بحـث
المواضيع الأخيرة
» ما هي الشموع اليابانية؟من طرف doaausef3i أمس في 21:17
» فنى تركيب اثاث ايكيا بالكرتون بخصم 50%
من طرف nadya أمس في 15:47
» افضل شركة نقل عفش حولي بخصم 25% - اتصل الآن
من طرف nadya أمس في 15:22
» شراء اجهزة كهربائية ومفروشات مستعملة بأعلى سعر - الدليل
من طرف nadya أمس في 15:00
» كراتين للبيع حولي والشويخ لحماية اغراضك - الدليل
من طرف nadya أمس في 14:43
» نقل عفش الكويت عمالة امينة تشمل خدمات النقل - الدليل
من طرف nadya أمس في 14:25
» شركة شراء اثاث مستعمل بالرياض -خصم 20 %-اطلب مهني
من طرف omnia أمس في 10:12
» شركة تنظيف اثاث بالرياض - خصم 30% - اطلب مهني
من طرف omnia أمس في 9:52
» شركة باعظيم التجارية
من طرف doaausef3i الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 - 21:37
» شراء اغراض مستعملة بالكويت وغرف نوم باعلى سعر - الدليل
من طرف nadya الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 - 16:09
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍّﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ
﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺣَﻖَّ ﺗُﻘَﺎﺗِﻪِ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻤُﻮﺗُﻦَّ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ)﴾ 1 ) .
﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻻً ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒًﺎ﴾ ( 2 ) .
﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﻮْﻻً ﺳَﺪِﻳﺪًﺍ ( 70 ) ﻳُﺼْﻠِﺢْ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﺫُﻧُﻮﺑَﻜُﻢْ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻄِﻊِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻓَﻘَﺪْ ﻓَﺎﺯَ ﻓَﻮْﺯًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ﴾ ( 3 ) .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ : ﻓﺈﻥ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻬﺪﻱ ﻫﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺷﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﺤﺪﺛﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ ﻭﻛﻞ ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﻣﺪﺍﺭ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ : ﺗﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﺗﻄﻬﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺇﺻﻼﺡ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺻﺢ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻮﻟﻪ : « ﺇﻧﻤﺎ ﺑُﻌِﺜﺖ ﻷﺗﻤﻢ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ )« 4 ) . ﻓﻜﺄﻥّ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣَﺼَﺮ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺇﺗﻤﺎﻡ ﻣﻜﺎﺭﻣﻬﺎ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺠﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺗﻬﺬﻳﺐ ﺍﻟﻄِّﺒﺎﻉ، ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ .
ﻓﻜﺄﻥ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺑﻨﺎﺀ ﺷﻴﺪﻩ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭُﺑﻌﺚ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻴﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ . ﻓﻴﻜﺘﻤﻞ ﺻﺮﺡ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺑﺒﻌﺜﺘﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻐﻴﺮ ﺧﻠﻖ ﻭﻣﻨﻈﻤﺔ ﺁﺩﺍﺏ ﻛﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﻗﺎﺽٍ، ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﺑﻐﻴﺮ ﺩﻳﻦ ﻋﺒﺚٌ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺠﺪ ﺃﻥ ﺃﺯﻣﺘﻬﺎ ﺃﺯﻣﺔ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺘﻨﺎﻭﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻭﺑﻌﺾ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ، ﻭﻣﺴﺎﻭﺉ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ .
ﺣﺚ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻵﺩﺍﺏ :
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻃﺮﻳﻖ ﻹﺻﻼﺡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻏﺮﺱ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ :
ﻓﺎﻟﺼﻼﺓ : ﺗُﺒﻌِﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ، ﻭﺗﻄﻬّﺮﻩ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺇِﻥَّ ﺍﻟﺼَّﻠَﺎﺓَ ﺗَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ)﴾ 5 ) .
ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ : ﻟﻴﺴﺖ ﺿﺮﻳﺒﺔ ﺗُﺪﻓَﻊ ﺃﻭ ﻣﺎﻻً ﻳُﺒﺬَﻝ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﺰﻛﻴﺘﻬﺎ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺧُﺬْ ﻣِﻦْ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﺻَﺪَﻗَﺔً ﺗُﻄَﻬِّﺮُﻫُﻢْ ﻭَﺗُﺰَﻛِّﻴﻬِﻢْ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺇِﻥَّ ﺻَﻠَﺎﺗَﻚَ ﺳَﻜَﻦٌ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﺳَﻤِﻴﻊٌ ﻋَﻠِﻴﻢٌ)﴾ 6 ) .
ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ : ﻟﻴﺲ ﺣﺮﻣﺎﻧًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻨﻜﺎﺡ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﻄﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﻛﻒّ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﺭﺓ ﻭﻧَﺰَﻭَﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺭﺓ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺰﻭﺭ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻪ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺪﻉ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ » ( 7 ) .
ﻭﺍﻟﺤﺞ : ﻟﻴﺲ ﺭﺣﻠﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺳَﻔَﺎﺳِﻒ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺍﻟْﺤَﺞُّ ﺃَﺷْﻬُﺮٌ ﻣَﻌْﻠُﻮﻣَﺎﺕٌ ﻓَﻤَﻦْ ﻓَﺮَﺽَ ﻓِﻴﻬِﻦَّ ﺍﻟْﺤَﺞَّ ﻓَﻠَﺎ ﺭَﻓَﺚَ ﻭَﻟَﺎ ﻓُﺴُﻮﻕَ ﻭَﻟَﺎ ﺟِﺪَﺍﻝَ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺤَﺞِّ)﴾ 8 ) .
ﻓﻬﺬﻩ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﻟﻴﺴﺖ ﻃﻘﻮﺳًﺎ ﻣُﺒْﻬَﻤَﺔ، ﻭﻻ ﺃﻋﻤﺎﻻً ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﺻِﻼﺕ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻧَﺴَﻖٍ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻜﻤﻞ ﺑﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺸﺎﻣﺦ، ﺇﻧﻬﺎ ﻋﺒﺎﺩﺍﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑُﻌِﺚ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ : « ﺇﻧﻤﺎ ﺑُﻌِﺜﺖ ﻷﺗﻤﻢ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ » ( 9 ) .
ﺗﻬﺬﻳﺐ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ :
ﺑُﻌِﺚ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻟﻴﺼﺪّﻕ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﻤﻠﻪ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﻋﻨﻮﺍﻧًﺎ ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ ﻭﺑﺮﻫﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻭﺗﺒﻴﺎﻧًﺎ ﻟﺼﺪﻕ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﺛﻨﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺜﻨﺎﺀ ﻳﺘﺮﺩّﺩ ﻓﻲ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺘﻠﻮﻩ ﺍﻟﻤﻸ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ، ﻭﻻ ﺗُﻨْﺴِﻴﻪ ﺳَﺮْﻣَﺪِﻳّﺔ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ)﴾ 10 ) .
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺳﺄﻝ ﺃﻡَّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺧُﻠﻖ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻘﺎﻟﺖ : « ﺃﻟﻴﺲ ﺗﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ؟ «! ﻗﺎﻝ : ﺑﻠﻰ، ﻗﺎﻟﺖ : « ﻓﺈﻥ ﺧﻠﻖ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ )« 11 ) .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺻﺎﺭ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻣﺮًﺍ ﻭﻧﻬﻴًﺎ ﺳَﺠِﻴّﺔ ﻟﻪ ﻭﺧُﻠُﻘًﺎ ﺗﻄﺒّﻌﻪ، ﻭﺗﺮﻙ ﻃﺒﻌﻪ ﺍﻟﺠِﺒِﻠّﻲ، ﻓﻤﻬﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻧﻬﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﺗﺮﻛﻪ )« 12 ) .
ﻓﻜﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻈﻴﻢَ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺑﻌﺪ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ، ﻓﺎﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺒﻮﻩ ﺑﺎﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻷﻣﻴﻦ، ﻭﻟﻤﺎ ﻓﺎﺟﺄﻩ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : « ﻟﻘﺪ ﺧﺸﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ » ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻛﻼ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﺨﺰﻳﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺑﺪًﺍ؛ ﺇﻧﻚ ﻟﺘﺼﻞ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﻭﺗﺼﺪﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻜَﻞّ ( 13 ) ، ﻭﺗُﻘْﺮِﻱ ﺍﻟﻀﻴﻒ ( 14 ) ، ﻭﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺍﺋﺐ( 15 ) ﺍﻟﺪﻫﺮ ( 16 ) . ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺂﺛﺮ ﺣﺴﻨﺔ، ﻭﺃﺧﻼﻕ ﻛﺮﻳﻤﺔ، ﻭﻣﻌﺎﻣﻼﺕ ﺳﺎﻣﻴﺔ، ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻓﺈﻥّ ﺛﻤّﺔَ ﺗﻼﺯﻣًﺎ ﺑﻞ ﺗﻼﺣُﻤًﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴّﻠﻮﻙ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻹﻳﻤَﺎﻥ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻓﺎﻟﺴّﻠﻮﻙ ﺍﻟﻈّﺎﻫﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂٌ ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺒﺎﻃِﻦ، ﻭﻣﻦ ﺛَﻢَّ ﻓﺈﻥّ ﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑَ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊَ ﻓﻲ ﺍﻟﺴّﻠﻮﻙ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻧﺎﺷﺊٌ ﻋﻦ ﻧﻘﺺٍ ﻭﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ . ﻳﻘﺮّﺭ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴّﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ : « ﺇﺫﺍ ﻧﻘﺼَﺖ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓُ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻨﻘﺺِ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﻼ ﻳُﺘﺼﻮَّﺭ ﻣﻊ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥِ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐِ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻥ ﺗﻌﺪَﻡ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ، ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩِ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻣﻼً ﻭﺟﻮﺩُ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻣﻼً، ﻛﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻧﻘﺺِ ﻫﺬﺍ ﻧﻘﺺُ ﻫﺬﺍ )« 17 ) . ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻓﻤﺎ ﻳﻈﻬَﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻥِ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝِ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝِ ﻫﻮ ﻣﻮﺟَﺐ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐِ ﻭﻻﺯﻣُﻪ 18)« ) . ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓُ ﻓﻲ ﺍﻟﺸّﺮﻉ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻨﺨﺮِﻣًﺎ ﺣُﻜِﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺬﻟﻚ، ﺃﻭ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤًﺎ ﺣُﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦِ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻳﻀًﺎ )« 19 ) .
ﺑﺎﻷﺩﺏ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭ ﺟﻞ :
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺭﻓﻌﺖ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ، ﻭﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺳَﺒْﻖ ﻟﻴﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻮﻥ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﺃﺧﻼﻗًﺎ، ﻭﺧﻴﺎﺭﻛﻢ ﺧﻴﺎﺭﻛﻢ ﻟﻨﺴﺎﺋﻬﻢ )« 20 ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺃﻧﺎ ﺯﻋﻴﻢ – ﺿﺎﻣﻦ – ﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺭَﺑَﺾ ﺍﻟﺠﻨﺔ – ﺃﺩﻧﺎﻫﺎ – ﻟﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻘًّﺎ، ﻭﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺎﺯﺣًﺎ، ﻭﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻘﻪ )« 21 ) .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺇﻥ ﺃﺣﺒّﻜﻢ ﺇﻟﻲّ ﻭﺃﻗﺮﺑﻜﻢ ﻣﻨﻲ ﻣﺠﻠﺴًﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺃﺣﺎﺳﻨﻜﻢ ﺃﺧﻼﻗًﺎ )« 22 ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺃﺛﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﺇﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﺒﻐﺾ ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ ﺍﻟﺒﺬﻱﺀ )« 23 ) . ﻭﺑﻴّﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺃﻥّ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺪﺭﻙ ﺑﺤﺴﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ 24)« ) .
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻵﺩﺍﺏ :
ﻭﻟﻶﺩﺍﺏ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻻﺻﻄﻼﺡ، ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﻫﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ :
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺴﻦ :
ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ : ﺍﻟﻬﻤﺰﺓ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﻟﺒﺎﺀ ﺃﺻﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﺘﻔﺮﻉ ﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﻭﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺃﻥ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻣﻚ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺄﺩُﻭﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﺄﺩَﺑﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺂﺩﺏ ﺟﻤﻊ ﻣﺄﺩﺑﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻷﺩﺏ ﻷﻧﻪ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ .
ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺤﺴﻦ :
ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﺑﻪ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺳُﻤِّﻲ ﺃﺩﺑًﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺄﺩﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺪ، ﻭﻳﻨﻬﺎﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺢ، ﻭﻳﺄﺩﺑﻬﻢ : ﺃﻱ ﻳﺪﻋﻮﻩ، ﻭﺃﺻﻞ ﺍﻷﺩﺏ : ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ . ﻭﺃﺩﺑﻪ ﻓﺘﺄﺩﺏ : ﻋﻠﻤﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺎﻝ : ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ . ﻭﻟﻜﻞ ﻭﺟﻬﺔ ﺃﺩﺏ ( 25 ) .
ﻭﻳﺸﺮﺡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﻱ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺃﺩﺑﻨﻲ ﺭﺑﻲ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺗﺄﺩﻳﺒﻲ » ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻷﺩﺏ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ( 26 ) .
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ :
ﻭﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﻓﻴﻘﺎﻝ : ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ( 27 ) .
ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺪ :
ﻓﻔﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﺍﺑﻎ : ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺪ، ﻭﻛﻞ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻣﺘﻠﻘﻴﺎﺕ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺠﻤﻌﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﺃﻭ ﺑﺎﻃﻨﺎ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻷﺩﺏ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﺪ ﻗﻮﻻً، ﻭﻓﻌﻼً( 28 ) .
ﻭﻓﻲ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ : ﺍﻷﺩﺏ : ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻻ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ( 29 ) .
ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻓﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ :
-1 ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻻ ﻳﺴﻲﺀ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ :
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ، ﺳﻨﻦ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ ﻣﺴﻲﺀ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻲﺀ ( 30 ) .
-2 ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻳﺴﻲﺀ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ :
ﻓﻘﺪ ﻳﻄﻠﻘﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻭﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺫﻟﻚ ﺳﻨﻦ ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ ﻣﺴﻲﺀ ( 31 ) . ﻭﺣﻜﻲ ﺃﻥ ﺣﺎﺗﻢ ﺍﻷﺻﻢ ﻗﺪﻡ ﺭﺟﻠﻪ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﺘﻐﻴﺮ ﻟﻮﻧﻪ، ﻭﺧﺮﺝ ﻣﺬﻋﻮﺭًﺍ، ﻭﻗﺪﻡ ﺭﺟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ . ﻓﻘﻴﻞ : ﻣﺎ ﺫﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﻟﻮ ﺗﺮﻛﺖ ﺃﺩﺑًﺎ ﻣﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺧﻔﺖ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﺒﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﺎﻧﻲ .
-3 ﻣﺎﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺮﺓ ﻭﻳﺘﺮﻛﻪ ﻣﺮﺓ :
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺒﺰﺍﺯﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺮﺓ ﻭﺗﺮﻛﻪ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺎ ﻭﺍﻇﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﺎ ﺷﺮﻉ ﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ( 32 ) .
-4 ﺍﻟﻮﺭﻉ :
ﻓﺎﻷﺩﺏ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﻮﺭﻉ، ﻭﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺣﻜﻴﻢ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ .
-5 ﻣﺎ ﻳﻮﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ :
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ : ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻍ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎﺭ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ، ﻭﻛﺬﺍ ﻓﻲ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻰ ﺃﻥ : ﺍﻷﺩﺏ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺮﺯ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻄﺄ، ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﻟﻤﺎ ﻧﺪﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺑﺴﻂ ﺍﻟﻌﺪﻝ، ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻴﻞ ( 33 ) .
-6 ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺐ ﻋﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ :
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺻﻔﻲ : ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﺒﻮﺑًﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﻣﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺃﺭﺿﻪ، ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻪ، ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﻗﻮﻝ ﻣﻮﺿﻌًﺎ ﻳﺨﺼﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺿﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻴﻪ ﺧﺮﻭﺟًﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺩﺏ . ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺟﺮْﻭَﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﺤُﻄّﻴِّﺌﺔ : ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﻣﻘﺎﻻً، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ، ﻓﺈﻥ ﻟﻠﺼﻤﺖ ﻣﻮﺿﻌًﺎ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺧﻼﻑ ﺍﻷﺩﺏ . ﻳﺮﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻣﺮﺀﺍ ﻗﺎﻝ ﺧﻴﺮًﺍ ﻓﻐﻨﻢ، ﺃﻭ ﺳﻜﺖ ﻓﺴﻠﻢ )« 34 ) .
ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﻨﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻛﺜﻴﺮ . ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﺃﺩﺑًﺎ، ﻭﺿﻊ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺟَﺰَﺍﺀُ ﺳَﻴِّﺌَﺔٍ ﺳَﻴِّﺌَﺔٌ ﻣِﺜْﻠُﻬَﺎ ﻓَﻤَﻦْ ﻋَﻔَﺎ ﻭَﺃَﺻْﻠَﺢَ ﻓَﺄَﺟْﺮُﻩُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ)﴾ 35 ) . ﻓﻨﺒﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟﻤﺼﻠﺢ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪ .
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻓﻀﻠﻬﺎ :
ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : « ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ » ( 36 ) . ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ، ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻴﻢ ﺑﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻫﻜﺬﺍ . ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﺽ ﻛﻔﺎﻳﺔ، ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﻳﺚ، ﻭﺣﻔﻆ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺳﻘﻄﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻴﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺧﻄﺄ ﺷﺮﻋﻲ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ .
ﻓﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻳﺼﻠﻲ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ، ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻴﺴﺮ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺞ، ﺑﻞ ﻭﻓﻲ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺴﻔﺮ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ، ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﻭﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﻸ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﻓﻤﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ، ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻜﻼﻡ؟ ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺤﺎﻭﺭ ﻓﻴﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ؟ ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ؟ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﺰﺡ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻊ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺃﻭ ﺃﻫﻠﻪ؟ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺰﺍﺡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ .
ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﻠﺒﺲ، ﺃﻭ ﻳﻨﺎﻡ، ﺃﻭ ﻳﺘﺜﺎﺋﺐ، ﺃﻭ ﻳﺘﺠﺸﺄ، ﺃﻭ ﻳﻌﻄﺲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ؟ ﻓﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻓﺒﻬﺎ ﻧﺘﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻧﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻘﻊ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ .
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺁﺩﺍﺏ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻀﻴﻒ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ، ﻭﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ .
ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﺤﺐ ﺃﻭ ﻣﻜﺮﻭﻩ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐٌ ﺃﻭ ﻣﺤﺮَّﻡ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣُﺒﺎﺡ . ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻋﺘﻨﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﻭﺻﻨّﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻟﻤﺼﻨﻔﺎﺕ، ﻭﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺘﺐ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﻟﻸﺩﺏ ﺑﻞ ﻭﻗﺪ ﺃﻓﺮﺩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺳﻤﺎﻩ ( ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ ) ﺟﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺩﺏ .
ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ :
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﻢ ؟
-1 ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﻐﺮ :
ﻭﻫﺬﺍ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺆﺩﺏ ﻭﻟﺪﻩ ( ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺍﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﺟﺎﻟﺲ ﺑﻬﻢ ﺃﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺭﻋﺎ ﻭﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﺃﺩﺑﺎ، ﻭﺍﺿﺮﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺟﻨﺒﻬﻢ ﺷﺘﻢ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﺍﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﺔ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻐﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺐ ) ( 37 ) .
ﻗﺪ ﻳﻨﻔﻊُ ﺍﻷﺩﺏُ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙَ ﻓﻲ ﺻﻐﺮٍ ﺇﻥ ﺍﻟﻐﺼﻮﻥَ ﺇﺫﺍ ﻗﻮﻣﺘﻬﺎ ﺍﻋﺘﺪﻟﺖ
ﻭﻟـﻴﺲ ﻳﻨﻔﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﺒﺔِ ﺍﻷﺩﺏُ ﻭﻻ ﻳﻠﻴﻦ ﺇﺫﺍ ﻗﻮﻣﺘﻪ ﺍﻟﺨﺸـﺐ
ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻲ ﺗﻌّﻤﻤﻨﻲ، ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻲ : ﺍﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻴﻌﺔ، ﻓﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺁﺩﺍﺑﻪ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻤﻪ » ( 38 ) .
-2 ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻛﺘﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺴﻴﺮﺓ :
ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﺪﻱ ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻤﺠﺎﻟﺲ ﻭﺩﺭﻭﺱ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻷﻧﻬﻢ، ﺃﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺂﺩﺍﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻴﺮﺍﺙ ﺃﺳﻼﻓﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻮﺭﻉ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﻫﻢ ﻛﺘﺎﺏ « ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ » ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ .
-3 ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﺬﻛﻴﺮﻫﻢ ﺩﻭﻣﺎ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ :
ﻭﻭﺑﻴﺎﻥ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺗﺮﻛﻪ ﻭﺇﻫﻤﺎﻟﻪ، ﻭﻳﺘﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺨﻄﺐ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺑﺎﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ .
-4 ﻣﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ :
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻢ، ﻭﻣﻦ ﻳﺘﺤﺮَّ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳُﻌﻄﻪ، ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﺸﺮ ﻳُﻮﻗّﻪ » ( 39 ) . ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﺜﻼ ﺃﻥ ﻳُﺤﺼِّﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺧُﻠُﻖ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻓﻄﺮﻳﻘﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﺗﻌﺎﻃﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻝ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻓﻼ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻪ، ﻭﻳﻮﺍﻇﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻜﻠﻔﺎ ﻣﺠﺎﻫﺪﺍ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻃﺒﻌﺎ ﻭﻳﺘﻴﺴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﺼﻴﺮ ﺑﻪ ﺟﻮﺍﺩﺍ … ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩﺓ ﺷﺮﻋﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ )« 40 ) .
ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺩﺏ :
ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﺘﺄﺩَّﺏ ﻣﻌﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻛﺎﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﺩﺏ ﻭﺍﺣﺪ، ﺑﻞ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺩﺏ ﺧﺎﺹ، ﻭﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺃﺩﺏٌ ﺧﺎﺹ، ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺁﺩﺍﺏ، ﻓﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻫﻲ :
ﺃ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺏ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺝ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﺩ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
ﺃﻭﻻ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭ ﺟﻞ :
ﻓﻬﻮ ﺭﺃﺱ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻋﻤﻮﺩﻩ، ﻭﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺩﻧﻴﺎﻩ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ :
ﺃﺣﺪﻫﺎ : ﺻﻴﺎﻧﺔُ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﺑﻨﻘﻴﺼﺔٍ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻘﺘﻚ ﻋﻠﻴﻪ » .
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺪﻡ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﻠﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ : ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺪﺑﺮﻩ ﻋﻨﺪ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ : ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﻟﻠﻘﺮﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻳﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺄﺩﺏ ﺑﺂﺩﺍﺑﻪ ﻇﺎﻫﺮًﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨًﺎ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻷﺣﺪٍ ﻗﻂ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ : ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﻭﺷﺮﻋﻪ ﻭﻣﺎ ﻳُﺤﺐ ﻭﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ، ﻭﻧﻔﺲٌ ﻣﺴﺘﻌﺪﺓ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻣﺘﻬﻴﺌﺔ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻠﻤًﺎ ﻭﻋﻤﻼً » ( 41 ) .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻤﻠﻮﺀ ﺑﻪ، ﻓﺮﺃﺱ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﻪ، ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻷﻣﺮﻩ، ﻭﺗﻠﻘﻲ ﺧﺒﺮَﻩ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺩﻭﻥ ﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻭ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻓﻴﻮﺣﺪﻩ ﺑﺎﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻭﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻭﺣَّﺪ ﺍﻟﻠﻪَ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺑﺄﻣﺮ ﻭﻻ ﻧﻬﻲ، ﻭﻻ ﺇﺫﻥ ﻭﻻ ﺗﺼﺮﻑ، ﺣﺘﻰ ﻳﺄﻣﺮ ﻫﻮ، ﻭﻳﻨﻬﻰ، ﻭﻳﺄﺫﻥ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗُﻘَﺪِّﻣُﻮﺍ ﺑَﻴْﻦَ ﻳَﺪَﻱِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺳَﻤِﻴﻊٌ ﻋَﻠِﻴﻢٌ)﴾ 42 ) .
ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﺃﻥ ﻻ ﺗُﺮﻓﻊ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﻓﻮﻕ ﺻﻮﺗﻪ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺳُﻨَّﺘﻪ !! ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻥ ﻻ ﻳُﻌﺎﺭﺽ ﻧﺼﻪ ﺑﻘﻴﺎﺱ، ﻭﻻ ﻳُﺤﺮﻑ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ، ﻭﻻ ﻳﻮﻗَﻒُ ﻗَﺒﻮﻝ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﺣﺪ، ﻓﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺠﺮﺃﺓ … )« 43 ) .
ﺛﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ :
ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﻣﻌﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﺤﺒﺘﻬﻢ ﻭﻣﻮﺍﻻﺗﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ : ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻬﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﺫﻯ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺄﺫﻯ ﻣﻨﻪ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻭ ﺩﺧﻮﻟﻬﻢ ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ ﺃﻭ ﺣﻀﻮﺭﻫﻢ ﻣﺠﺎﻟﺴﻨﺎ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ ﻭﺍﻟﺠﺮﺱ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺳﻜﺮﺍﻧﺎ ﺃﻭ ﺟﻨﺒﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺿﺄ، ﻭﻣﺘﺸﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﻛﺬﻟﻚ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻣَﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﻭﻻﺓ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻀﻴﻒ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻔﺎﺳﻘﻴﻦ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴِّﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﻢ، ﻓﻠﻜﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺃﺩﺏ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺁﺩﺍﺏ ﺧﺎﺻﺔ، ﻓﻤﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺩﺏ ﺧﺎﺹ، ﻭﻟﻸﺏ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﺩﺏ ﻫﻮ ﺃﺧﺺ ﺑﻪ، ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺩﺏ ﺁﺧﺮ، ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﺩﺏ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺃﺩﺏ ﻏﻴﺮ ﺃﺩﺑﻪ ﻣﻊ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻟﻜﻞ ﺣﺎﻝٍ ﺃﺩﺏ : ﻓﻠﻸﻛﻞ ﺁﺩﺍﺏ «… ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﻓﻼﺣﻪ، ﻭﻗﻠﺔ ﺃﺩﺑﻪ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺷﻘﺎﻭﺗﻪ ﻭﺑَﻮﺍﺭﻩ «… ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻔﺮِّﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻋﻦ ﺗﻜﻤﻴﻠﻬﺎ، ﺃﻭ ﻋﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺩﻳﻨﻪ ﻭ ﻗﻠﺒﻪ 44)«… ) .
ﺭﺍﺑﻌﺎ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ :
ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺘﻨﻮﻉ ﻣﺘﻔﺎﻭﺕ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﻤﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺰﻛﻴﺘﻬﺎ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻬﺎ ﻭﺗﺪﺭﻳﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺣﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺨﺸﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺪﺭﻳﺒﻬﺎ ﻭﺇﻟﺰﺍﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍّﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ
﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺣَﻖَّ ﺗُﻘَﺎﺗِﻪِ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻤُﻮﺗُﻦَّ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ)﴾ 1 ) .
﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻻً ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒًﺎ﴾ ( 2 ) .
﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﻮْﻻً ﺳَﺪِﻳﺪًﺍ ( 70 ) ﻳُﺼْﻠِﺢْ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﺫُﻧُﻮﺑَﻜُﻢْ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻄِﻊِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻓَﻘَﺪْ ﻓَﺎﺯَ ﻓَﻮْﺯًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ﴾ ( 3 ) .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ : ﻓﺈﻥ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻬﺪﻱ ﻫﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺷﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﺤﺪﺛﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ ﻭﻛﻞ ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﻣﺪﺍﺭ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ : ﺗﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﺗﻄﻬﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺇﺻﻼﺡ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺻﺢ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻮﻟﻪ : « ﺇﻧﻤﺎ ﺑُﻌِﺜﺖ ﻷﺗﻤﻢ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ )« 4 ) . ﻓﻜﺄﻥّ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣَﺼَﺮ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺇﺗﻤﺎﻡ ﻣﻜﺎﺭﻣﻬﺎ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺠﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺗﻬﺬﻳﺐ ﺍﻟﻄِّﺒﺎﻉ، ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ .
ﻓﻜﺄﻥ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺑﻨﺎﺀ ﺷﻴﺪﻩ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭُﺑﻌﺚ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻴﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ . ﻓﻴﻜﺘﻤﻞ ﺻﺮﺡ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺑﺒﻌﺜﺘﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻐﻴﺮ ﺧﻠﻖ ﻭﻣﻨﻈﻤﺔ ﺁﺩﺍﺏ ﻛﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﻗﺎﺽٍ، ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﺑﻐﻴﺮ ﺩﻳﻦ ﻋﺒﺚٌ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺠﺪ ﺃﻥ ﺃﺯﻣﺘﻬﺎ ﺃﺯﻣﺔ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺘﻨﺎﻭﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻭﺑﻌﺾ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ، ﻭﻣﺴﺎﻭﺉ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ .
ﺣﺚ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻵﺩﺍﺏ :
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻃﺮﻳﻖ ﻹﺻﻼﺡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻏﺮﺱ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ :
ﻓﺎﻟﺼﻼﺓ : ﺗُﺒﻌِﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ، ﻭﺗﻄﻬّﺮﻩ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺇِﻥَّ ﺍﻟﺼَّﻠَﺎﺓَ ﺗَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ)﴾ 5 ) .
ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ : ﻟﻴﺴﺖ ﺿﺮﻳﺒﺔ ﺗُﺪﻓَﻊ ﺃﻭ ﻣﺎﻻً ﻳُﺒﺬَﻝ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﺰﻛﻴﺘﻬﺎ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺧُﺬْ ﻣِﻦْ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﺻَﺪَﻗَﺔً ﺗُﻄَﻬِّﺮُﻫُﻢْ ﻭَﺗُﺰَﻛِّﻴﻬِﻢْ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﺻَﻞِّ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺇِﻥَّ ﺻَﻠَﺎﺗَﻚَ ﺳَﻜَﻦٌ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﺳَﻤِﻴﻊٌ ﻋَﻠِﻴﻢٌ)﴾ 6 ) .
ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ : ﻟﻴﺲ ﺣﺮﻣﺎﻧًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻨﻜﺎﺡ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﻄﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﻛﻒّ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﺭﺓ ﻭﻧَﺰَﻭَﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺭﺓ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺰﻭﺭ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻪ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺪﻉ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ » ( 7 ) .
ﻭﺍﻟﺤﺞ : ﻟﻴﺲ ﺭﺣﻠﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺳَﻔَﺎﺳِﻒ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺍﻟْﺤَﺞُّ ﺃَﺷْﻬُﺮٌ ﻣَﻌْﻠُﻮﻣَﺎﺕٌ ﻓَﻤَﻦْ ﻓَﺮَﺽَ ﻓِﻴﻬِﻦَّ ﺍﻟْﺤَﺞَّ ﻓَﻠَﺎ ﺭَﻓَﺚَ ﻭَﻟَﺎ ﻓُﺴُﻮﻕَ ﻭَﻟَﺎ ﺟِﺪَﺍﻝَ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺤَﺞِّ)﴾ 8 ) .
ﻓﻬﺬﻩ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﻟﻴﺴﺖ ﻃﻘﻮﺳًﺎ ﻣُﺒْﻬَﻤَﺔ، ﻭﻻ ﺃﻋﻤﺎﻻً ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﺻِﻼﺕ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻧَﺴَﻖٍ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻜﻤﻞ ﺑﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺸﺎﻣﺦ، ﺇﻧﻬﺎ ﻋﺒﺎﺩﺍﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑُﻌِﺚ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ : « ﺇﻧﻤﺎ ﺑُﻌِﺜﺖ ﻷﺗﻤﻢ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ » ( 9 ) .
ﺗﻬﺬﻳﺐ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ :
ﺑُﻌِﺚ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻟﻴﺼﺪّﻕ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﻤﻠﻪ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﻋﻨﻮﺍﻧًﺎ ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ ﻭﺑﺮﻫﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻭﺗﺒﻴﺎﻧًﺎ ﻟﺼﺪﻕ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﺛﻨﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺜﻨﺎﺀ ﻳﺘﺮﺩّﺩ ﻓﻲ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺘﻠﻮﻩ ﺍﻟﻤﻸ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ، ﻭﻻ ﺗُﻨْﺴِﻴﻪ ﺳَﺮْﻣَﺪِﻳّﺔ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ)﴾ 10 ) .
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺳﺄﻝ ﺃﻡَّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺧُﻠﻖ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻘﺎﻟﺖ : « ﺃﻟﻴﺲ ﺗﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ؟ «! ﻗﺎﻝ : ﺑﻠﻰ، ﻗﺎﻟﺖ : « ﻓﺈﻥ ﺧﻠﻖ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ )« 11 ) .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺻﺎﺭ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻣﺮًﺍ ﻭﻧﻬﻴًﺎ ﺳَﺠِﻴّﺔ ﻟﻪ ﻭﺧُﻠُﻘًﺎ ﺗﻄﺒّﻌﻪ، ﻭﺗﺮﻙ ﻃﺒﻌﻪ ﺍﻟﺠِﺒِﻠّﻲ، ﻓﻤﻬﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻧﻬﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﺗﺮﻛﻪ )« 12 ) .
ﻓﻜﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻈﻴﻢَ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺑﻌﺪ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ، ﻓﺎﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺒﻮﻩ ﺑﺎﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻷﻣﻴﻦ، ﻭﻟﻤﺎ ﻓﺎﺟﺄﻩ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : « ﻟﻘﺪ ﺧﺸﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ » ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻛﻼ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﺨﺰﻳﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺑﺪًﺍ؛ ﺇﻧﻚ ﻟﺘﺼﻞ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﻭﺗﺼﺪﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻜَﻞّ ( 13 ) ، ﻭﺗُﻘْﺮِﻱ ﺍﻟﻀﻴﻒ ( 14 ) ، ﻭﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺍﺋﺐ( 15 ) ﺍﻟﺪﻫﺮ ( 16 ) . ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺂﺛﺮ ﺣﺴﻨﺔ، ﻭﺃﺧﻼﻕ ﻛﺮﻳﻤﺔ، ﻭﻣﻌﺎﻣﻼﺕ ﺳﺎﻣﻴﺔ، ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻓﺈﻥّ ﺛﻤّﺔَ ﺗﻼﺯﻣًﺎ ﺑﻞ ﺗﻼﺣُﻤًﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴّﻠﻮﻙ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻹﻳﻤَﺎﻥ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻓﺎﻟﺴّﻠﻮﻙ ﺍﻟﻈّﺎﻫﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂٌ ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺒﺎﻃِﻦ، ﻭﻣﻦ ﺛَﻢَّ ﻓﺈﻥّ ﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑَ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊَ ﻓﻲ ﺍﻟﺴّﻠﻮﻙ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻧﺎﺷﺊٌ ﻋﻦ ﻧﻘﺺٍ ﻭﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ . ﻳﻘﺮّﺭ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴّﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ : « ﺇﺫﺍ ﻧﻘﺼَﺖ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓُ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻨﻘﺺِ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﻼ ﻳُﺘﺼﻮَّﺭ ﻣﻊ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥِ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐِ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻥ ﺗﻌﺪَﻡ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ، ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩِ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻣﻼً ﻭﺟﻮﺩُ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻣﻼً، ﻛﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻧﻘﺺِ ﻫﺬﺍ ﻧﻘﺺُ ﻫﺬﺍ )« 17 ) . ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻓﻤﺎ ﻳﻈﻬَﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻥِ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝِ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝِ ﻫﻮ ﻣﻮﺟَﺐ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐِ ﻭﻻﺯﻣُﻪ 18)« ) . ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓُ ﻓﻲ ﺍﻟﺸّﺮﻉ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻨﺨﺮِﻣًﺎ ﺣُﻜِﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺬﻟﻚ، ﺃﻭ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤًﺎ ﺣُﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦِ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻳﻀًﺎ )« 19 ) .
ﺑﺎﻷﺩﺏ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭ ﺟﻞ :
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺭﻓﻌﺖ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ، ﻭﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺳَﺒْﻖ ﻟﻴﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻮﻥ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﺃﺧﻼﻗًﺎ، ﻭﺧﻴﺎﺭﻛﻢ ﺧﻴﺎﺭﻛﻢ ﻟﻨﺴﺎﺋﻬﻢ )« 20 ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺃﻧﺎ ﺯﻋﻴﻢ – ﺿﺎﻣﻦ – ﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺭَﺑَﺾ ﺍﻟﺠﻨﺔ – ﺃﺩﻧﺎﻫﺎ – ﻟﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻘًّﺎ، ﻭﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺎﺯﺣًﺎ، ﻭﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻘﻪ )« 21 ) .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺇﻥ ﺃﺣﺒّﻜﻢ ﺇﻟﻲّ ﻭﺃﻗﺮﺑﻜﻢ ﻣﻨﻲ ﻣﺠﻠﺴًﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺃﺣﺎﺳﻨﻜﻢ ﺃﺧﻼﻗًﺎ )« 22 ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺃﺛﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﺇﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﺒﻐﺾ ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ ﺍﻟﺒﺬﻱﺀ )« 23 ) . ﻭﺑﻴّﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺃﻥّ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺪﺭﻙ ﺑﺤﺴﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ 24)« ) .
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻵﺩﺍﺏ :
ﻭﻟﻶﺩﺍﺏ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻻﺻﻄﻼﺡ، ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﻫﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ :
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺴﻦ :
ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ : ﺍﻟﻬﻤﺰﺓ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﻟﺒﺎﺀ ﺃﺻﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﺘﻔﺮﻉ ﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﻭﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺃﻥ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻣﻚ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺄﺩُﻭﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﺄﺩَﺑﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺂﺩﺏ ﺟﻤﻊ ﻣﺄﺩﺑﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻷﺩﺏ ﻷﻧﻪ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ .
ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺤﺴﻦ :
ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﺑﻪ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺳُﻤِّﻲ ﺃﺩﺑًﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺄﺩﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺪ، ﻭﻳﻨﻬﺎﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺢ، ﻭﻳﺄﺩﺑﻬﻢ : ﺃﻱ ﻳﺪﻋﻮﻩ، ﻭﺃﺻﻞ ﺍﻷﺩﺏ : ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ . ﻭﺃﺩﺑﻪ ﻓﺘﺄﺩﺏ : ﻋﻠﻤﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺎﻝ : ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ . ﻭﻟﻜﻞ ﻭﺟﻬﺔ ﺃﺩﺏ ( 25 ) .
ﻭﻳﺸﺮﺡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﻱ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺃﺩﺑﻨﻲ ﺭﺑﻲ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺗﺄﺩﻳﺒﻲ » ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻷﺩﺏ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ( 26 ) .
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ :
ﻭﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﻓﻴﻘﺎﻝ : ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ( 27 ) .
ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺪ :
ﻓﻔﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﺍﺑﻎ : ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺪ، ﻭﻛﻞ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻣﺘﻠﻘﻴﺎﺕ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺠﻤﻌﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﺃﻭ ﺑﺎﻃﻨﺎ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻷﺩﺏ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﺪ ﻗﻮﻻً، ﻭﻓﻌﻼً( 28 ) .
ﻭﻓﻲ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ : ﺍﻷﺩﺏ : ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻻ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ( 29 ) .
ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻓﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ :
-1 ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻻ ﻳﺴﻲﺀ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ :
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ، ﺳﻨﻦ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ ﻣﺴﻲﺀ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻲﺀ ( 30 ) .
-2 ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻳﺴﻲﺀ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ :
ﻓﻘﺪ ﻳﻄﻠﻘﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻭﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺫﻟﻚ ﺳﻨﻦ ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺗﺎﺭﻛﻬﺎ ﻣﺴﻲﺀ ( 31 ) . ﻭﺣﻜﻲ ﺃﻥ ﺣﺎﺗﻢ ﺍﻷﺻﻢ ﻗﺪﻡ ﺭﺟﻠﻪ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﺘﻐﻴﺮ ﻟﻮﻧﻪ، ﻭﺧﺮﺝ ﻣﺬﻋﻮﺭًﺍ، ﻭﻗﺪﻡ ﺭﺟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ . ﻓﻘﻴﻞ : ﻣﺎ ﺫﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﻟﻮ ﺗﺮﻛﺖ ﺃﺩﺑًﺎ ﻣﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺧﻔﺖ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﺒﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﺎﻧﻲ .
-3 ﻣﺎﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺮﺓ ﻭﻳﺘﺮﻛﻪ ﻣﺮﺓ :
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺒﺰﺍﺯﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺮﺓ ﻭﺗﺮﻛﻪ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺎ ﻭﺍﻇﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﺎ ﺷﺮﻉ ﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻹﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ( 32 ) .
-4 ﺍﻟﻮﺭﻉ :
ﻓﺎﻷﺩﺏ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﻮﺭﻉ، ﻭﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺣﻜﻴﻢ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ .
-5 ﻣﺎ ﻳﻮﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ :
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ : ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻍ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎﺭ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ، ﻭﻛﺬﺍ ﻓﻲ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻰ ﺃﻥ : ﺍﻷﺩﺏ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺮﺯ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻄﺄ، ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﻟﻤﺎ ﻧﺪﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺑﺴﻂ ﺍﻟﻌﺪﻝ، ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻴﻞ ( 33 ) .
-6 ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺐ ﻋﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ :
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺻﻔﻲ : ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﺒﻮﺑًﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﻣﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺃﺭﺿﻪ، ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻪ، ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﻗﻮﻝ ﻣﻮﺿﻌًﺎ ﻳﺨﺼﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺿﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻴﻪ ﺧﺮﻭﺟًﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺩﺏ . ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺟﺮْﻭَﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﺤُﻄّﻴِّﺌﺔ : ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﻣﻘﺎﻻً، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ، ﻓﺈﻥ ﻟﻠﺼﻤﺖ ﻣﻮﺿﻌًﺎ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺧﻼﻑ ﺍﻷﺩﺏ . ﻳﺮﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻣﺮﺀﺍ ﻗﺎﻝ ﺧﻴﺮًﺍ ﻓﻐﻨﻢ، ﺃﻭ ﺳﻜﺖ ﻓﺴﻠﻢ )« 34 ) .
ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﻨﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻛﺜﻴﺮ . ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﺃﺩﺑًﺎ، ﻭﺿﻊ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺟَﺰَﺍﺀُ ﺳَﻴِّﺌَﺔٍ ﺳَﻴِّﺌَﺔٌ ﻣِﺜْﻠُﻬَﺎ ﻓَﻤَﻦْ ﻋَﻔَﺎ ﻭَﺃَﺻْﻠَﺢَ ﻓَﺄَﺟْﺮُﻩُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ)﴾ 35 ) . ﻓﻨﺒﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟﻤﺼﻠﺢ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪ .
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻓﻀﻠﻬﺎ :
ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : « ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ » ( 36 ) . ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ، ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻴﻢ ﺑﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻫﻜﺬﺍ . ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﺽ ﻛﻔﺎﻳﺔ، ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﻳﺚ، ﻭﺣﻔﻆ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺳﻘﻄﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻴﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺧﻄﺄ ﺷﺮﻋﻲ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ .
ﻓﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻳﺼﻠﻲ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ، ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻴﺴﺮ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺞ، ﺑﻞ ﻭﻓﻲ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺴﻔﺮ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ، ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﻭﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﻸ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﻓﻤﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ، ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻜﻼﻡ؟ ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺤﺎﻭﺭ ﻓﻴﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ؟ ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ؟ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﺰﺡ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻊ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺃﻭ ﺃﻫﻠﻪ؟ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺰﺍﺡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ .
ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﻠﺒﺲ، ﺃﻭ ﻳﻨﺎﻡ، ﺃﻭ ﻳﺘﺜﺎﺋﺐ، ﺃﻭ ﻳﺘﺠﺸﺄ، ﺃﻭ ﻳﻌﻄﺲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ؟ ﻓﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻓﺒﻬﺎ ﻧﺘﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻧﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻘﻊ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ .
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺁﺩﺍﺏ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻀﻴﻒ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ، ﻭﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ .
ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﺤﺐ ﺃﻭ ﻣﻜﺮﻭﻩ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐٌ ﺃﻭ ﻣﺤﺮَّﻡ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣُﺒﺎﺡ . ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻋﺘﻨﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﻭﺻﻨّﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻟﻤﺼﻨﻔﺎﺕ، ﻭﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺘﺐ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﻟﻸﺩﺏ ﺑﻞ ﻭﻗﺪ ﺃﻓﺮﺩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺳﻤﺎﻩ ( ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ ) ﺟﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺩﺏ .
ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ :
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﻢ ؟
-1 ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﻐﺮ :
ﻭﻫﺬﺍ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺆﺩﺏ ﻭﻟﺪﻩ ( ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺍﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﺟﺎﻟﺲ ﺑﻬﻢ ﺃﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺭﻋﺎ ﻭﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﺃﺩﺑﺎ، ﻭﺍﺿﺮﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺟﻨﺒﻬﻢ ﺷﺘﻢ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﺍﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﺔ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻐﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺐ ) ( 37 ) .
ﻗﺪ ﻳﻨﻔﻊُ ﺍﻷﺩﺏُ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙَ ﻓﻲ ﺻﻐﺮٍ ﺇﻥ ﺍﻟﻐﺼﻮﻥَ ﺇﺫﺍ ﻗﻮﻣﺘﻬﺎ ﺍﻋﺘﺪﻟﺖ
ﻭﻟـﻴﺲ ﻳﻨﻔﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﺒﺔِ ﺍﻷﺩﺏُ ﻭﻻ ﻳﻠﻴﻦ ﺇﺫﺍ ﻗﻮﻣﺘﻪ ﺍﻟﺨﺸـﺐ
ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻲ ﺗﻌّﻤﻤﻨﻲ، ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻲ : ﺍﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻴﻌﺔ، ﻓﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺁﺩﺍﺑﻪ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻤﻪ » ( 38 ) .
-2 ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻛﺘﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺴﻴﺮﺓ :
ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﺪﻱ ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻤﺠﺎﻟﺲ ﻭﺩﺭﻭﺱ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻷﻧﻬﻢ، ﺃﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺂﺩﺍﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻴﺮﺍﺙ ﺃﺳﻼﻓﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻮﺭﻉ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﻫﻢ ﻛﺘﺎﺏ « ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ » ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ .
-3 ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﺬﻛﻴﺮﻫﻢ ﺩﻭﻣﺎ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ :
ﻭﻭﺑﻴﺎﻥ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺗﺮﻛﻪ ﻭﺇﻫﻤﺎﻟﻪ، ﻭﻳﺘﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺨﻄﺐ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺑﺎﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ .
-4 ﻣﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ :
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻢ، ﻭﻣﻦ ﻳﺘﺤﺮَّ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳُﻌﻄﻪ، ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﺸﺮ ﻳُﻮﻗّﻪ » ( 39 ) . ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﺜﻼ ﺃﻥ ﻳُﺤﺼِّﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺧُﻠُﻖ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻓﻄﺮﻳﻘﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﺗﻌﺎﻃﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻝ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻓﻼ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻪ، ﻭﻳﻮﺍﻇﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻜﻠﻔﺎ ﻣﺠﺎﻫﺪﺍ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻃﺒﻌﺎ ﻭﻳﺘﻴﺴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﺼﻴﺮ ﺑﻪ ﺟﻮﺍﺩﺍ … ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩﺓ ﺷﺮﻋﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ )« 40 ) .
ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺩﺏ :
ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﺘﺄﺩَّﺏ ﻣﻌﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻛﺎﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﺩﺏ ﻭﺍﺣﺪ، ﺑﻞ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺩﺏ ﺧﺎﺹ، ﻭﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺃﺩﺏٌ ﺧﺎﺹ، ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺁﺩﺍﺏ، ﻓﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻫﻲ :
ﺃ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺏ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺝ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﺩ - ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
ﺃﻭﻻ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭ ﺟﻞ :
ﻓﻬﻮ ﺭﺃﺱ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻋﻤﻮﺩﻩ، ﻭﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺩﻧﻴﺎﻩ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ :
ﺃﺣﺪﻫﺎ : ﺻﻴﺎﻧﺔُ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﺑﻨﻘﻴﺼﺔٍ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻘﺘﻚ ﻋﻠﻴﻪ » .
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺪﻡ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﻠﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ : ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺪﺑﺮﻩ ﻋﻨﺪ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ : ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﻟﻠﻘﺮﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻳﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺄﺩﺏ ﺑﺂﺩﺍﺑﻪ ﻇﺎﻫﺮًﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨًﺎ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻷﺣﺪٍ ﻗﻂ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ : ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﻭﺷﺮﻋﻪ ﻭﻣﺎ ﻳُﺤﺐ ﻭﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ، ﻭﻧﻔﺲٌ ﻣﺴﺘﻌﺪﺓ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻣﺘﻬﻴﺌﺔ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻠﻤًﺎ ﻭﻋﻤﻼً » ( 41 ) .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻤﻠﻮﺀ ﺑﻪ، ﻓﺮﺃﺱ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﻪ، ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻷﻣﺮﻩ، ﻭﺗﻠﻘﻲ ﺧﺒﺮَﻩ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺩﻭﻥ ﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻚ، ﺃﻭ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻓﻴﻮﺣﺪﻩ ﺑﺎﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻭﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻭﺣَّﺪ ﺍﻟﻠﻪَ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺑﺄﻣﺮ ﻭﻻ ﻧﻬﻲ، ﻭﻻ ﺇﺫﻥ ﻭﻻ ﺗﺼﺮﻑ، ﺣﺘﻰ ﻳﺄﻣﺮ ﻫﻮ، ﻭﻳﻨﻬﻰ، ﻭﻳﺄﺫﻥ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗُﻘَﺪِّﻣُﻮﺍ ﺑَﻴْﻦَ ﻳَﺪَﻱِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺳَﻤِﻴﻊٌ ﻋَﻠِﻴﻢٌ)﴾ 42 ) .
ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﺃﻥ ﻻ ﺗُﺮﻓﻊ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﻓﻮﻕ ﺻﻮﺗﻪ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺳُﻨَّﺘﻪ !! ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻥ ﻻ ﻳُﻌﺎﺭﺽ ﻧﺼﻪ ﺑﻘﻴﺎﺱ، ﻭﻻ ﻳُﺤﺮﻑ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ، ﻭﻻ ﻳﻮﻗَﻒُ ﻗَﺒﻮﻝ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﺣﺪ، ﻓﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺠﺮﺃﺓ … )« 43 ) .
ﺛﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ :
ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﻣﻌﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﺤﺒﺘﻬﻢ ﻭﻣﻮﺍﻻﺗﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ : ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻬﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﺫﻯ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺄﺫﻯ ﻣﻨﻪ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻭ ﺩﺧﻮﻟﻬﻢ ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ ﺃﻭ ﺣﻀﻮﺭﻫﻢ ﻣﺠﺎﻟﺴﻨﺎ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ ﻭﺍﻟﺠﺮﺱ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺳﻜﺮﺍﻧﺎ ﺃﻭ ﺟﻨﺒﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺿﺄ، ﻭﻣﺘﺸﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﻛﺬﻟﻚ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻣَﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﻭﻻﺓ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻀﻴﻒ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻔﺎﺳﻘﻴﻦ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺁﺩﺍﺏ ﻣﻊ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴِّﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : « ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﻢ، ﻓﻠﻜﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺃﺩﺏ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺁﺩﺍﺏ ﺧﺎﺻﺔ، ﻓﻤﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺩﺏ ﺧﺎﺹ، ﻭﻟﻸﺏ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﺩﺏ ﻫﻮ ﺃﺧﺺ ﺑﻪ، ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺩﺏ ﺁﺧﺮ، ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﺩﺏ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺃﺩﺏ ﻏﻴﺮ ﺃﺩﺑﻪ ﻣﻊ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻟﻜﻞ ﺣﺎﻝٍ ﺃﺩﺏ : ﻓﻠﻸﻛﻞ ﺁﺩﺍﺏ «… ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﻓﻼﺣﻪ، ﻭﻗﻠﺔ ﺃﺩﺑﻪ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺷﻘﺎﻭﺗﻪ ﻭﺑَﻮﺍﺭﻩ «… ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻔﺮِّﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻋﻦ ﺗﻜﻤﻴﻠﻬﺎ، ﺃﻭ ﻋﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺩﻳﻨﻪ ﻭ ﻗﻠﺒﻪ 44)«… ) .
ﺭﺍﺑﻌﺎ : ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ :
ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺘﻨﻮﻉ ﻣﺘﻔﺎﻭﺕ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﻤﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺰﻛﻴﺘﻬﺎ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻬﺎ ﻭﺗﺪﺭﻳﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺣﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺨﺸﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺪﺭﻳﺒﻬﺎ ﻭﺇﻟﺰﺍﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
مواضيع مماثلة
» ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻗﺎﻣﺔ
» ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ .. ( ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ )
» ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ .. ( ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ )
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق