ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ - ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺧﺒﺎﺏ ﺑﻦ ﺍﻷﺭﺕ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻲ
---------------------------------------------------------
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺧﺒﺎﺏ ﺑﻦ ﺍﻷﺭﺕ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺭﺿﺎﻩ ﺃﺳﻠﻢ ﻣﺒﻜﺮﺍ ،
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺳﺎﺩﺱ ﺳﺘﺔ ﺃﺳﻠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻞ : ﻟﻘﺪ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺎﺏ
ﻭﻗﺖ ﻫﻮ ﺳﺪﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ.
ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺗﻤﻴﻢ ، ﻭﺃُﺳﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ، ﻓﺎﺷﺘﺮﺗﻪ ﺃﻡ ﺃﻧﻤﺎﺭ ﺑﻨﺖ ﺳﺒﺎﻉ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﻧِﻌًﺎ
ﻟﻠﺴﻴﻮﻑ، ﻳﺒﻴﻌﻬﺎ ﻭﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻳﺪﻩ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺳﺮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻟﻴﺴﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ
ﻓﺸﺮﺡ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺪﺭﻩ، ﺛﻢ ﺃﻋﻠﻦ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﺭﻓﺾ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ " ﺻﺒﺄﺕ " ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ .. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ
ﺑﻔﺨﺮ ﺷﺪﻳﺪ: " ﻣﺎ ﺻﺒﺄﺕ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ، ﻭﻧﺒﺬﺕ ﺃﺻﻨﺎﻣﻜﻢ ،
ﻭﺷﻬﺪﺕ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ." "
ﺗﻌﺮﺽ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻟﺸﺘﻰ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺤﻤﻞ ﻭﺻﺒﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪﻩ ﻓﻤﺎ ﻳﻄﻔﺊ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺇﻻ ﺍﻟﺪﻫﻦ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ
ﻓﻲ ﻇﻬﺮﻩ
ﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺷَﻜَﻮْﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺭَﺳﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢَ ﻭﻫﻮ ﻣُﺘَﻮَﺳِّﺪٌ ﺑُﺮْﺩَﺓً
ﻟﻪ ﻓﻲ ﻇِﻞِّ ﺍﻟﻜَﻌْﺒَﺔِ
ﻓَﻘُﻠْﻨﺎ : ﺃﻻ ﺗَﺴْﺘَﻨْﺼِﺮُ ﻟﻨﺎ ﺃﻻ ﺗَﺪْﻋُﻮ ﻟَﻨﺎ ؟ ﻓﻘﺎﻝَ : ﻗﺪْ ﻛﺎﻥَ ﻣَﻦ ﻗَﺒْﻠَﻜُﻢْ، ﻳُﺆْﺧَﺬُ ﺍﻟﺮَّﺟُﻞُ ﻓﻴُﺤْﻔَﺮُ
ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭْﺽِ، ﻓﻴُﺠْﻌَﻞُ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴُﺠﺎﺀُ ﺑﺎﻟﻤِﻨْﺸﺎﺭِ ﻓﻴُﻮﺿَﻊُ ﻋﻠَﻰ ﺭَﺃْﺳِﻪِ ﻓﻴُﺠْﻌَﻞُ ﻧِﺼْﻔَﻴْﻦِ،
ﻭﻳُﻤْﺸَﻂُ ﺑﺄَﻣْﺸﺎﻁِ ﺍﻟﺤَﺪِﻳﺪِ، ﻣﺎ ﺩُﻭﻥَ ﻟَﺤْﻤِﻪِ ﻭﻋَﻈْﻤِﻪِ، ﻓَﻤﺎ ﻳَﺼُﺪُّﻩُ ﺫﻟﻚَ ﻋﻦ ﺩِﻳﻨِﻪِ ﻭﺍﻟﻠَّﻪِ
ﻟَﻴَﺘِﻤَّﻦَّ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣْﺮُ، ﺣﺘَّﻰ ﻳَﺴِﻴﺮَ ﺍﻟﺮَّﺍﻛِﺐُ ﻣِﻦ ﺻَﻨْﻌﺎﺀَ ﺇﻟﻰ ﺣَﻀْﺮَﻣَﻮْﺕَ، ﻻ ﻳَﺨﺎﻑُ ﺇﻟَّﺎ ﺍﻟﻠَّﻪَ،
ﻭﺍﻟﺬِّﺋْﺐَ ﻋﻠَﻰ ﻏَﻨَﻤِﻪِ، ﻭﻟَﻜِﻨَّﻜُﻢْ ﺗَﺴْﺘَﻌْﺠِﻠُﻮﻥَ
ﻭﻗﺪ ﻣﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺴﻴﺪﻧﺎ ﺧﺒﺎﺏ ﻳﻮﻣﺎ ، ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﻤﻲ ﻗﺪ
ﻭﺿﻌﺘﻪ " ﺃﻡ ﺃﻧﻤﺎﺭ" ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻪ ﻳﻠﻬﺒﻪ ﻭﻳﺸﻮﻳﻪ .. ﻓﺮﻓﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻛﻔﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ، ﻭﻗﺎﻝ " : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻧﺼﺮ ﺧﺒﺎﺑﺎ ."
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﺃﻧﻤﺎﺭ ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻠﺘﻬﺐ ﺛﻢ ﺗﻀﻌﻪ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺱ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺧﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﻠﻮﻯ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻷﻟﻢ
ﺃﺣﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﺣﺒًّﺎ ﺷﺪﻳﺪًﺍ، ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻀﺤﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺑﺄﻏﻠﻰ ﻣﺎ
ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻭﻣﺎﻝ ﻭﺃﺣﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺎﻉ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻭﻧﺸﺮﻩ ﺑﻴﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﻔﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻛﺎﻥ ﺧﺒﺎﺏ ﻳﺪﺭﺱ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻣﻊ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ.
ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻓﺄﺳﺮﻉ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﻠﺒﻴًّﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ،
ﻓﻬﺎﺟﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺁﺧﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺗﻤﻴﻢ
ﻣﻮﻟﻰ ﺧﺮﺍﺱ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﻤﺔ
ﺷﺎﺭﻙ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻏﺰﻭﺍﺕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ، ﻭﺃﻇﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺠﺎﻋﺔ
ﻭﻓﺮﻭﺳﻴﺔ، ﻭﻇﻞَّ ﻣﺤﺒًّﺎ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺷﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﺃﻳﺎﻡ ﺳﻴﺪﻧﺎ
ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ.
ﻧﺰﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻭﺑﻨﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻴﺘﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌًﺎ ﻋﺎﺵ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺎﺓ
ﺯﺍﻫﺪﺓ ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ،
ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺒﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﻂ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﻣﺎﻟﻪ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻩ
ﻟﻜﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻛﻞ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ
ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ : ﺇﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺑﻮﺕ
‏( ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ‏) ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﻫﻢ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺷﺪﺩﺕ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻴﻂ ﻭﻻ ﻣﻨﻌﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﻞ،
ﺛﻢ ﺑﻜﻰ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻣﺎ ﻳﺒﻜﻴﻚ ؟
ﻗﺎﻝ : ﺃﺑﻜﻲ ﺃﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ ﻣﻀﻮﺍ ﻭﻟﻢ ﺗﻨﻘﺼﻬﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻭﺇﻧﺎ ﺑﻘﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ
ﻧﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻮﺿﻌًﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ.
ﻣﺎﺕ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ..
ﻭﻭﻗﻒ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻩ ﻗﺎﺋﻼ :
ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺒﺎﺑﺎ ، ﻓﻠﻘﺪ ﺃﺳﻠﻢ ﺭﺍﻏﺒﺎ ، ﻭﻫﺎﺟﺮ ﻃﺎﺋﻌﺎ ، ﻭﻋﺎﺵ ﻣﺠﺎﻫﺪﺍ