بحـث
المواضيع الأخيرة
» شركة جلي بلاط بالرياضمن طرف moslema_r الخميس 14 نوفمبر 2024 - 21:36
» احدث هواتف انفينكس Infinix Hot 50
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:54
» افضل الهواتف من اوبو Oppo A3x
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:38
» سامسونج Samsung Galaxy A16
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:29
» موبي برايس ماركات الموبايلات
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:16
» افضل شركة تنظيف منازل بالكويت باقل الاسعار
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:06
» كراتين للبيع بالكويت- افضل انواع الكراتين
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:42
» افضل شركة نقل عفش بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:32
» افضل شركة شراء اثاث مستعمل بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:21
» افضل نجار بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:06
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﻌﻮﺙ ﺭﺣﻤﺔً ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻭﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ، ﻭﻣَﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﻭﺳﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪُ :
ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡَ ﻣﻨﻬﺞُ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ : ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺟﺴﺪٌ ﻭﺭﻭﺡٌ، ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻏﺬﺍﺅﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻭﻧﻤﻮّﻩ، ﻭﺑﻘﺎﺋﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻬﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﺪﻳﻤًﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺃﻏﺬﻳﺔ ﺍﻟﺮُّﻭﺡ، ﻭﻋُﻨُﻮﺍ ﻋﻨﺎﻳﺔً ﻓﺎﺋﻘﺔً ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺃﺳﻘﺎﻡ، ﻭﺁﻓﺎﺕ ﺗُﻜَﺪِّﺭ ﺻَﻔْﻮَ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ؛ ﻓﺘﺼﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺟﺤﻴﻤًﺎ ﺩﻧﻴﻮﻳًّﺎ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺬﻭﻕ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺟﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻌﻤﺪﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻭَﻣَﻦْ ﺃَﻋْﺮَﺽَ ﻋَﻦْ ﺫِﻛْﺮِﻱ ﻓَﺈِﻥَّ ﻟَﻪُ ﻣَﻌِﻴﺸَﺔً ﺿَﻨْﻜًﺎ ]﴾ 1 ] .
ﻓﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻴُﻪ، ﻭﻣﺎ ﺷَﺮَﻋﻪ ﻟﻠﺒﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺩِﻳﻦ، ﺇﻥ ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻟَﻮَّﻭْﺍ ﺃﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ﻋﻨﻪ، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺷﻘﺎﺅﻫﻢ ﻭﺗﻌﺎﺳﺘُﻬﻢ، ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ؛ ﻛﺎﻟﻘﻠﻖ، ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻭﺍﻟﺸﻚ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ .
ﻭﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﻣَﻦ ﺃﻟَّﻒ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ [ 2 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘَﻴِّﻢ " ﺫﻡ ﺍﻟﻬﻮﻯ 3]" ] ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻦُّ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴَّﺔ[ 4 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺌﺔ 5]" ] ، ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔ [ 6 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ : " ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻬﺠﺮﺗﻴﻦ ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺗﻴﻦ 7]" ] ، ﻭ " ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟِﻤَﻦ ﺳﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ 8]" ] ، ﻭ " ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ 9]" ] ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮ .
ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺆﻟَّﻔﺎﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ - ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ - ﻫﻮ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀَﻧﺎ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ - ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﻫﻤﺎ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﺴﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ؛ ﻭﺍﺳﺘﺄﻧﺴﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :- )) ﺃﻻ ﺇﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔً، ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺤﺖ ﺻﻠﺢ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﻠﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪﺕ ﻓﺴﺪ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﻠﻪ، ﺃﻻ ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﺐ (( [ 10 ] ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟَﻌَﻤﺮﻱ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ - ﻣَﻦ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺟﺎﻧﺐَ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ، ﻭﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﻭﻣﺎ ﻳﻀﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﺬﻳﺔ ﻭﺍﻷﻃﻌﻤﺔ، ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻷﻛﻞ، ﻭﺃﻭﻗﺎﺗﻪ، ﻭﻛﻤﻴﺘﻪ ... ﺇﻟﺦ، ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺰﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ 11]" ] ؛ ﻻﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻋِﺐ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ؛ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻭﺳﻼﻣﺘﻪ، ﻭﻋﻼﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺍﻷﺳﻘﺎﻡ، ﻳﺠﻤﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ، ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ، ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﺃﻭ ﺍﻟﻀﻌﻒ، ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺿﻊ، ﻭﺷﺮﺣﻬﺎ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ، ﻭﺫﻛﺮ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﺍﻷﻃﺒﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﻧﻔﻴﺲٌ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ، ﻟﻢ ﻳﺆﻟَّﻒ ﻣﺜﻠُﻪ ﻓﻲ ﻓﻨﻪ - ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻃﻼﻋﻲ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ - ﻭﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ " ؛ ﻟﻌﺒﺪﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺍﻷﻟﺒﻴﺮﻱ [ 12 ] ، ﻭﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ " ؛ ﻟﻌﺒﺪﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ [ 13 ] ، ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻣﻦ " ﺳﻨﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ " ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺐ، ﻭﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﻟﻄﻴﻒ ﺟﻴﺪ، ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻢٌ ﻣﻔﻴﺪٌ ﻭﻧﺎﻓﻊٌ [ 14 ] ، ﻭﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ " ؛ ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ [ 15 ] ، ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺴَّﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻌﺪَّﺕ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﺑﺎﺑًﺎ، ﺃﻏﻠﺒُﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﺝ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ، ﻭﺍﻷﺳﻘﺎﻡ، ﻭ ﺍﻟﻌﺎﻫﺎﺕ، ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻘﺪ ﺃُﻟِّﻔَﺖ ﻛﺘﺐٌ ﻛﺜﻴﺮﺓٌ ﺟﺪًّﺍ، ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻟﻢ ﻳﺄﺕِ ﺑﺠﺪﻳﺪٍ ﺫﻱ ﻓﺎﺋﺪﺓ، ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ، ﻭﺃﺗﻘﻦ، ﻭﺃﻧﻔﻊ، ﻭﺃﻭﺳﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻛﺘﺎﺏ : " ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ، ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ 16]" ] .
ﻓﺮﺃﻳﺖُ ﺃﻥ ﺃﻧﺠﺰ ﺑﺤﺜًﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌًﺎ ﻟﻄﻴﻔًﺎ، ﺃﻟﺨِّﺺ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪَ ﺻﺤﻴﺔ، ﺗﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺻﺤﺘﻪ، ﻭﺟﺴﻤﻪ؛ ﻷﻥ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃَﻣَﺲِّ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻪ، ﻭﺃﻟﺼﻘﻬﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﺎﻻﺗﻪ؛ ﻭﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻗﻮﻟﻪ : )) ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺧﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﺧﻴﺮ (( [ 17 ] ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﻧِﻌَﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﺃﺟﺰﻝ ﻋﻄﺎﻳﺎﻩ، ﻭﺃﻭﻓﺮ ﻣِﻨَﺤِﻪ، ﺑﻞ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ، ﻓﺤﻘﻴﻖٌ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺭُﺯِﻕَ ﺣﻈًّﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﺮﺍﻋﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺣﻔﻈﻬﺎ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻀﺎﺩﻫﺎ؛ ﻭﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﻮﻟﻪ : )) ﻧﻌﻤﺘﺎﻥ ﻣﻐﺒﻮﻥٌ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ : ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ (([ 18 ] ؛ ﻭﻗﺎﻝ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ :- )) ﻣﻦ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﺎﻓًﻰ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻩ، ﺁﻣﻨًﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﺑﻪ، ﻋﻨﺪﻩ ﻗﻮﺕُ ﻳﻮﻣﻪ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺣِﻴﺰَﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ (( [ 19 ] ، ﻭﻭﺿﻌﺖُ ﻟﻪ ﻋﻨﻮﺍﻧًﺎ ﺑﺎﺳﻢ : " ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ."
ﻭﺟﻌﻠْﺘُﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻣﻬﻤﺔ :
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺗﺠﻨُّﺐ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻷﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪْﺭ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﺍﻟﺤﻤﻴَّﺔ ﺃﺻﻞٌ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻭﻗﺎﺕِ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﺗﺠﻨﺐ ﺍﻷﻛﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺟﺒﺎﺕ، ﺑﺈﺩﺧﺎﻝ ﻃﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ : ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﺗﺠﻨﺐ ﺃﺭﺩﺋﻪ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ : ﻫﻴﺌﺔ ﺟﻠﻮﺱ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ : ﻭﺻﺎﻳﺎ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ : ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﺏ؛ ﻟﻠﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ [ 20 ] .
ﻭﺃﺧﺘﺘﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪِّﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﺯﻥ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ :
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺗﺠﻨُّﺐ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ :
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻳَﺎ ﺑَﻨِﻲ ﺁﺩَﻡَ ﺧُﺬُﻭﺍ ﺯِﻳﻨَﺘَﻜُﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﻛُﻞِّ ﻣَﺴْﺠِﺪٍ ﻭَﻛُﻠُﻮﺍ ﻭَﺍﺷْﺮَﺑُﻮﺍ ﻭَﻻَ ﺗُﺴْﺮِﻓُﻮﺍ ﺇِﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺴْﺮِﻓِﻴﻦَ ﴾ [ 21 ] ، ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ : ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻗﺎﻝ : " ﺃﺣﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻛﻞَ، ﻭﺍﻟﺸﺮﺏَ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﺮﻓًﺎ، ﺃﻭ ﻣﺨﻴﻠﺔ 22]" ] ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻠﻴﺚ ﺍﻟﺴﻤﺮﻗﻨﺪﻱ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ : " ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻞ ﻟﻪ ﺃﻛﻠﻪ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻘﺼﺪ، ﻭﻣﻘﺪﺍﺭِ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ 23]" ] ، ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ : ﻣﺠﺎﻭﺯﺓ ﺍﻟﺤﺪ ﻭﺍﻟﻘﺼﺪ [ 24 ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻵﻳﺔ : " ﻻ ﺗﺴﺮﻓﻮﺍ ﻓﻲ ﺃﻛﻞ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﻊ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣُﻀِﺮٌّ؛ ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ : )) ﺃﺻﻞ ﻛﻞ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺒﺮﺩﺓ 25]"(( ] .
ﻭﺍﻟﺒﺮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺨﻤﺔ ﻭﻫﻲ : ﺛﻘﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ [ 26 ] ، ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ : ﺍﻷﻛﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺒﻊ 27]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮﺭ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﻫﻮ ﺗﺠﺎﻭﺯُ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭَﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ 28]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭ :" " ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺤﺴﺒﻪ، ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﻲ؛ ﻛﺎﻟﺠﻮﻉ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻊ، ﻭﺍﻟﻈﻤﺄ، ﻭﺍﻟﺮِّﻱ، ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻟﺠﻮﻉ، ﻭﻣﺘﻰ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺸﺒﻊ ﻛﻒ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻠﺬُّ ﺍﻻﺳﺘﺰﺍﺩﺓ، ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺸﺮﺏ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻈﻤﺄ، ﻭﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﺰﻳﻠﻪ ﺭﻳًّﺎ، ﻓﻠﻢ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻻﺳﺘﻠﺬﺍﺫ ﺑَﺮَﺩِ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﺃﻭ ﺣﻼﻭﺗﻪ - ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺮﻓًﺎ ﻓﻲ ﺃﻛﻠﻪ ﻭﺷﺮﺑﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻧﺎﻓﻌًﺎ ﻟﻪ 29]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﻣَﻦْ ﺗﻠﺒَّﺲ ﺑﻔﻌﻞٍ ﻣﺒﺎﺡ ﻓﺈﻥ ﻣﺸﻰ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺪ، ﻭﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﺤﺴﻦٌ، ﻭﺇﻥ ﺃﻓﺮﻁ ﺣﺘﻰ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻀﺮﺭُ ﺣﺼﻞ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺮﻓﻴﻦ ﻭﺗﻮﺟَّﻪ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻠﻴﻪ 30]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ " ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ : ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﺴْﺮِﻓُﻮﺍ ﴾ : " ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻭﻳﺸﺮﺏ، ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ، ﻭﻻ ﻳُﻜﺜِﺮ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﺢ، ﻭﻻ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻘﺪﺍﺭًﺍ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻳﻀﺮﻩ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ 31]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺰﺟﺎﺝ ﻓﻲ " ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ :" " ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻞ ﺃﻛﻠُﻪ ﻣﻤﺎ ﺣﺮَّﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺆﻛﻞ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻨﻪ، ﺃﻭ ﺗﺄﻛﻞ ﻣﻤﺎ ﺃﺣﻞ ﻟﻚ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻘﺼﺪ، ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻓﺄﻋﻠﻢَ ﺍﻟﻠﻪُ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﻑ 32]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﻲ " ﻧﻈﻢ ﺍﻟﺪﺭﺭ :" " ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﺮﻑ ﺍﻷﻛﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﻄﻦ 33]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ " ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ :" " ﻭﻣﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﺍﻷﻛﻞ ﻻ ﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻭﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺷﺒﻊ 34]" ] ، ﻓﺘﺤﺼَّﻞ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﻢ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﻳﺘﻨﺎﻭَﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓَ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻣﻤﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺄﻛﻮﻝُ ﻣﺒﺎﺣًﺎ، ﻓﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﻳﺸﻤﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻠﻪُ - ﺟﻞ ﻭﻋﻼ - ﻻ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻭﻓﻴﻪ ﺍﻟﻀﺮﺭُ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ، ﺇﻣﺎ ﻋﺎﺟﻼً ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻭ ﺁﺟﻼً ﻓﻲ ﺃﺧﺮﺍﻩ .
ﻓﻜﻞُّ ﺷﻲﺀٍ ﺟﺎﻭَﺯَ ﺣﺪَّﻩ ﺍﻧﻘﻠﺐ ﺿﺪﻩ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ - ﺁﻳﺔ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ - ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓٌ ﻭﺃﺻﻞٌ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻟﺠﺴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻃﺒﻴﺐٌ ﻧﺼﺮﺍﻧﻲ ﺣﺎﺫﻕ [ 35 ] ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻭﺍﻗﺪ [ 36 ] : " ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻄﺐ ﺷﻲﺀ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎﻥ : ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ، ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ : ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻄﺐَّ ﻛﻠَّﻪ ﻓﻲ ﻧﺼﻒ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻭﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ : ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻭَﻛُﻠُﻮﺍ ﻭَﺍﺷْﺮَﺑُﻮﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﺴْﺮِﻓُﻮﺍ ﺇِﻧَّﻪُ ﻟَﺎ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺴْﺮِﻓِﻴﻦَ ﴾، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻭﻻ ﻳﺆﺛَﺮ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻟﻜﻢ ﺷﻲﺀٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺐ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ : ﺟﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻓﻲ ﺃﻟﻔﺎﻅٍ ﻳﺴﻴﺮﺓٍ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻭﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ : ﻗﻮﻟﻪ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ :- )) ﺍﻟﻤﻌِﺪﺓ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺪﺍﺀ، ﻭﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ ﺩﻭﺍﺀ، ﻭﺃَﻋْﻂِ ﻛﻞَّ ﺑﺪﻥ ﻣﺎ ﻋﻮﺩﺗﻪ (( ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﻛﺘﺎﺑُﻜﻢ، ﻭﻻ ﺭﺳﻮﻟُﻜﻢ ﻟﺠﺎﻟﻴﻨﻮﺱ ﻃِﺒًّﺎ [ 37 ] ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ " ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ " ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﻮﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻷﻛﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﺤﺮﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﺔ، ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﺍﻷﺻﺢ ﻷﻥ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﻥ، ﻭﺍﻷﺳﻨﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻄﻌﻤﺎﻥ [ 38 ] .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭُ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔُ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﻣﺠﺎﻭﺯﺓ ﺣﺪ ﺍﻟﺸﺒﻊ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻓﻴﻪ - ﻓﻜﺜﻴﺮﺓٌ ﺟﺪًّﺍ، ﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺣُﺠَّﺔُ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ [ 39 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ " ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ [ 40 ] ﻃﺮﻓًﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘَﻴِّﻢ " ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ " ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺤﺼﺮﺓٌ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ .
ﺍﻷﻭﻝ : ﺿﺮﺭٌ ﺷﺮﻋﻲٌّ : ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺤﺮﻣﺔ ﻓﻴﻤﻦ ﺃﻛﻞ ﺯﻳﺎﺩﺓً ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺘﻪ، ﻭﺟﺎﻭﺯ ﺣﺪ ﺍﻟﺸﺒﻊ .
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺿﺮﺭٌ ﻳﻠﺤَﻖُ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﺳﻠﺒًﺎ، ﺃﻭ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ .
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺿﺮﺭ ﻳﻠﺤَﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﺳﻠﺒًﺎ؛ ﻓﻴﻌﻮﻗﻪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻬﺎﻣِّﻪ، ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻛﻤﻞ [ 41 ] .
ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺫﻟﻚ :
ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ : ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭِﺯ ﻓﻲ ﺃﻛﻠﻪ ﺩﺭﺟﺔَ ﺍﻟﺸﺒﻊ، ﺩﺍﺧﻞٌ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺁﻳﺔ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ؛ ﻭﺃﻣﺎ ﻧﻬﻲ ﺭﺳﻮﻟﻪ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﻛﻠﻮﺍ، ﻭﺍﺷﺮﺑﻮﺍ، ﻭﺗﺼﺪﻗﻮﺍ، ﻭﺍﻟﺒﺴﻮﺍ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻴﻠﺔ، ﻭﻻ ﺳﺮﻑ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ - ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﺛﺮ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ (( [ 42 ] .
ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺗﺠﺸَّﺄ [ 43 ] ﻋﻨﺪﻩ : ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :- )) ﻛُﻒَّ ﻋﻨﺎ ﺟﺸﺎﺀﻙ، ﻓﺈﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺷﺒﻌًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻃﻮﻟُﻬﻢ ﺟﻮﻋًﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ (( [ 44 ] ؛ ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺮﻑ ﺃﻥ ﺗﺄﻛﻞ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻬﻴﺖ (( [ 45 ] .
ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ : ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛِّﺮ ﻓﻴﻪ ﺳﻠﺒًﺎ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ : ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ .
ﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﺪ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳُﻔﻀِﻲ ﺇﻟﻰ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻭﻳﻮﺭﺛﻪ ﺍﻷﺳﻘﺎﻡ، ﻭﻳﻜﺴﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ؛ ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺫﻟﻚ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻄﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻟﻠﺠﺴﻢ، ﻣﻮﺭﺛﺔ ﻟﻠﺴﻘﻢ، ﻣﻜﺴﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻘﺼﺪ ﻓﻴﻬﻤﺎ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﺃﺻﻠﺢ ﻟﻠﺠﺴﺪ، ﻭﺃﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺮﻑ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻴﺒﻐﺾ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺴﻤﻴﻦ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻦ ﻳﻬﻠﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺆْﺛﺮ ﺷﻬﻮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻪ 46]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﻓﻲ " ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ :" " ﺇﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﺍﻷﻛﻞ ﺻﺤﺔَ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﻭﺩﻓﻊَ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ؛ ﻓﺈﻥ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﻛﻞ، ﻭﺣﺼﻮﻝ ﻓﻀﻠﺔ ﺍﻷﺧﻼﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﺮﻭﻕ 47]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ : ﺃﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻨﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ " ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ " ، ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻠﻤﻴًّﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﺗﺴﺒِّﺐ ﻣﻀﺎﻋﻔﺎﺕٍ ﺧﻄﻴﺮﺓً : ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐِ، ﻭﺍﻷﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ، ﻭﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ، ﻭﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻬﻀﻢ، ﻭﺗﺰﻳﺪ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﻮﻓﻴﺎﺕ، ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻛﺜﺮُ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔً ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻠﺴﻤﻨﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﺑﻬﻢ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻏﺬﺍﺋﻲ ﻣﺤﺪﺩ؛ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺯﺍﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﺴﻤﻨﺔ 48]" ] .
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﻢ " ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ " ﻓﻲ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭًﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻲ ﻣﺎﺩﻳﺔ؛ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﻣﻤﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﻪ [ 49 ] ، ﻭﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻗﺎﻝ : " ﺇ ﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﻳﺼﺢ ﺟﺴﻤُﻚ، ﻭﻳﻘﻞ ﻧﻮﻣﻚ؛ ﻓﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻞ 50]" ] .
ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ : ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺳﻠﺒًﺎ ﻓﻴﻌﻮﻗﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻬﺎﻣِّﻬﻤﺎ، ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻛﻤﻞ .
ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺒﺪﻥ ﻫﻤﺎ ﺃﺷﺮﻑ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺒﺪﻥ؛ ﺇﺫ ﺑﻬﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ، ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺎﺕ، ﻭﺃﺧﻄﺮ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺐ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮًﺍ ﺑﻠﻴﻐًﺎ ﺑﻴِّﻨًﺎ، ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ :
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﻟﻘﻤﺎﻥ ﻻﺑﻨﻪ : " ﻳﺎ ﺑﻨﻲ، ﺇﺫﺍ ﺍﻣﺘﻸﺕِ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ؛ ﻧﺎﻣﺖِ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ، ﻭﺧﺮﺳﺖِ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﻗﻌﺪﺕ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ " [ 51 ] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲُّ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺠﻮﻉِ، ﻭﺁﻓﺎﺕ ﺍﻟﺸﺒﻊ، ﻭﻫﻲ ﻋﺸﺮ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻗﻴﻤﺔ، ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻨﻬﺎ : " ﺃ ﻥ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﻮﺭﺙ ﺍﻟﺒﻼﺩﺓ، ﻭﻳﻌﻤﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻳﻜﺜﺮ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ؛ ﻓﻴﺜﻘﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺮﻳﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﻋﻦ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ 52]" ] ، ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : " ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﻔﺴﺪ ﺭﻗَّﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺻﻔﺎﺀَﻩ، ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﺘﻬﻴَّﺄ ﻹﺩﺭﺍﻙ ﻟﺬَّﺓ ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺘﺄﺛُّﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ " ، ﻭﺃﻭﺭﺩ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺭﺍﻧﻲ ﻗﻮﻟﻪ : " ﺇﺫﺍ ﺟﺎﻉ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻋﻄﺶ، ﺻﻔﺎ ﻭﺭَﻕَّ، ﻭﺇﺫﺍ ﺷﺒﻊ ﻋﻤﻲ ﻭﻏﻠﻆ 53]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ : " ﺇﻥ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﺰﻳﺪُ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺸﺄ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ " ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﻨﻮﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱِّ ﻗﻮﻟﻪ : ﻣﺎ ﺷﺒﻌﺖُ ﻗﻂُّ ﺇﻻ ﻋﺼَﻴﺖُ، ﺃﻭ ﻫﻤﻤﺖُ ﺑﻤﻌﺼﻴﺔ 54]" ] ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺭﺍﻧﻲ - ﻣﺮﺓً ﺃﺧﺮﻯ - ﻗﻮﻟﻪ : " ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺒﻊَ ﻳُﺪﺧِﻞُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺳﺖَّ ﺁﻓﺎﺕٍ، ﻓﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ : ﻓﻘﺪ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ، ﻭﺗﻌﺬﺭ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﺛﻘﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ 55]" ]
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﻓﻲ " ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ :" " ﺇﻥَّ ﻗﻠَّﺔ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺗُﻮﺟِﺐُ ﺭﻗَّﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻟﻔَﻬﻢ، ﻭﺍﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔْﺲ، ﻭﺿﻌﻒ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ، ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺗﻮﺟﺐ ﺿﺪ ﺫﻟﻚ 56]" ] ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻭﺍﺳﻊ ﻗﻮﻟﻪ : " ﻣﻦ ﻗﻞَّ ﻃﻌﻤﻪ ﻓﻬﻢ ﻭﺃﻓﻬﻢ، ﻭﺻﻔﺎ ﻭﺭﻕ، ﻭﺇﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻴﺜﻘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ 57]" ] ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ ﻗﻮﻟﻪ : " ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻄﻨﺔَ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻘﺴِّﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ 58]" ] ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻻ ﺗﺴﻜﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻌﺪﺓً ﻣﻸﻯ [ 59 ] ، ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺠﻮﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻣﻦ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻮﺭ ﻟﻪ ﻗﻠﺒﻪ، ﻓﻠﻴُﻘِﻞَّ ﻃﻌﻤَﻪ 60]" ] ، ﻭﻋﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ ﻗﺎﻝ : " ﻣﻦ ﺿﺒﻂ ﺑﻄﻨﻪ، ﺿﺒﻂ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﺟﻮﻋﻪ، ﻣﻠﻚ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻭﺇﻥ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﻴﺪﺓٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﺋﻊ، ﻗﺮﻳﺒﺔٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻌﺎﻥ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﻤﻴﺖ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻣﻨﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺡ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺡ ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﺇﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻨﺎﻓﻊَ ﻛﺜﻴﺮﺓً، ﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﺻﺢ ﺟﺴﻤًﺎ، ﻭﺃﺟﻮﺩ ﺣﻔﻈًﺎ، ﻭﺃﺯﻛﻰ ﻓﻬﻤًﺎ، ﻭﺃﻗﻞ ﻧﻮﻣًﺎ، ﻭﺃﺧﻒ ﻧﻔﺴًﺎ، ﻭﻓﻲ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﻛﻞ ﻛﻆُّ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ، ﻭﻧﺘﻦ ﺍﻟﺘﺨﻤﺔ، ﻭﻳﺘﻮﻟﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ 61]" ]
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪُ :
ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡَ ﻣﻨﻬﺞُ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ : ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺟﺴﺪٌ ﻭﺭﻭﺡٌ، ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻏﺬﺍﺅﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻭﻧﻤﻮّﻩ، ﻭﺑﻘﺎﺋﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻬﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﺪﻳﻤًﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺃﻏﺬﻳﺔ ﺍﻟﺮُّﻭﺡ، ﻭﻋُﻨُﻮﺍ ﻋﻨﺎﻳﺔً ﻓﺎﺋﻘﺔً ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺃﺳﻘﺎﻡ، ﻭﺁﻓﺎﺕ ﺗُﻜَﺪِّﺭ ﺻَﻔْﻮَ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ؛ ﻓﺘﺼﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺟﺤﻴﻤًﺎ ﺩﻧﻴﻮﻳًّﺎ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺬﻭﻕ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺟﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻌﻤﺪﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻭَﻣَﻦْ ﺃَﻋْﺮَﺽَ ﻋَﻦْ ﺫِﻛْﺮِﻱ ﻓَﺈِﻥَّ ﻟَﻪُ ﻣَﻌِﻴﺸَﺔً ﺿَﻨْﻜًﺎ ]﴾ 1 ] .
ﻓﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻴُﻪ، ﻭﻣﺎ ﺷَﺮَﻋﻪ ﻟﻠﺒﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺩِﻳﻦ، ﺇﻥ ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻟَﻮَّﻭْﺍ ﺃﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ﻋﻨﻪ، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺷﻘﺎﺅﻫﻢ ﻭﺗﻌﺎﺳﺘُﻬﻢ، ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ؛ ﻛﺎﻟﻘﻠﻖ، ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻭﺍﻟﺸﻚ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ .
ﻭﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﻣَﻦ ﺃﻟَّﻒ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ [ 2 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘَﻴِّﻢ " ﺫﻡ ﺍﻟﻬﻮﻯ 3]" ] ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻦُّ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴَّﺔ[ 4 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺌﺔ 5]" ] ، ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔ [ 6 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ : " ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻬﺠﺮﺗﻴﻦ ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺗﻴﻦ 7]" ] ، ﻭ " ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟِﻤَﻦ ﺳﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ 8]" ] ، ﻭ " ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ 9]" ] ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮ .
ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺆﻟَّﻔﺎﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ - ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ - ﻫﻮ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀَﻧﺎ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ - ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﻫﻤﺎ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﺴﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ؛ ﻭﺍﺳﺘﺄﻧﺴﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :- )) ﺃﻻ ﺇﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔً، ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺤﺖ ﺻﻠﺢ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﻠﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪﺕ ﻓﺴﺪ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﻠﻪ، ﺃﻻ ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﺐ (( [ 10 ] ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟَﻌَﻤﺮﻱ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ - ﻣَﻦ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺟﺎﻧﺐَ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ، ﻭﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﻭﻣﺎ ﻳﻀﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﺬﻳﺔ ﻭﺍﻷﻃﻌﻤﺔ، ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻷﻛﻞ، ﻭﺃﻭﻗﺎﺗﻪ، ﻭﻛﻤﻴﺘﻪ ... ﺇﻟﺦ، ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺰﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ 11]" ] ؛ ﻻﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻋِﺐ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ؛ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻭﺳﻼﻣﺘﻪ، ﻭﻋﻼﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺍﻷﺳﻘﺎﻡ، ﻳﺠﻤﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ، ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ، ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﺃﻭ ﺍﻟﻀﻌﻒ، ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺿﻊ، ﻭﺷﺮﺣﻬﺎ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ، ﻭﺫﻛﺮ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﺍﻷﻃﺒﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﻧﻔﻴﺲٌ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ، ﻟﻢ ﻳﺆﻟَّﻒ ﻣﺜﻠُﻪ ﻓﻲ ﻓﻨﻪ - ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻃﻼﻋﻲ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ - ﻭﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ " ؛ ﻟﻌﺒﺪﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺍﻷﻟﺒﻴﺮﻱ [ 12 ] ، ﻭﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ " ؛ ﻟﻌﺒﺪﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ [ 13 ] ، ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻣﻦ " ﺳﻨﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ " ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺐ، ﻭﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﻟﻄﻴﻒ ﺟﻴﺪ، ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻢٌ ﻣﻔﻴﺪٌ ﻭﻧﺎﻓﻊٌ [ 14 ] ، ﻭﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ " ؛ ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ [ 15 ] ، ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺴَّﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻌﺪَّﺕ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﺑﺎﺑًﺎ، ﺃﻏﻠﺒُﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﺝ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ، ﻭﺍﻷﺳﻘﺎﻡ، ﻭ ﺍﻟﻌﺎﻫﺎﺕ، ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻘﺪ ﺃُﻟِّﻔَﺖ ﻛﺘﺐٌ ﻛﺜﻴﺮﺓٌ ﺟﺪًّﺍ، ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻟﻢ ﻳﺄﺕِ ﺑﺠﺪﻳﺪٍ ﺫﻱ ﻓﺎﺋﺪﺓ، ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ، ﻭﺃﺗﻘﻦ، ﻭﺃﻧﻔﻊ، ﻭﺃﻭﺳﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻛﺘﺎﺏ : " ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ، ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ 16]" ] .
ﻓﺮﺃﻳﺖُ ﺃﻥ ﺃﻧﺠﺰ ﺑﺤﺜًﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌًﺎ ﻟﻄﻴﻔًﺎ، ﺃﻟﺨِّﺺ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪَ ﺻﺤﻴﺔ، ﺗﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺻﺤﺘﻪ، ﻭﺟﺴﻤﻪ؛ ﻷﻥ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃَﻣَﺲِّ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻪ، ﻭﺃﻟﺼﻘﻬﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﺎﻻﺗﻪ؛ ﻭﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻗﻮﻟﻪ : )) ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺧﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﺧﻴﺮ (( [ 17 ] ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﻧِﻌَﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﺃﺟﺰﻝ ﻋﻄﺎﻳﺎﻩ، ﻭﺃﻭﻓﺮ ﻣِﻨَﺤِﻪ، ﺑﻞ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ، ﻓﺤﻘﻴﻖٌ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺭُﺯِﻕَ ﺣﻈًّﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﺮﺍﻋﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺣﻔﻈﻬﺎ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻀﺎﺩﻫﺎ؛ ﻭﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﻮﻟﻪ : )) ﻧﻌﻤﺘﺎﻥ ﻣﻐﺒﻮﻥٌ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ : ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ (([ 18 ] ؛ ﻭﻗﺎﻝ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ :- )) ﻣﻦ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﺎﻓًﻰ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻩ، ﺁﻣﻨًﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﺑﻪ، ﻋﻨﺪﻩ ﻗﻮﺕُ ﻳﻮﻣﻪ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺣِﻴﺰَﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ (( [ 19 ] ، ﻭﻭﺿﻌﺖُ ﻟﻪ ﻋﻨﻮﺍﻧًﺎ ﺑﺎﺳﻢ : " ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ."
ﻭﺟﻌﻠْﺘُﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻣﻬﻤﺔ :
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺗﺠﻨُّﺐ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻷﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪْﺭ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﺍﻟﺤﻤﻴَّﺔ ﺃﺻﻞٌ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺠﺴﻢ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻭﻗﺎﺕِ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﺗﺠﻨﺐ ﺍﻷﻛﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺟﺒﺎﺕ، ﺑﺈﺩﺧﺎﻝ ﻃﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ : ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﺗﺠﻨﺐ ﺃﺭﺩﺋﻪ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ : ﻫﻴﺌﺔ ﺟﻠﻮﺱ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ .
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ : ﻭﺻﺎﻳﺎ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ : ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﺏ؛ ﻟﻠﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ [ 20 ] .
ﻭﺃﺧﺘﺘﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪِّﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﺯﻥ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ :
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺗﺠﻨُّﺐ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ :
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻳَﺎ ﺑَﻨِﻲ ﺁﺩَﻡَ ﺧُﺬُﻭﺍ ﺯِﻳﻨَﺘَﻜُﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﻛُﻞِّ ﻣَﺴْﺠِﺪٍ ﻭَﻛُﻠُﻮﺍ ﻭَﺍﺷْﺮَﺑُﻮﺍ ﻭَﻻَ ﺗُﺴْﺮِﻓُﻮﺍ ﺇِﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺴْﺮِﻓِﻴﻦَ ﴾ [ 21 ] ، ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ : ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻗﺎﻝ : " ﺃﺣﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻛﻞَ، ﻭﺍﻟﺸﺮﺏَ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﺮﻓًﺎ، ﺃﻭ ﻣﺨﻴﻠﺔ 22]" ] ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻠﻴﺚ ﺍﻟﺴﻤﺮﻗﻨﺪﻱ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ : " ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻞ ﻟﻪ ﺃﻛﻠﻪ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻘﺼﺪ، ﻭﻣﻘﺪﺍﺭِ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ 23]" ] ، ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ : ﻣﺠﺎﻭﺯﺓ ﺍﻟﺤﺪ ﻭﺍﻟﻘﺼﺪ [ 24 ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻵﻳﺔ : " ﻻ ﺗﺴﺮﻓﻮﺍ ﻓﻲ ﺃﻛﻞ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﻊ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣُﻀِﺮٌّ؛ ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ : )) ﺃﺻﻞ ﻛﻞ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺒﺮﺩﺓ 25]"(( ] .
ﻭﺍﻟﺒﺮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺨﻤﺔ ﻭﻫﻲ : ﺛﻘﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ [ 26 ] ، ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ : ﺍﻷﻛﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺒﻊ 27]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮﺭ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﻫﻮ ﺗﺠﺎﻭﺯُ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭَﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ 28]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭ :" " ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺤﺴﺒﻪ، ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﻲ؛ ﻛﺎﻟﺠﻮﻉ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻊ، ﻭﺍﻟﻈﻤﺄ، ﻭﺍﻟﺮِّﻱ، ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻟﺠﻮﻉ، ﻭﻣﺘﻰ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺸﺒﻊ ﻛﻒ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻠﺬُّ ﺍﻻﺳﺘﺰﺍﺩﺓ، ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺸﺮﺏ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻈﻤﺄ، ﻭﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﺰﻳﻠﻪ ﺭﻳًّﺎ، ﻓﻠﻢ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻻﺳﺘﻠﺬﺍﺫ ﺑَﺮَﺩِ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﺃﻭ ﺣﻼﻭﺗﻪ - ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺮﻓًﺎ ﻓﻲ ﺃﻛﻠﻪ ﻭﺷﺮﺑﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻧﺎﻓﻌًﺎ ﻟﻪ 29]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﻣَﻦْ ﺗﻠﺒَّﺲ ﺑﻔﻌﻞٍ ﻣﺒﺎﺡ ﻓﺈﻥ ﻣﺸﻰ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺪ، ﻭﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﺤﺴﻦٌ، ﻭﺇﻥ ﺃﻓﺮﻁ ﺣﺘﻰ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻀﺮﺭُ ﺣﺼﻞ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺮﻓﻴﻦ ﻭﺗﻮﺟَّﻪ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻠﻴﻪ 30]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ " ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ : ﴿ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﺴْﺮِﻓُﻮﺍ ﴾ : " ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻭﻳﺸﺮﺏ، ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ، ﻭﻻ ﻳُﻜﺜِﺮ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﺢ، ﻭﻻ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻘﺪﺍﺭًﺍ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻳﻀﺮﻩ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ 31]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺰﺟﺎﺝ ﻓﻲ " ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ :" " ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻞ ﺃﻛﻠُﻪ ﻣﻤﺎ ﺣﺮَّﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺆﻛﻞ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻨﻪ، ﺃﻭ ﺗﺄﻛﻞ ﻣﻤﺎ ﺃﺣﻞ ﻟﻚ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻘﺼﺪ، ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻓﺄﻋﻠﻢَ ﺍﻟﻠﻪُ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﻑ 32]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﻲ " ﻧﻈﻢ ﺍﻟﺪﺭﺭ :" " ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﺮﻑ ﺍﻷﻛﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﻄﻦ 33]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ " ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ :" " ﻭﻣﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﺍﻷﻛﻞ ﻻ ﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻭﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺷﺒﻊ 34]" ] ، ﻓﺘﺤﺼَّﻞ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﻢ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﻳﺘﻨﺎﻭَﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓَ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻣﻤﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺄﻛﻮﻝُ ﻣﺒﺎﺣًﺎ، ﻓﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﻳﺸﻤﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻠﻪُ - ﺟﻞ ﻭﻋﻼ - ﻻ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻭﻓﻴﻪ ﺍﻟﻀﺮﺭُ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ، ﺇﻣﺎ ﻋﺎﺟﻼً ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻭ ﺁﺟﻼً ﻓﻲ ﺃﺧﺮﺍﻩ .
ﻓﻜﻞُّ ﺷﻲﺀٍ ﺟﺎﻭَﺯَ ﺣﺪَّﻩ ﺍﻧﻘﻠﺐ ﺿﺪﻩ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ - ﺁﻳﺔ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ - ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓٌ ﻭﺃﺻﻞٌ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻟﺠﺴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻃﺒﻴﺐٌ ﻧﺼﺮﺍﻧﻲ ﺣﺎﺫﻕ [ 35 ] ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻭﺍﻗﺪ [ 36 ] : " ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻄﺐ ﺷﻲﺀ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎﻥ : ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ، ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ : ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻄﺐَّ ﻛﻠَّﻪ ﻓﻲ ﻧﺼﻒ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻭﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ : ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻭَﻛُﻠُﻮﺍ ﻭَﺍﺷْﺮَﺑُﻮﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﺴْﺮِﻓُﻮﺍ ﺇِﻧَّﻪُ ﻟَﺎ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺴْﺮِﻓِﻴﻦَ ﴾، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻭﻻ ﻳﺆﺛَﺮ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻟﻜﻢ ﺷﻲﺀٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺐ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ : ﺟﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻓﻲ ﺃﻟﻔﺎﻅٍ ﻳﺴﻴﺮﺓٍ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻭﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ : ﻗﻮﻟﻪ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ :- )) ﺍﻟﻤﻌِﺪﺓ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺪﺍﺀ، ﻭﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ ﺩﻭﺍﺀ، ﻭﺃَﻋْﻂِ ﻛﻞَّ ﺑﺪﻥ ﻣﺎ ﻋﻮﺩﺗﻪ (( ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ : ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﻛﺘﺎﺑُﻜﻢ، ﻭﻻ ﺭﺳﻮﻟُﻜﻢ ﻟﺠﺎﻟﻴﻨﻮﺱ ﻃِﺒًّﺎ [ 37 ] ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ " ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ " ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﻮﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻷﻛﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ، ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﺤﺮﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﺔ، ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﺍﻷﺻﺢ ﻷﻥ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﻥ، ﻭﺍﻷﺳﻨﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻄﻌﻤﺎﻥ [ 38 ] .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭُ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔُ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﻣﺠﺎﻭﺯﺓ ﺣﺪ ﺍﻟﺸﺒﻊ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻓﻴﻪ - ﻓﻜﺜﻴﺮﺓٌ ﺟﺪًّﺍ، ﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺣُﺠَّﺔُ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ [ 39 ] ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ " ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ [ 40 ] ﻃﺮﻓًﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘَﻴِّﻢ " ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ " ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺤﺼﺮﺓٌ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ .
ﺍﻷﻭﻝ : ﺿﺮﺭٌ ﺷﺮﻋﻲٌّ : ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺤﺮﻣﺔ ﻓﻴﻤﻦ ﺃﻛﻞ ﺯﻳﺎﺩﺓً ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺘﻪ، ﻭﺟﺎﻭﺯ ﺣﺪ ﺍﻟﺸﺒﻊ .
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺿﺮﺭٌ ﻳﻠﺤَﻖُ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﺳﻠﺒًﺎ، ﺃﻭ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ .
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺿﺮﺭ ﻳﻠﺤَﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﺳﻠﺒًﺎ؛ ﻓﻴﻌﻮﻗﻪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻬﺎﻣِّﻪ، ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻛﻤﻞ [ 41 ] .
ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺫﻟﻚ :
ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ : ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭِﺯ ﻓﻲ ﺃﻛﻠﻪ ﺩﺭﺟﺔَ ﺍﻟﺸﺒﻊ، ﺩﺍﺧﻞٌ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺁﻳﺔ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ؛ ﻭﺃﻣﺎ ﻧﻬﻲ ﺭﺳﻮﻟﻪ - ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ - ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﻛﻠﻮﺍ، ﻭﺍﺷﺮﺑﻮﺍ، ﻭﺗﺼﺪﻗﻮﺍ، ﻭﺍﻟﺒﺴﻮﺍ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻴﻠﺔ، ﻭﻻ ﺳﺮﻑ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ - ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﺛﺮ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ (( [ 42 ] .
ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺗﺠﺸَّﺄ [ 43 ] ﻋﻨﺪﻩ : ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :- )) ﻛُﻒَّ ﻋﻨﺎ ﺟﺸﺎﺀﻙ، ﻓﺈﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺷﺒﻌًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻃﻮﻟُﻬﻢ ﺟﻮﻋًﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ (( [ 44 ] ؛ ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺮﻑ ﺃﻥ ﺗﺄﻛﻞ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻬﻴﺖ (( [ 45 ] .
ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ : ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛِّﺮ ﻓﻴﻪ ﺳﻠﺒًﺎ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ : ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ .
ﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﺪ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳُﻔﻀِﻲ ﺇﻟﻰ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻭﻳﻮﺭﺛﻪ ﺍﻷﺳﻘﺎﻡ، ﻭﻳﻜﺴﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ؛ ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺫﻟﻚ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻄﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻟﻠﺠﺴﻢ، ﻣﻮﺭﺛﺔ ﻟﻠﺴﻘﻢ، ﻣﻜﺴﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻘﺼﺪ ﻓﻴﻬﻤﺎ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﺃﺻﻠﺢ ﻟﻠﺠﺴﺪ، ﻭﺃﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺮﻑ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻴﺒﻐﺾ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺴﻤﻴﻦ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻦ ﻳﻬﻠﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺆْﺛﺮ ﺷﻬﻮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻪ 46]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﻓﻲ " ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ :" " ﺇﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﺍﻷﻛﻞ ﺻﺤﺔَ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﻭﺩﻓﻊَ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ؛ ﻓﺈﻥ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﻛﻞ، ﻭﺣﺼﻮﻝ ﻓﻀﻠﺔ ﺍﻷﺧﻼﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﺮﻭﻕ 47]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ : ﺃﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻨﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ " ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ " ، ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻠﻤﻴًّﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﺗﺴﺒِّﺐ ﻣﻀﺎﻋﻔﺎﺕٍ ﺧﻄﻴﺮﺓً : ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐِ، ﻭﺍﻷﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ، ﻭﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ، ﻭﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻬﻀﻢ، ﻭﺗﺰﻳﺪ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﻮﻓﻴﺎﺕ، ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻛﺜﺮُ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔً ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻠﺴﻤﻨﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﺑﻬﻢ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻏﺬﺍﺋﻲ ﻣﺤﺪﺩ؛ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺯﺍﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﺴﻤﻨﺔ 48]" ] .
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﻢ " ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ " ﻓﻲ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭًﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻲ ﻣﺎﺩﻳﺔ؛ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﻣﻤﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﻪ [ 49 ] ، ﻭﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻗﺎﻝ : " ﺇ ﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﻳﺼﺢ ﺟﺴﻤُﻚ، ﻭﻳﻘﻞ ﻧﻮﻣﻚ؛ ﻓﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻞ 50]" ] .
ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ : ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ، ﺃﻭ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺳﻠﺒًﺎ ﻓﻴﻌﻮﻗﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻬﺎﻣِّﻬﻤﺎ، ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻛﻤﻞ .
ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺒﺪﻥ ﻫﻤﺎ ﺃﺷﺮﻑ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺒﺪﻥ؛ ﺇﺫ ﺑﻬﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ، ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺎﺕ، ﻭﺃﺧﻄﺮ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺐ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮًﺍ ﺑﻠﻴﻐًﺎ ﺑﻴِّﻨًﺎ، ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ :
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﻟﻘﻤﺎﻥ ﻻﺑﻨﻪ : " ﻳﺎ ﺑﻨﻲ، ﺇﺫﺍ ﺍﻣﺘﻸﺕِ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ؛ ﻧﺎﻣﺖِ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ، ﻭﺧﺮﺳﺖِ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﻗﻌﺪﺕ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ " [ 51 ] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲُّ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺠﻮﻉِ، ﻭﺁﻓﺎﺕ ﺍﻟﺸﺒﻊ، ﻭﻫﻲ ﻋﺸﺮ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻗﻴﻤﺔ، ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻨﻬﺎ : " ﺃ ﻥ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﻮﺭﺙ ﺍﻟﺒﻼﺩﺓ، ﻭﻳﻌﻤﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻳﻜﺜﺮ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ؛ ﻓﻴﺜﻘﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺮﻳﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﻋﻦ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ 52]" ] ، ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : " ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﻔﺴﺪ ﺭﻗَّﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺻﻔﺎﺀَﻩ، ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﺘﻬﻴَّﺄ ﻹﺩﺭﺍﻙ ﻟﺬَّﺓ ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺘﺄﺛُّﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ " ، ﻭﺃﻭﺭﺩ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺭﺍﻧﻲ ﻗﻮﻟﻪ : " ﺇﺫﺍ ﺟﺎﻉ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻋﻄﺶ، ﺻﻔﺎ ﻭﺭَﻕَّ، ﻭﺇﺫﺍ ﺷﺒﻊ ﻋﻤﻲ ﻭﻏﻠﻆ 53]" ] ، ﻭﻗﺎﻝ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ : " ﺇﻥ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﺰﻳﺪُ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺸﺄ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ " ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﻨﻮﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱِّ ﻗﻮﻟﻪ : ﻣﺎ ﺷﺒﻌﺖُ ﻗﻂُّ ﺇﻻ ﻋﺼَﻴﺖُ، ﺃﻭ ﻫﻤﻤﺖُ ﺑﻤﻌﺼﻴﺔ 54]" ] ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺭﺍﻧﻲ - ﻣﺮﺓً ﺃﺧﺮﻯ - ﻗﻮﻟﻪ : " ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺒﻊَ ﻳُﺪﺧِﻞُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺳﺖَّ ﺁﻓﺎﺕٍ، ﻓﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ : ﻓﻘﺪ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ، ﻭﺗﻌﺬﺭ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﺛﻘﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ 55]" ]
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﻓﻲ " ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ :" " ﺇﻥَّ ﻗﻠَّﺔ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺗُﻮﺟِﺐُ ﺭﻗَّﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻟﻔَﻬﻢ، ﻭﺍﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔْﺲ، ﻭﺿﻌﻒ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ، ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺗﻮﺟﺐ ﺿﺪ ﺫﻟﻚ 56]" ] ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻭﺍﺳﻊ ﻗﻮﻟﻪ : " ﻣﻦ ﻗﻞَّ ﻃﻌﻤﻪ ﻓﻬﻢ ﻭﺃﻓﻬﻢ، ﻭﺻﻔﺎ ﻭﺭﻕ، ﻭﺇﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻴﺜﻘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ 57]" ] ، ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ ﻗﻮﻟﻪ : " ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻄﻨﺔَ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻘﺴِّﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ 58]" ] ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻻ ﺗﺴﻜﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻌﺪﺓً ﻣﻸﻯ [ 59 ] ، ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺠﻮﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻣﻦ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻮﺭ ﻟﻪ ﻗﻠﺒﻪ، ﻓﻠﻴُﻘِﻞَّ ﻃﻌﻤَﻪ 60]" ] ، ﻭﻋﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ ﻗﺎﻝ : " ﻣﻦ ﺿﺒﻂ ﺑﻄﻨﻪ، ﺿﺒﻂ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﺟﻮﻋﻪ، ﻣﻠﻚ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻭﺇﻥ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﻴﺪﺓٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﺋﻊ، ﻗﺮﻳﺒﺔٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻌﺎﻥ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻊ ﻳﻤﻴﺖ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻣﻨﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺡ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺡ ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ :" " ﺇﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻨﺎﻓﻊَ ﻛﺜﻴﺮﺓً، ﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﺻﺢ ﺟﺴﻤًﺎ، ﻭﺃﺟﻮﺩ ﺣﻔﻈًﺎ، ﻭﺃﺯﻛﻰ ﻓﻬﻤًﺎ، ﻭﺃﻗﻞ ﻧﻮﻣًﺎ، ﻭﺃﺧﻒ ﻧﻔﺴًﺎ، ﻭﻓﻲ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﻛﻞ ﻛﻆُّ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ، ﻭﻧﺘﻦ ﺍﻟﺘﺨﻤﺔ، ﻭﻳﺘﻮﻟﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ 61]" ]
مواضيع مماثلة
» ﻧﺰﻻﺀ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﻓﻰ ﺍﺿﺮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ
» ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎﺳﺮ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺑﻼ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻓﻲ ﻛﻨﺎﻧﺔ
» ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎﺳﺮ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺑﻼ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﺳﻜﺮ ﻛﻨﺎﻧﺔ !
» ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻜﺜﻔﻪ ﺑﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻋﻠﻴﺎﺀ
» ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ
» ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎﺳﺮ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺑﻼ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻓﻲ ﻛﻨﺎﻧﺔ
» ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎﺳﺮ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﺑﻼ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﺳﻜﺮ ﻛﻨﺎﻧﺔ !
» ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻜﺜﻔﻪ ﺑﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻋﻠﻴﺎﺀ
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق