ ﻓﺎﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺃَﻧﺰَﻝَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻣَﺎﺀً ﻓَﺴَﺎﻟَﺖْ ﺃَﻭْﺩِﻳَﺔٌ ﺑِﻘَﺪَﺭِﻫَﺎ ﻓَﺎﺣْﺘَﻤَﻞَ ﺍﻟﺴَّﻴْﻞُ ﺯَﺑَﺪًﺍ ﺭَّﺍﺑِﻴًﺎ { ﻣﻀﺮﻭﺏ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻨـﺰﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻓﻴﺘﺪﻓﻖ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻴﻤﻸ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺳﻴﻮﻻً ﺟﺎﺭﻓﺔ، ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺼﺎﺩﻓﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺶ ﻭﺍﻟﻮﺭﻕ ﻭﺍﻟﻔﻀﻼﺕ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .
ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﺭﻓﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﺭﻏﻮﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻓﻘﺎﻋﺎﺕ، ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺷﻜﻠﻬﺎ، ﻭﻳﻨﻄﻔﺊ ﻟﻮﻧﻬﺎ . ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻓﺪ ﺍﻷﻧﻬﺎﺭ، ﻭﻳﻐﺬﻱ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ، ﻭﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻓﻴﺤﻞُّ ﺍﻟﺨﺼﺐ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺠﺪﺏ، ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﺤﻂ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺢ .
ﻭﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻭَﻣِﻤَّﺎ ﻳُﻮﻗِﺪُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﺍﺑْﺘِﻐَﺎﺀَ ﺣِﻠْﻴَﺔٍ ﺃَﻭْ ﻣَﺘَﺎﻉٍ ﺯَﺑَﺪٌ ﻣِّﺜْﻠُﻪُ { ﺿﺮﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻠﻨﺎﺭ ﺍﻟﺤﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺑﺄﻧﻮﺍﻋﻬﺎ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ، ﺑﻘﺼﺪ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺷﻮﺍﺋﺒﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺧﺒﺚ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﻃﺒﻘﺔ ﺳﺎﺋﻠﺔ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮﻏﻮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺗﻀﻤﺤﻞ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻴﺼﻨﻌﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺃﺩﻭﺍﺗﻬﻢ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﺀ ﺣﻮﺍﺋﺠﻬﻢ .
ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؛ ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ، ﻭﻳﻌﻠﻮ، ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺠﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺮﻏﻮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﻞ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﻤﺬﺍﺏ، ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ ﻭﺗﻐﻴﺐ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ . ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺇﻥ ﺑﺪﺍ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻧﺰﻭﻯ ﺃﻭ ﻏﺎﺏ ﺃﻭ ﺿﺎﻉ ﺃﻭ ﻣﺎﺕ، ﻟﻜﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻴﻰ ﺑﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﺣﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺘﺎﻋﺎً .
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ - ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ - ﻭﺟﻬﺎً ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ، ﺫﻛﺮﻩ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻌﺜﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ﻭﺭﺳﻠﻪ ﻭﺩﻋﺎﺗﻪ، ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻪ ﺣﻈﻬﻢ، ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻴﺴﺮﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ، ﻭﻳﻮﻓﻘﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ .
ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ - ﺑﺤﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ - ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ : ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ، ﻭﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ، ﻭﺳﻴﻼﻥ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﺑﻘﺪﺭﻫﺎ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺣﻆ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻝ ﻭﺗﻠﻘﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻟﺰﺑﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﺑﺎﻃﻴﻞ ﻭﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺎﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻣﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺍﻟﺴﻴﻞ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﻨﻘﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺴﻨﻴﻦ؛ ﻷﻥ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ - ﻭﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ - ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﻞ ﺍﻟﺠﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﻤﺬﺍﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺯﺑﺪﻫﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻛﺘﺮﺍﺙ ﻭﻻ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻷﺑﺎﻃﻴﻞ ﻭﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﺗﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﺗﺘﻼﺷﻰ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻊ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﻏﻴﺮﻩ .
ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﺿﺮﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﺣﺘﻤﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻳﻘﻴﻨﻬﺎ ﻭﺷﻜﻬﺎ . ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺸﻚ ﻓﻼ ﻳﻨﻔﻊ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻓﻴﻨﻔﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻓَﺄَﻣَّﺎ ﺍﻟﺰَّﺑَﺪُ ﻓَﻴَﺬْﻫَﺐُ ﺟُﻔَﺎﺀً { ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﻚ، } ﻭَﺃَﻣَّﺎ ﻣَﺎ ﻳَﻨﻔَﻊُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻓَﻴَﻤْﻜُﺚُ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ { ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺧﺎﻟﺼﺔ، ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺧﺒﺜﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ . ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺸﻚ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺟﺎﺀ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺑﻌﺜﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﻐﻴﺚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﺃﺻﺎﺏ ﺃﺭﺿﺎً ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻘﻴﺔ ﻗﺒﻠﺖ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﺄﻧﺒﺘﺖ ﺍﻟﻜﻸ ﻭﺍﻟﻌﺸﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺟﺎﺩﺏ ﺃﻣﺴﻜﺖ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﻨﻔﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺸﺮﺑﻮﺍ ﻭﺳﻘﻮﺍ ﻭﺯﺭﻋﻮﺍ، ﻭﺃﺻﺎﺑﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻗﻴﻌﺎﻥ، ﻻ ﺗﻤﺴﻚ ﻣﺎﺀ ﻭﻻ ﺗﻨﺒﺖ ﻛﻸ، ﻓﺬﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﻓﻲ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻧﻔﻌﻪ ﻣﺎ ﺑﻌﺜﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ، ﻓﻌﻠﻢ ﻭﻋﻠﻢ، ﻭﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺃﺳﺎً، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﻫﺪﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺑﻪ » ( ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ) .
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﻣﻮﺭ :
ﺃﻭﻟﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻨﺘﺼﺮ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ؛ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﺯﺍﺋﻞ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﻤﺴﻜﺎً ﺑﺎﻟﺮﺍﻳﺔ ﻭﺭﺍﻓﻌﺎً ﻟﻬﺎ .
ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﻳﺬﻫﺐ ﻭﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺷﻴﺌﺎً .
ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻳﻐﻨﻴﺎ ﻭﻟﻦ ﻳﻐﻨﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﺷﻴﺌﺎً .
ﺃﺧﻴﺮﺍً، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : " ﺇﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻘﻪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﺜﻠﻴﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺪﺑﺮﻫﻤﺎ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﻤﺎ ."
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻒ : " ﻛﻨﺖ ﺇﺫﺍ ﻗﺮﺃﺕ ﻣﺜﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻠﻢ ﺃﻓﻬﻤﻪ، ﺑﻜﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ : } ﻭَﻣَﺎ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻬَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟْﻌَﺎﻟِﻤُﻮﻥَ { [ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺔ
ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؛ ﻛﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ، ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﻀﻼﻝ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ .
ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺃَﻧﺰَﻝَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻣَﺎﺀً ﻓَﺴَﺎﻟَﺖْ ﺃَﻭْﺩِﻳَﺔٌ ﺑِﻘَﺪَﺭِﻫَﺎ ﻓَﺎﺣْﺘَﻤَﻞَ ﺍﻟﺴَّﻴْﻞُ ﺯَﺑَﺪًﺍ ﺭَّﺍﺑِﻴًﺎ ۚ ﻭَﻣِﻤَّﺎ ﻳُﻮﻗِﺪُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﺍﺑْﺘِﻐَﺎﺀَ ﺣِﻠْﻴَﺔٍ ﺃَﻭْ ﻣَﺘَﺎﻉٍ ﺯَﺑَﺪٌ ﻣِّﺜْﻠُﻪُ ۚ ﻛَﺬَٰﻟِﻚَ ﻳَﻀْﺮِﺏُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟْﺤَﻖَّ ﻭَﺍﻟْﺒَﺎﻃِﻞَ ۚ ﻓَﺄَﻣَّﺎ ﺍﻟﺰَّﺑَﺪُ ﻓَﻴَﺬْﻫَﺐُ ﺟُﻔَﺎﺀً ۖ ﻭَﺃَﻣَّﺎ ﻣَﺎ ﻳَﻨﻔَﻊُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻓَﻴَﻤْﻜُﺚُ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ۚ ﻛَﺬَٰﻟِﻚَ ﻳَﻀْﺮِﺏُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟْﺄَﻣْﺜَﺎﻝَ { [ ﺍﻟﺮﻋﺪ 17: ] .
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺢ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻭﺯﻥ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ، ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺰﻭﻝ ﻭﻳﻀﻤﺤﻞ .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻣﺜﻠﻴﻦ ﺣﺴﻴَّﻴﻦ، ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﻓﻜﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﺳﺮ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺰﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺼﻠﺔ؛ ﻓﺎﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺃَﻧﺰَﻝَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻣَﺎﺀً ﻓَﺴَﺎﻟَﺖْ ﺃَﻭْﺩِﻳَﺔٌ ﺑِﻘَﺪَﺭِﻫَﺎ ﻓَﺎﺣْﺘَﻤَﻞَ ﺍﻟﺴَّﻴْﻞُ ﺯَﺑَﺪًﺍ ﺭَّﺍﺑِﻴًﺎ { ﻣﻀﺮﻭﺏ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻨـﺰﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻓﻴﺘﺪﻓﻖ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻴﻤﻸ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺳﻴﻮﻻً ﺟﺎﺭﻓﺔ، ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺼﺎﺩﻓﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺶ ﻭﺍﻟﻮﺭﻕ ﻭﺍﻟﻔﻀﻼﺕ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .
ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﺭﻓﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﺭﻏﻮﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻓﻘﺎﻋﺎﺕ، ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺷﻜﻠﻬﺎ، ﻭﻳﻨﻄﻔﺊ ﻟﻮﻧﻬﺎ . ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻓﺪ ﺍﻷﻧﻬﺎﺭ، ﻭﻳﻐﺬﻱ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ، ﻭﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻓﻴﺤﻞُّ ﺍﻟﺨﺼﺐ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺠﺪﺏ، ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﺤﻂ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺢ .
ﻭﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻭَﻣِﻤَّﺎ ﻳُﻮﻗِﺪُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﺍﺑْﺘِﻐَﺎﺀَ ﺣِﻠْﻴَﺔٍ ﺃَﻭْ ﻣَﺘَﺎﻉٍ ﺯَﺑَﺪٌ ﻣِّﺜْﻠُﻪُ { ﺿﺮﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻠﻨﺎﺭ ﺍﻟﺤﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺑﺄﻧﻮﺍﻋﻬﺎ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ، ﺑﻘﺼﺪ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺷﻮﺍﺋﺒﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺧﺒﺚ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﻃﺒﻘﺔ ﺳﺎﺋﻠﺔ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮﻏﻮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺗﻀﻤﺤﻞ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻴﺼﻨﻌﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺃﺩﻭﺍﺗﻬﻢ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﺀ ﺣﻮﺍﺋﺠﻬﻢ .
ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؛ ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ، ﻭﻳﻌﻠﻮ، ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺠﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺮﻏﻮﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﻞ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﻤﺬﺍﺏ، ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ ﻭﺗﻐﻴﺐ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ . ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺇﻥ ﺑﺪﺍ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻧﺰﻭﻯ ﺃﻭ ﻏﺎﺏ ﺃﻭ ﺿﺎﻉ ﺃﻭ ﻣﺎﺕ، ﻟﻜﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻴﻰ ﺑﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﺣﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺘﺎﻋﺎً .
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ - ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ - ﻭﺟﻬﺎً ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ، ﺫﻛﺮﻩ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻌﺜﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ﻭﺭﺳﻠﻪ ﻭﺩﻋﺎﺗﻪ، ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻪ ﺣﻈﻬﻢ، ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻴﺴﺮﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ، ﻭﻳﻮﻓﻘﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ .
ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ - ﺑﺤﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ - ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ : ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ، ﻭﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ، ﻭﺳﻴﻼﻥ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﺑﻘﺪﺭﻫﺎ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺣﻆ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻝ ﻭﺗﻠﻘﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻟﺰﺑﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﺑﺎﻃﻴﻞ ﻭﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺎﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻣﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺍﻟﺴﻴﻞ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﻨﻘﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺴﻨﻴﻦ؛ ﻷﻥ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ - ﻭﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ - ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﻞ ﺍﻟﺠﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﻤﺬﺍﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺯﺑﺪﻫﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻛﺘﺮﺍﺙ ﻭﻻ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻷﺑﺎﻃﻴﻞ ﻭﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﺗﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﺗﺘﻼﺷﻰ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻊ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﻏﻴﺮﻩ .
ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﺿﺮﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﺣﺘﻤﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻳﻘﻴﻨﻬﺎ ﻭﺷﻜﻬﺎ . ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺸﻚ ﻓﻼ ﻳﻨﻔﻊ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻓﻴﻨﻔﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻓَﺄَﻣَّﺎ ﺍﻟﺰَّﺑَﺪُ ﻓَﻴَﺬْﻫَﺐُ ﺟُﻔَﺎﺀً { ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﻚ، } ﻭَﺃَﻣَّﺎ ﻣَﺎ ﻳَﻨﻔَﻊُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻓَﻴَﻤْﻜُﺚُ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ { ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺧﺎﻟﺼﺔ، ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺧﺒﺜﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ . ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺸﻚ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺟﺎﺀ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺑﻌﺜﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﻐﻴﺚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﺃﺻﺎﺏ ﺃﺭﺿﺎً ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻘﻴﺔ ﻗﺒﻠﺖ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﺄﻧﺒﺘﺖ ﺍﻟﻜﻸ ﻭﺍﻟﻌﺸﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺟﺎﺩﺏ ﺃﻣﺴﻜﺖ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﻨﻔﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺸﺮﺑﻮﺍ ﻭﺳﻘﻮﺍ ﻭﺯﺭﻋﻮﺍ، ﻭﺃﺻﺎﺑﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻗﻴﻌﺎﻥ، ﻻ ﺗﻤﺴﻚ ﻣﺎﺀ ﻭﻻ ﺗﻨﺒﺖ ﻛﻸ، ﻓﺬﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﻓﻲ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻧﻔﻌﻪ ﻣﺎ ﺑﻌﺜﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ، ﻓﻌﻠﻢ ﻭﻋﻠﻢ، ﻭﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺃﺳﺎً، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﻫﺪﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺑﻪ » ( ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ) .
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﻣﻮﺭ :
ﺃﻭﻟﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻨﺘﺼﺮ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ؛ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﺯﺍﺋﻞ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﻤﺴﻜﺎً ﺑﺎﻟﺮﺍﻳﺔ ﻭﺭﺍﻓﻌﺎً ﻟﻬﺎ .
ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﻳﺬﻫﺐ ﻭﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺷﻴﺌﺎً .
ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻳﻐﻨﻴﺎ ﻭﻟﻦ ﻳﻐﻨﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﺷﻴﺌﺎً .
ﺃﺧﻴﺮﺍً، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : " ﺇﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻘﻪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﺜﻠﻴﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺪﺑﺮﻫﻤﺎ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﻤﺎ ."
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻒ : " ﻛﻨﺖ ﺇﺫﺍ ﻗﺮﺃﺕ ﻣﺜﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻠﻢ ﺃﻓﻬﻤﻪ، ﺑﻜﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ : } ﻭَﻣَﺎ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻬَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟْﻌَﺎﻟِﻤُﻮﻥَ { [ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺔ
مواضيع مماثلة
» ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 24 ] ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
» ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 25 ] ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
» ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 28 ] ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻳﻮﺟﻬﻪ ﻻ ﻳﺄﺕ ﺑﺨﻴﺮ
» ﺍﻧﺪﻳﺎﺡ - ﺩﺍﻟﻴﺎ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻭﻟﻠﻌﺎﻡ ﻛﺬﻟﻚ ) ﺃﻗﺪﺍﻡ
» ﻳﻮﻓﻨﺘﻮﺱ ﻳﻀﺮﺏ ﺳﺎﻣﺒﺪﻭﺭﻳﺎ ﺑﺮﺑﺎﻋﻴﺔ
» ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 25 ] ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
» ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ - [ 28 ] ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻳﻮﺟﻬﻪ ﻻ ﻳﺄﺕ ﺑﺨﻴﺮ
» ﺍﻧﺪﻳﺎﺡ - ﺩﺍﻟﻴﺎ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻭﻟﻠﻌﺎﻡ ﻛﺬﻟﻚ ) ﺃﻗﺪﺍﻡ
» ﻳﻮﻓﻨﺘﻮﺱ ﻳﻀﺮﺏ ﺳﺎﻣﺒﺪﻭﺭﻳﺎ ﺑﺮﺑﺎﻋﻴﺔ
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق