دورة بعنوان: «أدلة الصيام تفسير وفقه وأحكام».
الدرس الـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منـهج الـدورة:
جمع الأدلة من القرآن والسنة المتعلقة بالصيام وتحليل ألفاظها وبيان معانيها واستنباط أحكامها.

تابع: الآية الثانية:
قال الله عزوجل:﴿ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
[البقرة : 184].

تابع مسائل هذه الآية:
المسألة الرابعة:
أحكام فقهية خاصة بصيام المريض.
لا يُحرَم الأجر من حبسه المرض عن الصيام، والأعمال بالنيات.
وهذا من عظيم رحمة الله بالمريض وسعة فضله
️ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:« إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا».
رواه البخاري.

️ وعن عبدالله بن عمرو- رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ قال:« إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ مِنْ الْعِبَادَةِ ثُمَّ مَرِضَ قِيلَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ: اكْتُبْ لَهُ مِثْلَ عَمَلِهِ إِذَا كَانَ طَلِيقًا حَتَّى أُطْلِقَهُ أَوْ أَكْفِتَهُ إِلَيَّ».
أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح.

ماحكم من تحامل على نفسه فصام وهو مريض؟
صيامه صحيح ومجزئ بالاجماع ، كما نقله الإمام ابن جرير الطبري ،قال- رحمه الله- : إجماع الجميع على أن مريضا لو صام شهر رمضان وهو ممن له الإفطار لمرضه أن صومه ذلك مجزئ عنه ولا قضاء عليه إذا برأ من مرضه بعدة من أيام أخر.
تفسير الطبري (٢/ ١٦٠).
️ونقل الإجماع كذلك:
ابن عبدالبر ، وابن هبيرة ، وابن حزم وغيرهم
: إلا انه يكره له الصوم إذا كان يتضرر به ، وهذا أيضا بالإجماع ، ونقل الإجماع: ابن مفلح في كتابه " الفروع " قال: يكره الصوم وإتمامه لمريض يخاف زيادة مرضه وطوله - ورمز بـ (ع) يعني: مجمع عليها. (٣/ ٢٧).

ونقله المرداوي في " الإنصاف" (٣/ ٢٨٥)، وغيرهما.

أحوال المريض مع صوم شهر رمضان.
للمريض مع صيام شهر رمضان أحوال ثلاتة:
الأول : أن يكون مرضه من الأمراض المزمنة.
فهذا يباح له الفطر وعليه الإطعام إذا كان لا يقدر على الصيام ، وقد نقل العلماء الإجماع على ذلك ومنهم: ابن المنذر ، والنووي ، وابن مفلح وغيرهم.
ويدل عليه:
قول الله عزوجل:﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
وقوله عزوجل:﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.

الثاني: أن يكون مرضه من الأمراض التي يرجى شفاؤه منها. فهذا ينتظر حتى يشفى ثم يقضي بعدد ما أفطر
لقوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ ﴾.
وقد أجمع العلماء على ذلك ،ومنهم:
١- ابن حزم في "مراتب الإجماع"
٢- وابن رُشد في "بداية المجتهد "
٣- وابن قدامة في "المغني" ،وغيرهم

الثالث: أن يمرض في شهر رمضان فيفطر ثم يموت قبل القضاء.
فله حالان:
أن يستمر معه المرض حتى يموت ولم يتمكن من القضاء ،فهذا لا شيء عليه ولا على وليه.
وقد أجمع العلماء على ذلك:
️ قال الإمام الخطابي:
واتفق عامة أهل العلم على أنه إذا أفطر في المرض أو السفر ثم لم يفطر في القضاء حتى مات فإنه لا شيء عليه ولا يجب الإطعام عنه.
معالم السنن (٢/ ١٢٥).

️ ونقل الإجماع:
١- البغوي في " شرح السنة"
٢- والنووي في " المجموع"
٣- وابن قاسم في " حاشية الروض المربع" ، وغيرهم

وصح عن ابن عباس أنه قال -في الرجل المريض في رمضان فلا يزال مريضا حتى يموت-: ليس عليه شيء.
أخرجه عبد الرزاق.

أن يتمكن من القضاء بحصول الشفاء له إلا أنه يفرط فلا يقضي؟
فهذا يُطعم عنه عن كل يوم أفطره مسكينا.
وهذا مذهب الأئمة الأربعة ، وهو قول: عائشة ، وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم.
️ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يعرف لهم في الصحابة مخالف.
شرح العمدة (٢/ ٣٦٤).

️ ونقل عليه الإجماع.
️ قال الإمام النووي:
وأجمعوا أنه لو مات قبل خروج شعبان لزمه الفدية في تركه عن كل يوم مدًا من طعام ، هذا إذا كان تمكن من القضاء فلم يقض.
شرح مسلم (٨/ ٢٧٠).

️ ونقله:
١- الماوردي في "الحاوي الكبير"
٢- وابن تيمية في : "شرح العمدة " وغيرهم.

إذا خاف المريض بصومه التلف فما حكم صيامه؟
الصحيح:أنه يحرم الصوم مع المرض إذا أدى إلى التلف أو الأذى الشديد أو تعطيل عضو من أعضاء البدن ؛ لأن حفظ النفس واجب فيأثم في هذه الحالة ولا يؤجر ؛ لأنه مخالف لقول الله عزوجل : ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ وقوله:﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾
وهذا مذهب المالكية والحنابلة في رواية ورجحه ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (١٦/ ٣٤١)

يتبعه الدرس القادم إن شاء الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من دروس شيخنا: أبي عبد الرحمن رشاد القدسي-حفظه الله-.
من مسجد البر - شارع الأربعين - الحديدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انشر، فالدال على الخير كفاعله.