بحـث
المواضيع الأخيرة
» شركة جلي بلاط بالرياضمن طرف moslema_r الخميس 14 نوفمبر 2024 - 21:36
» احدث هواتف انفينكس Infinix Hot 50
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:54
» افضل الهواتف من اوبو Oppo A3x
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:38
» سامسونج Samsung Galaxy A16
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:29
» موبي برايس ماركات الموبايلات
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:16
» افضل شركة تنظيف منازل بالكويت باقل الاسعار
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:06
» كراتين للبيع بالكويت- افضل انواع الكراتين
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:42
» افضل شركة نقل عفش بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:32
» افضل شركة شراء اثاث مستعمل بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:21
» افضل نجار بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:06
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
الحكم بالظاهر وإثم من خاصم في باطل وهو يعلمه
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
الحكم بالظاهر وإثم من خاصم في باطل وهو يعلمه
الحكم بالظاهر وإثم من خاصم في باطل وهو يعلمه
أخرج الإمام مالكٌ وأَحْمد والشَّيخان وأصحاب السُّنَن أنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّما أنا بشر، وإنَّكم تختصمون إلَيَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألْحَنَ[1] بِحُجَّتِه من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يَأخذْه؛ فإنَّما أقطع له قطعة من النار))[2].
وهذا الحديث فيه عِبْرة للمُحامين الذين يتوكَّلون على الدَّعاوي بِحُجَّة الدِّفاع عن الحقوق والمظلوم، وهم الذين يُعقِّدون الأمور، ويزيدون في الظُّلم، وإفساد الضَّمائر، فلا يجوز لهم المُحاماة للمُبْطِل قطعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105]، وقد قلتُ في باب الوكالة في منظومتِي الفقهيَّة الطويلة[3]:
وَفِي الْخُصُومَاتِ الوَكِيلُ إِنْ عَلِمْ
ظُلْمًا فَلاَ يَصِحُّ تَوْكِيلٌ رُسِمْ
لِقَوْلِ رَبٍّ لَمْ يَزَلْ حَكِيمَا:
وَلاَ تَكُنْ لِخَائِنٍ خَصِيمَا
وفي نَهْي الله عباده المؤمنين عن أكل الأموال والإدلاء بِها إلى الحُكَّام فوائد عظيمة؛ اقتصاديَّة، واجتماعية؛ لأنَّ سبب ذلك شيئان: الشحُّ والانتقام،
وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إيَّاكم والشحَّ[4]؛ فإنه أهلك مَن كان قبلكم، حَمَلهم على أن سفَكوا دماءهم، واستحلُّوا مَحارمهم))[5].
والخصومات التي فشَتْ في هذه العصور، وتفاقم شَرُّها بين الأباعد والأقارب، قد خرَّبَت البيوت، وأفقرت العوائل، وفرَّقَت بين الأحباب، وفككت الرَّوابط حتَّى مع الأقرباء، وانْحَصرت المصلحة فيها للمحامين والمرتشين من الماديِّين الأراذل، فحصلت بها نكبات اقتصاديَّة واجتماعية، حتَّى إنَّ فيهم مَن يموت كمدًا، ودَعْواه في المَحكمة، قد حرَمَه الله من اللذَّة بنصيبه المَحجوز؛ لِظُلمه، وفساد ضميره، وإرادة الانتقام من خَصْمِه.
وكم من دَعْوى قارب انتهاؤُها بعد عشرات السِّنين، ثُمَّ يَمُوت واحد من أطراف الخصومة، وأعيدت الدَّعوى من جديد، فازدادت خسارة الطَّالب والمطلوب بِحِرمانهم، وإضاعة أوقاتِهم، وازدادت مرابح المُبْطِلين! وكلُّ هذه ثَمرة الابتعاد عن أمر الله ورَفْض حدوده، ولو راقب اللهَ كلٌّ من الخُصَماء؛ لَحاسبوا ضمائرهم، وتصالحوا فيما بينهم ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، كما نصَّ عليه، لا يرفضه إلاَّ المحروم من الخير، فما أحوج الأُمَّة إلى الرُّجوع لتعاليم القرآن الكريم.
ومِن جُمْلة أكل أموال الناس بالباطل: ظُلْم الأجير والعامل ببخس حقِّه؛ لأنَّ فيه اغتصابًا للمنفعة، واسترقاقًا للأحرار بتسخيرهم في أعمال مع هَضْم حقِّهم، والتنعُّم بِبُؤسهم، والسَّعادة بشقائهم وعرقهم المتصبِّب، وتسليط بعض الولاة عليهم إنْ هم توقَّفوا عن العمل طالبين الإنصاف، وهذا مع عظيم حرمته، فإنَّه يَجْلب سخط الله على أهله، فيسلِّط عليهم الشُّيوعية الماحقة للمالك والمملوك ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾ [النبأ: 26]، وظلم العامل والأجير بِبَخْس حقِّه يُثير كوامن الحسَدِ والحِقْد الذي هو من أخطر منافذ الشُّيوعية والإلْحاد؛ لأنَّه يقلب المجتمع إلى مُجتمع كراهية وعداء مستطير.
وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، ففي هذه الآية الكريمة ردٌّ واضحٌ على ما يسمُّونه بالاشتراكيَّة أو الشُّيوعية؛ إفكًا وزورًا، وينسبه الدجَّالون المغرضون إلى الإسلام، وقد سخَّروا كلَّ مَن يسترخص نفسه من العلماء والأدباء والكُتَّاب لِبَلشفة الإسلام؛ تضليلاً للعوامِّ، وتلبيسًا على الشباب، وقد تأثَّر الكثير بإِفْكهم، ودقيق مَكْرِهم، ولكن الإسلام أعلى من ذلك.
فالإسلام يعترف بالمِلْكيَّة الفرديَّة، وجميع أنواع الشركات المذكورة في كتب الفقه، وعلى الأخصِّ كتب الحنابلة، ويعمل على صيانة ذلك وحِمايته، ويحرم الجناية على الأموال بالسَّرقة وجميع أنواع الاحتيال والتلصُّص، حتى إنَّه شرع العقوبات الفظيعة الرَّادعة عن الجناية على الأموال.
والإسلام يشجِّع على التِّجارة والعمل، ويُفْسح مَجال التَّنافس، ويحضُّ على التزام الصِّدق والنَّزاهة في المعاملة، ويُحرِّم الغشَّ والتدليس والغَبْن، حتَّى إن الفقهاء نصُّوا على إبطال البيع بالغبْن، وحدَّدوه بالْخُمس؛ أيْ: بعشرين في المائة، فقالوا: مَن اشترى ما يساوي ثَمانية بعشرة، أو باع ما يُساوي عشرة بثمانية، فله الخيار في فَسْخ العقد؛ وهذا لِمُقاومة الاستغلال الجَشِع الذي يقوم به الانتهازيُّون ورَفْع شأن العُمَّال، وأوصى بتزويد الصُّناع بالعدَّة اللاَّزمة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ظلم الأجير أجرَه من الكبائر)).
وحرم الظلم بجميع أنواعه، ورسَم قواعد التَّكافل الاجتماعيِّ على وجه صحيح مطَّرِد، بحيث لا تربو طبقة على حساب طبقة، ولا تستبدّ طبقة بمقدَّرات طبقة، وحرَّم الرِّبا بِجَميع أنواعه، كما حرَّم ما سبق ذِكْرُه.
وشرَح ما يَقْضي على الفقر والبُؤْس، بحيث لا يتوهَّم الفقير أن الفقر مفروض عليه ضربةَ لازبٍ، بل فتح له جميع أبواب المعيشة بكلِّ حماية وتشجيع، حتى إنَّ خادم التاجر أو كاتبه يُصْبح تاجرًا أعلى منه، والخادم في مصنع أو ورشة يُصْبح صاحب مصنع؛ وهذا لِمَا في الإسلام من فتح باب الْمُضاربة والشركات، ومشروعية القرض الحسَن، بلا رِبًا، بِخلاف النِّظام الرَّأسِمالي الذي لا يَجِد فيه الفقيرُ تعاوُنًا مع تاجر، أو صاحبِ شركة، أو مصنع، أو مَصْرف من مصارف البنوك، فتبقى الطبَقِيَّة بدون تحويل.
فالإسلام يتمشَّى مع سنن الفطرة السَّليمة، التي لا تَطْغى فيها طبقة على طبقة، ولا تفرض الفقر والخنوع على طبقة طيلة عمرها، وإنَّما يَجْري فيها تسخير الناس بعضهم لبعض على حساب الْمَصالح المشتركة، والحاجات المشتركة، والاحترام المتبادَل، قال تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: 32].
فالطبقيَّة التي عند الرأسماليين والإقطاعيِّين غير الطبقيَّة الفطريَّة التي هي من ضروريَّات المجتمع الإنسانِيِّ، والتي قيَّدها الإسلام بقيود عن الطُّغيان، وكذلك الطبقيَّة الجديدة التي بعثَتْها (روسيا الشُّيوعية) باسْم العدالة الكاذبة، ومَحْو الطَّبقات الذي هو خرافة لم تَحْدث، ولا يمكن حدوثها بعقليَّة بشرية كافرة قائمة على الإِلْحاد من أساسه؛ لأنَّها مُخالِفة لفطرة الإنسان القائمة على التفاوت في الْمَلَكات، والمجهود، والقدرات، بِحيث لا يمكن التَّسوية بين الناس في الأقدار والدرجات؛ لضرورة بقائها، وعدم النَّجاح إلاَّ في معالَجةٍ وَفْق شريعة الإسلام.
ولِهذا كانت النتيجة - لتعصُّب الشُّيوعية وهوسها وثوراتِها الحمراء الفاتكة - هي مَحْوَ طبقات؛ لتحلَّ مَحلَّها طبقاتٌ أخرى في الظُّهور، أبشع وأفظع من كلِّ طبقيَّة عُرِفَت في التاريخ، فإنَّ الشُّيوعية تَحْتقر الفرد والجماعة إلاَّ ما كان من أعضاء الحزب البارزين العاملين على إرهاب الشَّعب، فإنَّهم يتمتَّعون بالقصور البلورية التي تسفح عليها الأمواج تحت البحر، وبالقصور البَرِّية، والجسور العظيمة بينهما، والحمَّامات البحريَّة الَّتِي هي كالبُحَيْرات، والتيَّارات الكهربائيَّة المدفِّئة لِمِياهها بسرعة فائقة كما حدَّثَنا صاحبُ جريدة (الأهرام) المُشايِعُ لَهم، والذي نشر في جريدته وصوَّر لنا ما رأى بعينه عن حياة أحد زعمائهم (خروتشوف) بتاريخ 22/ 4/ 1964ميلادية، فقد كشف لنا النِّقاب عمَّا يتمتَّع به الزُّعَماء والقادة، ورؤساء الكُتَّاب مِمَّا لا يوجد مثله في أيِّ طبقيَّة على مرِّ التاريخ، ولم يُذْكَر عن ملك في قديم الزَّمان أو حديثِه أنَّه تَمتَّع بِمثل هذا، على أنَّهم اعترفوا بوجود طبقة مُمتازة يزعمون أنَّهم ذَوُو بصيرة نافذة، وأنَّهم هم العقل الذي تُفكِّر به البيئة الاجتماعية، وأنَّها تتعثَّر بدون إرشاداتهم، وتضيع في التخبُّط.
هكذا تفسيرهم لتبرير الطبقيَّة الممتازة التي لم يَحْدث لها مثيل، قد فرضوا عقليَّتها وتصرُّفاتِها الاستبدادية، فرضًا يزيد عن حكم الكنيسة قبل الثَّورة عليها.
فأيُّ عقل يصدِّق بِهذا؟ وما أشْقَى الشَّعبَ حين يكون عبدًا لأشخاص يَفْرِضون عليه تَفْكيره واتِّجاهه! وذلك لأنَّ المذهب قائمٌ على امتلاك الحكومة أو الدَّولة لِجَميع الْموارد والْمَصادر، والأعمال، والثَّروات، والمصانع، بالْمُصادرة الكاملة والتأميم؛ لِتُساوي جميع شعوبها في البُؤْس والفقر، وتَجْعل أرواحهم بيد الدولة، ومن أكبر مَساوئِها في حقِّ الإنسانية جَمْعاء تفريقُها الناس إلى طبقات، وعدمُ اعترافها إلاَّ بطبقة الفلاَّحين والعُمَّال؛ لِتَهييج غضَبِهم، وإِلْهاب حقدهم، ودغدغة عواطفهم، فشِعارُهم الخبيث: "يا عُمَّال العالَم، اتَّحِدوا"، متناسين الباقي من طبقات الشعب، الذين هم الأكثرية.
وإنها لوَصْمة عار عليهم لو حصَل التفكير الصحيح؛ إذْ كيف لم يقولوا: "يا أيُّها الناس، اتَّحِدوا"؟! ولكنهم يعرفون أنَّهم لا يَنْفذون إلا من باب الحقد والضغينة، ولا شكَّ أنَّها عُقوبة من عقوبات الله على الشَّاردين عن الإسلام، وليس هذا موضِعَ تفصيل، بل إشارة.
وما راج هذا المذهبُ الباطل المزيَّف إلا لأنَّ بعض الحُكَّام المحبوبين تبنَّاه وروَّج له ترويجًا هائلاً، ولو تبنَّاه غيرُه من المكروهين لم يَجِد قبولاً ولا رواجًا، فالقضيَّة قضية عواطف، وعبادة أشخاص ناشئة من البُعْد عن حقيقة التوحيد.
ورُوِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: اختصَم رجلان إلى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: عالِمٌ بالخصومة وجاهل بها، فقضى للعالِم، فقال مَن قُضِي عليه: يا رسول الله، والله الذي لا إله إلاَّ هو إنِّي مُحِقٌّ، فقال: ((إن شئتَ أعاوده))، فعاودَه، فقضى للعالِم، فقال المَقْضِيُّ عليه مثل ما قال أوَّلاً، ثم عادوه ثالثًا، ثم قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن اقتطع حقَّ امرئ مسلم بيمينِه فإنَّما أقطع له قطعة من النَّار))، فقال العالِم المقضيُّ له: يا رسول الله، إنَّ الحق حقُّه، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((من اقتطع بخصومته وجدَلِه حقَّ غيره، فلْيَتبوَّأ مقعده في النار)).
وقد شاهَدْنا في عصرنا وشاهدَ آباؤنا من شرَفِ القضاة وعفَّتِهم ونزاهتهم في كثير من أماكن الأرض ما هو امتدادٌ لِكَمال هذه الأُمَّة وخيريَّتِها، والطَّعن في مكان لا يشمل كلَّ مكان، وفي أُمَّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من الخير والبركة ما إن خَلا منه مكانٌ لا يخلو منه المكان الآخر.
--------------------------------
[1] ألْحَن بِحُجَّته؛ أيْ: أفطن لَها، وأقْوَم بِها منه، وأقدر عليها.
[2] حديث متَّفق عليه، أخرجه البخاري: (5/ 212) في الشهادات، باب: من أقام البيِّنة بعد اليمين، وفي الْمَظالِم، باب: إِثْم مَن خاصم في باطلٍ وهو يعلمه،
وفي أبواب كثيرة، ومسلم برقم: (1713) في الأقضية، باب: الحكم بالظاهر، واللَّحن بالحُجَّة، ومالك في "الموطَّأ"، (2/ 719) في الأقضية، باب: الترغيب في القضاء بالحقِّ،
وأحمد في "المسند"، (6/ 290، 307، 308، 320)، وأبو داود، برقم: (3583) في الأقضية، باب: في قضاء القاضي إذا أخطأ، والترمذي: برقم: (1339) في الأحكام،
باب: ما جاء في التشديد على مَن يُقضى له، والنَّسائي: (8/ 233) في القضاء، باب: الحكم بالظاهر، وهو عند الجميع من حديث أمِّ سلمة زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم.
[3] "الجواهر البهيَّة، في نَظْم المسائل الفقهية، على مذهب الحنابلة الأَحْمديَّة"، (12000) بيت، ولم تُطبَع حتَّى الآن.
[4] الشحُّ: هو الحرص الشديد الذي يَحْمِل صاحبه على ارتكاب المَحارم؛ من سفك الدِّماء، وأكل الرِّبا،
وأخذ الحرام ظلمًا، أمَّا الحرص الذي لا يؤدِّي إلى حرام، فهو البُخْل.
[5] أخرجه أبو داود برقم: (1698) في الزكاة، باب: في الشح، والحاكم: (1/ 11)، وصحَّحه ووافقه الذَّهبي،
وهو من حديث عبدالله بن عمرو، وأخرج مسلم نحوه بلفظ: ((اتقوا الشحَّ؛ فإن الشح...))؛
الحديثَ، من حديث جابر بن عبدالله برقم: (2578)، وكذا أحمد في "المسند" (3/ 323).
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري
أخرج الإمام مالكٌ وأَحْمد والشَّيخان وأصحاب السُّنَن أنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّما أنا بشر، وإنَّكم تختصمون إلَيَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألْحَنَ[1] بِحُجَّتِه من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يَأخذْه؛ فإنَّما أقطع له قطعة من النار))[2].
وهذا الحديث فيه عِبْرة للمُحامين الذين يتوكَّلون على الدَّعاوي بِحُجَّة الدِّفاع عن الحقوق والمظلوم، وهم الذين يُعقِّدون الأمور، ويزيدون في الظُّلم، وإفساد الضَّمائر، فلا يجوز لهم المُحاماة للمُبْطِل قطعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105]، وقد قلتُ في باب الوكالة في منظومتِي الفقهيَّة الطويلة[3]:
وَفِي الْخُصُومَاتِ الوَكِيلُ إِنْ عَلِمْ
ظُلْمًا فَلاَ يَصِحُّ تَوْكِيلٌ رُسِمْ
لِقَوْلِ رَبٍّ لَمْ يَزَلْ حَكِيمَا:
وَلاَ تَكُنْ لِخَائِنٍ خَصِيمَا
وفي نَهْي الله عباده المؤمنين عن أكل الأموال والإدلاء بِها إلى الحُكَّام فوائد عظيمة؛ اقتصاديَّة، واجتماعية؛ لأنَّ سبب ذلك شيئان: الشحُّ والانتقام،
وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إيَّاكم والشحَّ[4]؛ فإنه أهلك مَن كان قبلكم، حَمَلهم على أن سفَكوا دماءهم، واستحلُّوا مَحارمهم))[5].
والخصومات التي فشَتْ في هذه العصور، وتفاقم شَرُّها بين الأباعد والأقارب، قد خرَّبَت البيوت، وأفقرت العوائل، وفرَّقَت بين الأحباب، وفككت الرَّوابط حتَّى مع الأقرباء، وانْحَصرت المصلحة فيها للمحامين والمرتشين من الماديِّين الأراذل، فحصلت بها نكبات اقتصاديَّة واجتماعية، حتَّى إنَّ فيهم مَن يموت كمدًا، ودَعْواه في المَحكمة، قد حرَمَه الله من اللذَّة بنصيبه المَحجوز؛ لِظُلمه، وفساد ضميره، وإرادة الانتقام من خَصْمِه.
وكم من دَعْوى قارب انتهاؤُها بعد عشرات السِّنين، ثُمَّ يَمُوت واحد من أطراف الخصومة، وأعيدت الدَّعوى من جديد، فازدادت خسارة الطَّالب والمطلوب بِحِرمانهم، وإضاعة أوقاتِهم، وازدادت مرابح المُبْطِلين! وكلُّ هذه ثَمرة الابتعاد عن أمر الله ورَفْض حدوده، ولو راقب اللهَ كلٌّ من الخُصَماء؛ لَحاسبوا ضمائرهم، وتصالحوا فيما بينهم ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، كما نصَّ عليه، لا يرفضه إلاَّ المحروم من الخير، فما أحوج الأُمَّة إلى الرُّجوع لتعاليم القرآن الكريم.
ومِن جُمْلة أكل أموال الناس بالباطل: ظُلْم الأجير والعامل ببخس حقِّه؛ لأنَّ فيه اغتصابًا للمنفعة، واسترقاقًا للأحرار بتسخيرهم في أعمال مع هَضْم حقِّهم، والتنعُّم بِبُؤسهم، والسَّعادة بشقائهم وعرقهم المتصبِّب، وتسليط بعض الولاة عليهم إنْ هم توقَّفوا عن العمل طالبين الإنصاف، وهذا مع عظيم حرمته، فإنَّه يَجْلب سخط الله على أهله، فيسلِّط عليهم الشُّيوعية الماحقة للمالك والمملوك ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾ [النبأ: 26]، وظلم العامل والأجير بِبَخْس حقِّه يُثير كوامن الحسَدِ والحِقْد الذي هو من أخطر منافذ الشُّيوعية والإلْحاد؛ لأنَّه يقلب المجتمع إلى مُجتمع كراهية وعداء مستطير.
وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، ففي هذه الآية الكريمة ردٌّ واضحٌ على ما يسمُّونه بالاشتراكيَّة أو الشُّيوعية؛ إفكًا وزورًا، وينسبه الدجَّالون المغرضون إلى الإسلام، وقد سخَّروا كلَّ مَن يسترخص نفسه من العلماء والأدباء والكُتَّاب لِبَلشفة الإسلام؛ تضليلاً للعوامِّ، وتلبيسًا على الشباب، وقد تأثَّر الكثير بإِفْكهم، ودقيق مَكْرِهم، ولكن الإسلام أعلى من ذلك.
فالإسلام يعترف بالمِلْكيَّة الفرديَّة، وجميع أنواع الشركات المذكورة في كتب الفقه، وعلى الأخصِّ كتب الحنابلة، ويعمل على صيانة ذلك وحِمايته، ويحرم الجناية على الأموال بالسَّرقة وجميع أنواع الاحتيال والتلصُّص، حتى إنَّه شرع العقوبات الفظيعة الرَّادعة عن الجناية على الأموال.
والإسلام يشجِّع على التِّجارة والعمل، ويُفْسح مَجال التَّنافس، ويحضُّ على التزام الصِّدق والنَّزاهة في المعاملة، ويُحرِّم الغشَّ والتدليس والغَبْن، حتَّى إن الفقهاء نصُّوا على إبطال البيع بالغبْن، وحدَّدوه بالْخُمس؛ أيْ: بعشرين في المائة، فقالوا: مَن اشترى ما يساوي ثَمانية بعشرة، أو باع ما يُساوي عشرة بثمانية، فله الخيار في فَسْخ العقد؛ وهذا لِمُقاومة الاستغلال الجَشِع الذي يقوم به الانتهازيُّون ورَفْع شأن العُمَّال، وأوصى بتزويد الصُّناع بالعدَّة اللاَّزمة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ظلم الأجير أجرَه من الكبائر)).
وحرم الظلم بجميع أنواعه، ورسَم قواعد التَّكافل الاجتماعيِّ على وجه صحيح مطَّرِد، بحيث لا تربو طبقة على حساب طبقة، ولا تستبدّ طبقة بمقدَّرات طبقة، وحرَّم الرِّبا بِجَميع أنواعه، كما حرَّم ما سبق ذِكْرُه.
وشرَح ما يَقْضي على الفقر والبُؤْس، بحيث لا يتوهَّم الفقير أن الفقر مفروض عليه ضربةَ لازبٍ، بل فتح له جميع أبواب المعيشة بكلِّ حماية وتشجيع، حتى إنَّ خادم التاجر أو كاتبه يُصْبح تاجرًا أعلى منه، والخادم في مصنع أو ورشة يُصْبح صاحب مصنع؛ وهذا لِمَا في الإسلام من فتح باب الْمُضاربة والشركات، ومشروعية القرض الحسَن، بلا رِبًا، بِخلاف النِّظام الرَّأسِمالي الذي لا يَجِد فيه الفقيرُ تعاوُنًا مع تاجر، أو صاحبِ شركة، أو مصنع، أو مَصْرف من مصارف البنوك، فتبقى الطبَقِيَّة بدون تحويل.
فالإسلام يتمشَّى مع سنن الفطرة السَّليمة، التي لا تَطْغى فيها طبقة على طبقة، ولا تفرض الفقر والخنوع على طبقة طيلة عمرها، وإنَّما يَجْري فيها تسخير الناس بعضهم لبعض على حساب الْمَصالح المشتركة، والحاجات المشتركة، والاحترام المتبادَل، قال تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: 32].
فالطبقيَّة التي عند الرأسماليين والإقطاعيِّين غير الطبقيَّة الفطريَّة التي هي من ضروريَّات المجتمع الإنسانِيِّ، والتي قيَّدها الإسلام بقيود عن الطُّغيان، وكذلك الطبقيَّة الجديدة التي بعثَتْها (روسيا الشُّيوعية) باسْم العدالة الكاذبة، ومَحْو الطَّبقات الذي هو خرافة لم تَحْدث، ولا يمكن حدوثها بعقليَّة بشرية كافرة قائمة على الإِلْحاد من أساسه؛ لأنَّها مُخالِفة لفطرة الإنسان القائمة على التفاوت في الْمَلَكات، والمجهود، والقدرات، بِحيث لا يمكن التَّسوية بين الناس في الأقدار والدرجات؛ لضرورة بقائها، وعدم النَّجاح إلاَّ في معالَجةٍ وَفْق شريعة الإسلام.
ولِهذا كانت النتيجة - لتعصُّب الشُّيوعية وهوسها وثوراتِها الحمراء الفاتكة - هي مَحْوَ طبقات؛ لتحلَّ مَحلَّها طبقاتٌ أخرى في الظُّهور، أبشع وأفظع من كلِّ طبقيَّة عُرِفَت في التاريخ، فإنَّ الشُّيوعية تَحْتقر الفرد والجماعة إلاَّ ما كان من أعضاء الحزب البارزين العاملين على إرهاب الشَّعب، فإنَّهم يتمتَّعون بالقصور البلورية التي تسفح عليها الأمواج تحت البحر، وبالقصور البَرِّية، والجسور العظيمة بينهما، والحمَّامات البحريَّة الَّتِي هي كالبُحَيْرات، والتيَّارات الكهربائيَّة المدفِّئة لِمِياهها بسرعة فائقة كما حدَّثَنا صاحبُ جريدة (الأهرام) المُشايِعُ لَهم، والذي نشر في جريدته وصوَّر لنا ما رأى بعينه عن حياة أحد زعمائهم (خروتشوف) بتاريخ 22/ 4/ 1964ميلادية، فقد كشف لنا النِّقاب عمَّا يتمتَّع به الزُّعَماء والقادة، ورؤساء الكُتَّاب مِمَّا لا يوجد مثله في أيِّ طبقيَّة على مرِّ التاريخ، ولم يُذْكَر عن ملك في قديم الزَّمان أو حديثِه أنَّه تَمتَّع بِمثل هذا، على أنَّهم اعترفوا بوجود طبقة مُمتازة يزعمون أنَّهم ذَوُو بصيرة نافذة، وأنَّهم هم العقل الذي تُفكِّر به البيئة الاجتماعية، وأنَّها تتعثَّر بدون إرشاداتهم، وتضيع في التخبُّط.
هكذا تفسيرهم لتبرير الطبقيَّة الممتازة التي لم يَحْدث لها مثيل، قد فرضوا عقليَّتها وتصرُّفاتِها الاستبدادية، فرضًا يزيد عن حكم الكنيسة قبل الثَّورة عليها.
فأيُّ عقل يصدِّق بِهذا؟ وما أشْقَى الشَّعبَ حين يكون عبدًا لأشخاص يَفْرِضون عليه تَفْكيره واتِّجاهه! وذلك لأنَّ المذهب قائمٌ على امتلاك الحكومة أو الدَّولة لِجَميع الْموارد والْمَصادر، والأعمال، والثَّروات، والمصانع، بالْمُصادرة الكاملة والتأميم؛ لِتُساوي جميع شعوبها في البُؤْس والفقر، وتَجْعل أرواحهم بيد الدولة، ومن أكبر مَساوئِها في حقِّ الإنسانية جَمْعاء تفريقُها الناس إلى طبقات، وعدمُ اعترافها إلاَّ بطبقة الفلاَّحين والعُمَّال؛ لِتَهييج غضَبِهم، وإِلْهاب حقدهم، ودغدغة عواطفهم، فشِعارُهم الخبيث: "يا عُمَّال العالَم، اتَّحِدوا"، متناسين الباقي من طبقات الشعب، الذين هم الأكثرية.
وإنها لوَصْمة عار عليهم لو حصَل التفكير الصحيح؛ إذْ كيف لم يقولوا: "يا أيُّها الناس، اتَّحِدوا"؟! ولكنهم يعرفون أنَّهم لا يَنْفذون إلا من باب الحقد والضغينة، ولا شكَّ أنَّها عُقوبة من عقوبات الله على الشَّاردين عن الإسلام، وليس هذا موضِعَ تفصيل، بل إشارة.
وما راج هذا المذهبُ الباطل المزيَّف إلا لأنَّ بعض الحُكَّام المحبوبين تبنَّاه وروَّج له ترويجًا هائلاً، ولو تبنَّاه غيرُه من المكروهين لم يَجِد قبولاً ولا رواجًا، فالقضيَّة قضية عواطف، وعبادة أشخاص ناشئة من البُعْد عن حقيقة التوحيد.
ورُوِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: اختصَم رجلان إلى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: عالِمٌ بالخصومة وجاهل بها، فقضى للعالِم، فقال مَن قُضِي عليه: يا رسول الله، والله الذي لا إله إلاَّ هو إنِّي مُحِقٌّ، فقال: ((إن شئتَ أعاوده))، فعاودَه، فقضى للعالِم، فقال المَقْضِيُّ عليه مثل ما قال أوَّلاً، ثم عادوه ثالثًا، ثم قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن اقتطع حقَّ امرئ مسلم بيمينِه فإنَّما أقطع له قطعة من النَّار))، فقال العالِم المقضيُّ له: يا رسول الله، إنَّ الحق حقُّه، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((من اقتطع بخصومته وجدَلِه حقَّ غيره، فلْيَتبوَّأ مقعده في النار)).
وقد شاهَدْنا في عصرنا وشاهدَ آباؤنا من شرَفِ القضاة وعفَّتِهم ونزاهتهم في كثير من أماكن الأرض ما هو امتدادٌ لِكَمال هذه الأُمَّة وخيريَّتِها، والطَّعن في مكان لا يشمل كلَّ مكان، وفي أُمَّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من الخير والبركة ما إن خَلا منه مكانٌ لا يخلو منه المكان الآخر.
--------------------------------
[1] ألْحَن بِحُجَّته؛ أيْ: أفطن لَها، وأقْوَم بِها منه، وأقدر عليها.
[2] حديث متَّفق عليه، أخرجه البخاري: (5/ 212) في الشهادات، باب: من أقام البيِّنة بعد اليمين، وفي الْمَظالِم، باب: إِثْم مَن خاصم في باطلٍ وهو يعلمه،
وفي أبواب كثيرة، ومسلم برقم: (1713) في الأقضية، باب: الحكم بالظاهر، واللَّحن بالحُجَّة، ومالك في "الموطَّأ"، (2/ 719) في الأقضية، باب: الترغيب في القضاء بالحقِّ،
وأحمد في "المسند"، (6/ 290، 307، 308، 320)، وأبو داود، برقم: (3583) في الأقضية، باب: في قضاء القاضي إذا أخطأ، والترمذي: برقم: (1339) في الأحكام،
باب: ما جاء في التشديد على مَن يُقضى له، والنَّسائي: (8/ 233) في القضاء، باب: الحكم بالظاهر، وهو عند الجميع من حديث أمِّ سلمة زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم.
[3] "الجواهر البهيَّة، في نَظْم المسائل الفقهية، على مذهب الحنابلة الأَحْمديَّة"، (12000) بيت، ولم تُطبَع حتَّى الآن.
[4] الشحُّ: هو الحرص الشديد الذي يَحْمِل صاحبه على ارتكاب المَحارم؛ من سفك الدِّماء، وأكل الرِّبا،
وأخذ الحرام ظلمًا، أمَّا الحرص الذي لا يؤدِّي إلى حرام، فهو البُخْل.
[5] أخرجه أبو داود برقم: (1698) في الزكاة، باب: في الشح، والحاكم: (1/ 11)، وصحَّحه ووافقه الذَّهبي،
وهو من حديث عبدالله بن عمرو، وأخرج مسلم نحوه بلفظ: ((اتقوا الشحَّ؛ فإن الشح...))؛
الحديثَ، من حديث جابر بن عبدالله برقم: (2578)، وكذا أحمد في "المسند" (3/ 323).
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري
اللهم صلي وسلم علي سيدنا محمدوعلي اله وصحبه وسلم
مواضيع مماثلة
» شؤون و شجون النور حمد الحكم الإقليمي و(إف بي آي) سوداني*
» شؤون و شجون النور حمد الحكم الإقليمي و(إف بي آي) سوداني*
» شؤون و شجون النور حمد الحكم الإقليمي و(إف بي آي) سوداني*
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق