بحـث
المواضيع الأخيرة
» تركيب مخيمات الكويت - جودة عالية خصم 20 %- الدليلمن طرف nadya اليوم في 11:12
» اسعار مراتب فايف بد
من طرف خالد فكري اليوم في 10:35
» مراتب فاميلي بد
من طرف خالد فكري اليوم في 9:59
» شراء اثاث مستعمل الكويت - بأعلى سعر - الدليل
من طرف nadya اليوم في 9:38
» اسعار مراتب سيرا
من طرف خالد فكري اليوم في 9:20
» اسعار مراتب سيتا بد
من طرف خالد فكري اليوم في 8:39
» مراتب سليبي
من طرف خالد فكري اليوم في 7:40
» اسعار مراتب سليب بيست
من طرف خالد فكري اليوم في 6:28
» مراتب سبرينج آير
من طرف خالد فكري اليوم في 5:34
» مراتب رويال كراون
من طرف خالد فكري اليوم في 4:33
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
الغغلة خالدالراشدي
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
الغغلة خالدالراشدي
)
( ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ) ﻟﻠﺸﻴﺦ : ( ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ )
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻧﺤﻤﺪﻩ ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻩ ﻭﻧﺴﺘﻬﺪﻳﻪ، ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﺭ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺳﻴﺌﺎﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ، ﻣﻦ ﻳﻬﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﻳﻀﻠﻞ ﻓﻼ ﻫﺎﺩﻱ ﻟﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ .
ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻟًﺎ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒًﺎ [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 1: ] .
ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﻮْﻟًﺎ ﺳَﺪِﻳﺪًﺍ * ﻳُﺼْﻠِﺢْ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﺫُﻧُﻮﺑَﻜُﻢْ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻄِﻊِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻓَﻘَﺪْ ﻓَﺎﺯَ ﻓَﻮْﺯًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ [ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 71-70: ] .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻓﺈﻥ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻬﺪﻱ ﻫﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺷﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﺤﺪﺛﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ، ﻭﻛﻞ ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ .
ﻣﻌﺎﺷﺮ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ! ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ، ﺣﻴﺎﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﻴﺎﻛﻢ، ﻭﺳﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﺧﻄﺎﻱ ﻭﺧﻄﺎﻛﻢ، ﺃﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻌﻨﻲ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﺇِﺧْﻮَﺍﻧًﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺳُﺮُﺭٍ ﻣُﺘَﻘَﺎﺑِﻠِﻴﻦَ، ﺃﺳﺄﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺷﻤﻠﻨﺎ، ﻭﻳﻮﺣﺪ ﺻﻔﻨﺎ، ﻭﻳﺼﻠﺢ ﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺃﻥ ﻳﻨﺼﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ .
ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ؟ ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺘﺨﻄﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻤﻨﺔ ﻭﻳﺴﺮﺓ، ﻓﻼ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻤﻀﻲ ﻳﻮﻡ ﺇﻻ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺗﻮﺩﻉ ﺭﺟﺎﻻً ﻭﻧﺴﺎﺀ، ﺻﻐﺎﺭﺍً ﻭﻛﺒﺎﺭﺍً، ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ .
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻟﻌﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﺠﻮﺯ ﺣﺴﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺯﻳﻨﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ : ﻛﻢ ﺗﺰﻭﺟﺖ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻛﺜﻴﺮ، ﻗﺎﻝ : ﺃﻛﻠﻬﻢ ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻚ ﺃﻡ ﻃﻠﻘﻚ؟ ﻗﺎﻟﺖ : ﺑﻞ ﻛﻠﻬﻢ ﻗﺘﻠﺖ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ : ﺗﻌﺴﺎً ﻷﺯﻭﺍﺟﻚ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﺑﺄﺯﻭﺍﺟﻚ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﻦ !
ﻳﺎ ﻏﺎﻓﻼً ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻏﺮﻩ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻐﺘﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﺮ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺮﺽ ﻗﻠﺒﻲ ﺧﻄﻴﺮ
ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﻦ :
ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻧﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﻧﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻼﺝ .
ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻭﻫﻲ ﺃﺷﺪ ﻓﺘﻜﺎً، ﻭﺃﺷﺪ ﺧﻄﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺕ؛ ﻭﻷﻥ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳﻦ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷﺪ ﺧﻄﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ .
ﺇﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﻟﻸﺑﺪﺍﻥ، ﻭﻣﻮﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻮﺕ ﻟﻸﺑﺪﺍﻥ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺭَﺃَﻳْﺘَﻬُﻢْ ﺗُﻌْﺠِﺒُﻚَ ﺃَﺟْﺴَﺎﻣُﻬُﻢْ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﺗَﺴْﻤَﻊْ ﻟِﻘَﻮْﻟِﻬِﻢْ [ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ 4: ] ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺧﺎﻭﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺸﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺴﻮﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ . ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺮﺽ ﺧﻄﻴﺮ، ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ، ﻭﺗﻨﺴﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﺳﻴﻈﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺘﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺭﺍﺣﺔ ﻭﺟﻴﺌﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺎﺟﺌﻪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﺻﺎﺡ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺕ : ﺭﺑﺎﻩ ﺍﺭﺟﻌﻮﻥ، ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻱ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻼﺝ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ .
ﺃﻗﻮﻝ ﺃﺣﺒﺘﻲ : ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻓﻼﻥ ! ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻞ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻫﻞ ﻧﻮﻳﺖ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﺎ ﺍﺷﺘﺎﻗﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻌﺪ، ﻗﺎﻝ : ﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺩﺍﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺘﻤﻞ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻭﻫﻞ ﺗﻀﻤﻦ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺃﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻋﺎﻗﻼً ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ !
ﺍﺳﺄﻝ ﻧﻔﺴﻚ : ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻞ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﺟﻞ، ﻭﺍﻧﻘﻀﺖ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺃﺯﻑ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﺃﻣﺴﺘﻌﺪ ﺃﻧﺖ ﻟﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺧﺮﻯ؟ ﻓﺎﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺮﺽ ﺧﻄﻴﺮ، ﺣﺬﺭﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻻ ﺗُﻠْﻬِﻜُﻢْ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟُﻜُﻢْ ﻭَﻻ ﺃَﻭْﻻﺩُﻛُﻢْ ﻋَﻦْ ﺫِﻛْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻔْﻌَﻞْ ﺫَﻟِﻚَ ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮُﻭﻥَ [ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ 9: ] .
ﻭﻣﺎ ﻏﻔﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻻﺷﺘﻐﺎﻟﻬﻢ ﺑﺄﻣﻮﺭ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ ﺑﺸﻬﻮﺍﺗﻬﻢ ﻭﻟﺬﺍﺗﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ : ﺍﻗْﺘَﺮَﺏَ ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ ﺣِﺴَﺎﺑُﻬُﻢْ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﻏَﻔْﻠَﺔٍ ﻣُﻌْﺮِﺿُﻮﻥَ * ﻣَﺎ ﻳَﺄْﺗِﻴﻬِﻢْ ﻣِﻦْ ﺫِﻛْﺮٍ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﻣُﺤْﺪَﺙٍ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﺳْﺘَﻤَﻌُﻮﻩُ ﻭَﻫُﻢْ ﻳَﻠْﻌَﺒُﻮﻥَ * ﻻﻫِﻴَﺔً ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻭَﺃَﺳَﺮُّﻭﺍ ﺍﻟﻨَّﺠْﻮَﻯ [ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ 3-1: ] .
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻭﺩﺕ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻧﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺤﺪ ﻭﺿﻤﺘﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺷﺪﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻛﺮﺑﺎﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﻭﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﺎﺭ .
ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﺎﺫﻛﺮﻩ ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻓﻤﺎ ﻷﺣﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﺮﺍﺀﻩ
ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻠﻔﻴﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ
ﻭﺍﻟﻘﺒﺮ ﺭﻭﺿﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺣﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ
ﺇﻥ ﻳﻚ ﺧﻴﺮﺍً ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺧﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻨﺎ ﻟﻌﺒﺪﻩ
ﻭﺇﻥ ﻳﻚ ﺷﺮﺍً ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﺷﺪ ﻭﻳﻞ ﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺪ
ﻣﺮ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ! ﺇﻣﺎ ﺗﺨﺒﺮﻭﻧﺎ ﺧﺒﺮﻛﻢ ﺃﻭ ﻧﺨﺒﺮﻛﻢ ﺑﺄﺧﺒﺎﺭﻧﺎ، ﺃﻣﺎ ﺃﺧﺒﺎﺭﻧﺎ : ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻗﺪ ﺳﻜﻨﺖ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻗﺪ ﺗﺰﻭﺟﺖ، ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻗﺪ ﻗﺴﻤﺖ .
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﺃﻣﺎ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﺗﻜﻠﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻟﻘﺎﻟﻮﺍ : ﺗﺰﻭﺩﻭﺍ ﻓﺈﻥ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ، ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻴﺎﻩ ﻋﻤﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﺇﺫﺍ ﻣﻀﻰ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﺃﺑﺪﺍً، ﻓﺎﻏﺘﻨﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺧﻤﺴﺎً ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺲ : ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺮﻡ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺮﺽ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮ ) .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺗﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ ) ، ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻯ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ
ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ، ﻭﻣﻨﺬ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻀﺖ ﻣﺎﺕ ﺷﻴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﻓﺠﺎﺀﻧﻲ ﺳﺎﺋﻞ ﻳﺴﺄﻝ ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ! ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﻲ؟ ﻗﻠﺖ : ﻣﺎ ﺍﻟﺨﺒﺮ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﺎﺕ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﺎ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻗﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﺻﻠﻰ ﻳﻮﻣﺎً ﻭﻻ ﺭﻛﻊ ﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺌﻞ ﺃﻫﻠﻪ ﻋﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭﻩ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻳﻮﻣﺎً ﻳﺼﻠﻲ !
ﺃﻱ ﻏﻔﻠﺔ ﻫﺬﻩ؟ ﺗﻤﺮ ﺑﻨﺎ ﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺗﻨﻘﻀﻲ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﻧﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ، ﺃﻳﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ .
ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻓﻲ ﻫﺠﻴﻊ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻳﺮﻗﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻪ، ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ : ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ! ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ! ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ! ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻓﺴﺄﻝ ﻋﻨﻪ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ : ﻣﺎﺕ، ﻗﺎﻝ : ﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺭﺣﻞ ﻫﻮ .
ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻠﻬﺞ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺎﺥ ﺑﺒﺎﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﻣﺘﻴﻘﻈﺎً ﻣﺘﺸﻤﺮﺍً ﺫﺍ ﺃﻫﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻠﻬﻪ ﺍﻵﻣﺎﻝ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺣﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻶﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ، ﻭﻣﻦ ﺃﻃﺎﻝ ﺍﻷﻣﻞ ﺃﺳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺫَﺭْﻫُﻢْ ﻳَﺄْﻛُﻠُﻮﺍ ﻭَﻳَﺘَﻤَﺘَّﻌُﻮﺍ ﻭَﻳُﻠْﻬِﻬِﻢُ ﺍﻷَﻣَﻞُ ﻓَﺴَﻮْﻑَ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺤﺠﺮ 3: ] ، ﻓﻼ ﺗﺮﺍﻫﻢ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﺑﻞ ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺮﻛﻌﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺴﺠﺪﻭﻥ .
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻟﻘﻴﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻓﺮﻛﺒﻮﺍ ﻣﻌﻲ، ﺛﻢ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ :
ﻗﻠﺖ : ﺃﻳﻦ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻧﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﻼﻧﻲ .
ﻗﻠﺖ : ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺪﻓﻜﻢ ﻫﻨﺎﻙ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ .
ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﻫﻼﺕ ﻓﻼ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺬﻛﺮ، ﻻ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﺬﻛﺮ، ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ : ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺘﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﻼﺓ؟ ﻟﻌﻠﻤﻲ ﻳﻘﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﺕ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺃَﻫْﻠَﻚَ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼﺓِ ﻭَﺍﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻻ ﻧَﺴْﺄَﻟُﻚَ ﺭِﺯْﻗًﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﻧَﺮْﺯُﻗُﻚَ ﻭَﺍﻟْﻌَﺎﻗِﺒَﺔُ ﻟِﻠﺘَّﻘْﻮَﻯ [ ﻃﻪ 132: ] .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺃﻡ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻛﺬﺏ ﻋﻠﻴﻚ؟
ﻗﻠﺖ : ﺇﻥ ﻛﺬﺑﺖ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ، ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻼ ﻳﻀﺮﻧﻲ .
ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ! ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺻﻠﻲ .
ﻗﻠﺖ : ﻛﺎﻓﺮ؟
ﻗﺎﻝ : ﻻ .
ﻗﻠﺖ : ﻫﺬﺍ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻜﻢ ﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻓﻤﻦ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ ) .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﻻً، ﻗﻠﺖ : ﻛﻴﻒ؟ ! ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺮﺗﻴﻦ .
ﻗﻠﺖ : ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﺠﺐ، ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﺨﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺼﻠﻲ ﺻﻼﺗﻴﻦ، ﺃﻱ ﻏﻔﻠﺔ ﻫﺬﻩ؟ ﺃﻣﺎ ﺑﻨﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ؟ ﻫﻞ ﻣﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻣﺴﻠﻤﺎً ﻳﻐﻔﻞ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻳﺠﻬﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؟ ﺇﻧﻪ ﻋﺒﺪ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻋﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ، ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻً، ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻗﻠﺖ : ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ .
ﻭﺟﻠﺠﻠﺔ ﺍﻷﺫﺍﻥ ﺑﻜﻞ ﺣﻲ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻦ ﺻﻮﺕ ﻣﻦ ﺑﻼﻝ
ﻣﻨﺎﺋﺮﻛﻢ ﻋﻠﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺎﺡ ﻭﻣﺴﺠﺪﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺧﺎﻟﻲ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺣﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﺒﻂ ﺃﻣﺮ ﺻﻼﺗﻪ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻛﻠﻔﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ، ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺧﻴﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ) ، ﻟﻦ ﺗﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﺮﺑﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺇﺫﺍ ﺃﺫﻥ ﺍﻟﻤﺆﺫﻥ : ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺮﻯ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺗﺘﺤﺮﻙ، ﻭﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺮﻯ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻳﺴﻴﺮ، ﻭﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺘﺮﻯ ﺃﺑﺎً ﺃﻭ ﺷﻴﺨﺎً ﺃﻭ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺪﺍﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺫَﺭَﺃْﻧَﺎ ﻟِﺠَﻬَﻨَّﻢَ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ ﻭَﺍﻹِﻧﺲِ [ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 179: ] .
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﺫﺍﻥ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺑﺴﺎﻋﺔ ﺗﻼﺣﻆ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ، ﺇﺫﺍ ﻧﺎﺩﻯ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ : ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ! ﺍﻣﺘﻸﺕ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺑﺎﻟﻐﺎﺩﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺤﻴﻦ ﺻﻐﺎﺭﺍً ﻭﻛﺒﺎﺭﺍً، ﺫﻛﺮﺍﻧﺎً ﻭﺇﻧﺎﺛﺎً، ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺑﻌﺪ ﻏﻔﻠﺘﻬﺎ ﻫﺒﺖ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﺘﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺕ ﻟﻄﻠﺐ ﺩﻧﻴﺎﻫﺎ .
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻌﻈﻢ ﺩﻧﻴﺎﻫﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﻈﻴﻤﻬﺎ ﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺃَﻭَﻟَﻤَّﺎ ﺃَﺻَﺎﺑَﺘْﻜُﻢْ ﻣُﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻗَﺪْ ﺃَﺻَﺒْﺘُﻢْ ﻣِﺜْﻠَﻴْﻬَﺎ ﻗُﻠْﺘُﻢْ ﺃَﻧَّﻰ ﻫَﺬَﺍ ﻗُﻞْ ﻫُﻮَ ﻣِﻦْ ﻋِﻨْﺪِ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻜُﻢْ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﺪِﻳﺮٌ [ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 165: ] .
ﻓﺘﺮﺍﻫﻢ ﻻ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﻭﻳﺘﺴﺎﻫﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺗﺮﺍﻫﻢ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ﻳﻤﻨﺔ ﻳﺴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻼﻝ ﻭﻓﻲ ﻣﺤﺮﻣﺎﺕ، ﻭﺗﺮﺍﻫﻢ ﻗﺪ ﻫﺠﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺃﻛﺒﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺳﻮﺍﺀ .
ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻟﻠﺴﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ
ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻓﺈﻥ ﻟﻠﻴﻞِ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﻌﻤﻼﻥ ﻓﻴﻚ ﻓﺎﻋﻤﻞ ﺃﻧﺖ ﻓﻴﻬﻤﺎ .
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻳﻮﺻﻲ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﺋﻼً : ﺇﻥ ﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺇﻥ ﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ .
ﻓﺄﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ؟ ﻓﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸﻴﺐ .
ﺯﺍﺭ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻣﻜﺔ ﺑﻌﺪ ﻃﻮﻝ ﻏﻴﺎﺏ ﻓﺮﺃﻯ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻋﺠﺒﺎً، ﺭﺁﻫﻢ ﻗﺪ ﺗﻄﺎﻭﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ، ﻭﺭﺁﻫﻢ ﺗﻮﺳﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﺏ، ﻓﻨﺎﺩﻯ ﺑﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﻄﻮﻑ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ! ﺃﻧﺎ ﺟﻨﺪﺏ ﺑﻦ ﺟﻨﺎﺩﺓ، ﻭﺃﻧﺎ ﻟﻜﻢ ﻧﺎﺻﺢ ﻣﺸﻔﻖ ﺃﻣﻴﻦ .
ﻓﺄﻗﺒﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﺭﺃﻳﺘﻢ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺴﻔﺮ، ﺃﻟﻴﺲ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻪ ﻓﻲ ﺳﻔﺮﻩ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺑﻠﻰ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺈﻥ ﺳﻔﺮ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺃﻃﻮﻝ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻜﻢ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻨﺎ؟ ! ﻗﺎﻝ : ﺻﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻟﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ، ﻭﺣﺠﻮﺍ ﺣﺠﺔ ﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ .
ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺠﻠﺴﻴﻦ : ﻣﺠﻠﺴﺎً ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻣﺠﻠﺴﺎً ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺁﺧﺮ ﻳﻀﺮﻙ ﻻ ﺗَﺮِﺩْﻩ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﺭﻫﻢ ﺩﺭﻫﻤﻴﻦ : ﺩﺭﻫﻤﺎً ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺩﺭﻫﻤﺎ ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ ﻭﻣﻦ ﻋﻨﺪﻙ، ﻭﺁﺧﺮ ﻳﻀﺮﻙ ﻻ ﺗﺮﺩﻩ، ﻣﺎ ﻟﻲ ﺃﺭﺍﻛﻢ ﺗﺒﻨﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﻜﻨﻮﻥ، ﻭﺗﺠﻤﻌﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺄﻛﻠﻮﻥ، ﻭﺗﺆﻣﻠﻮﻥ ﻓﺘﻄﻴﻠﻮﻥ، ﻗﺘﻠﻜﻢ ﺣﺮﺹٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﺴﺘﻢ ﺑﺒﺎﻟﻐﻴﻪ .
ﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺸﺘﻜﻰ، ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ؟ ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺔ ﻻ ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺭﺻﺪﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﺍﻟﺮﺑﻮﻳﺔ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻧﺴﺎﺀﻧﺎ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﻳﺘﻤﺎﻳﻠﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺯﻑ ﻭﺍﻷﻟﺤﺎﻥ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻟﻴﻠﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﺍﺕ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻟﻤﻼﻋﺐ ﺗﻐﻂ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺒﻘﺮ ﻳﻬﺪﻣﻮﻥ ﻣﺴﺎﺟﺪﻧﺎ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﻳﻨﺘﻬﻜﻮﻥ ﺣﺮﻣﺎﺗﻨﺎ ﻭﺃﻋﺮﺍﺿﻨﺎ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺨﻨﺎﺯﻳﺮ ﻳﺘﻼﻋﺒﻮﻥ ﺑﻨﺎ؟
ﻓﺈﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ، ﻓﻤﺎ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ، ﻭﻣﺎ ﺃﻭﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻭﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺿﻌﻔﻨﺎ، ﻭﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ، ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻓﻨﺘﻌﻆ، ﻭﻧﺴﻤﻊ ﺍﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻓﻨﺘﻐﻴﺮ ﻭﻧﺘﺒﺪﻝ .
ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺃﻥ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻭﻻ ﻛﺒﻴﺮﺍً، ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺻﻴﻔﺎً ﻭﻻ ﺷﺘﺎﺀ، ﻭﻻ ﻟﻴﻼً ﻭﻻ ﻧﻬﺎﺭﺍً .
ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻛﻼً ﻣﻨﺎ ﺷﺪﺍﺋﺪ ﻭﺃﻫﻮﺍﻝ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺿﻤﺔ ﻭﺳﺆﺍﻝ .
ﺇﻧﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺳﺘﻄﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ : ﻣﻦ ﺭﺑﻚ؟ ﻭﻣﺎ ﺩﻳﻨﻚ؟ ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺚ ﻓﻴﻜﻢ؟ ﻭﻻ ﺗﻈﻦ ﺃﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺴﻬﻠﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ، ﻭﻟﻦ ﻳﺠﻴﺐ ﺇﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺛﺒﺎﺗﺎً ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻳُﺜَﺒِّﺖُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟْﻘَﻮْﻝِ ﺍﻟﺜَّﺎﺑِﺖِ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﻓِﻲ ﺍﻵﺧِﺮَﺓِ ﻭَﻳُﻀِﻞُّ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ ﻭَﻳَﻔْﻌَﻞُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣَﺎ ﻳَﺸَﺎﺀُ [ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ 27: ] .
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ : ﺳَﺄَﺻْﺮِﻑُ ﻋَﻦْ ﺁﻳَﺎﺗِﻲَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﺘَﻜَﺒَّﺮُﻭﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﻛُﻞَّ ﺁﻳَﺔٍ ﻻ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﺮُّﺷْﺪِ ﻻ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﻐَﻲِّ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺬَّﺑُﻮﺍ ﺑِﺂﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻭَﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻋَﻨْﻬَﺎ ﻏَﺎﻓِﻠِﻴﻦَ [ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 146: ] .
ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻘﺒﺮ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻴﻮﻡ ﻣﻘﺪﺍﺭﻩ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺟﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ؟ ﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ .
ﻣﺮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺎﺏ ﻳﻀﺤﻚ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ : ﻫﻞ ﻣﺮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻫﻞ ﺗﺪﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻚ ﺃﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍً : ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺤﻚ؟
ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺃﺣﺒﺘﻲ ! ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺪﻓﻦ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ ﻭﻻ ﻧﻌﺘﺒﺮ؟ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﻻ ﻧﺰﺩﺟﺮ؟ ﻧﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ ﻭﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻻ ﻧﺮﻯ ﺇﻻ ﻣﺘﻘﻨﻌﺎً ﺑﺎﻛﻴﺎً . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻛﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻀﺎﺣﻜﻴﻦ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﺍﻵﻻﻡ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﺩﻳﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻓﻼ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﺄﺛﺮﻭﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺆﺛﺮ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؟
ﺇﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻣﺼﻴﺮ ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺗﺨﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻟﻠﺘﺜﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ .
ﻗﺼﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ : ﺳَﺄَﺻْﺮِﻑُ ﻋَﻦْ ﺁﻳَﺎﺗِﻲَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﺘَﻜَﺒَّﺮُﻭﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﻛُﻞَّ ﺁﻳَﺔٍ ﻻ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﺮُّﺷْﺪِ ﻻ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﻐَﻲِّ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺬَّﺑُﻮﺍ ﺑِﺂﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻭَﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻋَﻨْﻬَﺎ ﻏَﺎﻓِﻠِﻴﻦَ [ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 146: ] .
ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻘﺒﺮ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻴﻮﻡ ﻣﻘﺪﺍﺭﻩ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺟﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ؟ ﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ .
ﻣﺮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺎﺏ ﻳﻀﺤﻚ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ : ﻫﻞ ﻣﺮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻫﻞ ﺗﺪﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻚ ﺃﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍً : ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺤﻚ؟
ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺃﺣﺒﺘﻲ ! ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺪﻓﻦ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ ﻭﻻ ﻧﻌﺘﺒﺮ؟ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﻻ ﻧﺰﺩﺟﺮ؟ ﻧﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ ﻭﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻻ ﻧﺮﻯ ﺇﻻ ﻣﺘﻘﻨﻌﺎً ﺑﺎﻛﻴﺎً . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻛﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻀﺎﺣﻜﻴﻦ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﺍﻵﻻﻡ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﺩﻳﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻓﻼ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﺄﺛﺮﻭﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺆﺛﺮ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؟
ﺇﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻣﺼﻴﺮ ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺗﺨﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻟﻠﺘﺜﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ .
ﺷﺒﺎﺏ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻭﻫﻢ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ
ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻳﻘﻮﻝ : ﺣﺎﺩﺙ ﺷﻨﻴﻊ ﺣﺪﺙ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ، ﺳﻴﺎﺭﺗﺎﻥ ﻣﺴﺮﻋﺘﺎﻥ ﺍﺭﺗﻄﻤﺘﺎ ﻭﺟﻬﺎً ﻟﻮﺟﻪ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ .
ﺟﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪ ﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺟﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭ، ﺃﻧﺰﻟﻨﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻣﺪﺩﻧﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﺃﺧﺬ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻳﺮﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺃﺻﻮﺍﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎﺀ، ﻭﺻﺎﺣﺒﻲ ﻳﺮﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻢ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﺃﻟﺤﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﺧﻤﺪﺕ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺧﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﺧﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ، ﻭﺧﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ، ﻭﺧﺎﻧﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ .
ﻣﺎ ﻋﻤﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻣﺎ ﻣﻠﺌﻮﺍ ﺍﻷﺳﻤﺎﻉ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺣﻴﻦ ﻗﻴﻞ ﻟﻬﻢ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﺗﺨﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﺷﺎﺏ ﻻ ﻳﺼﻠﻲ ﻓﺎﺳﻮﺩ ﺟﻠﺪﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﺴﻠﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ : ﺟﻲﺀ ﻟﻨﺎ ﺑﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ، ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﺑﺪﺃﻧﺎ ﺑﺘﻐﺴﻴﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﺸﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ : ﻭَﻟَﻮْ ﺗَﺮَﻯ ﺇِﺫْ ﻳَﺘَﻮَﻓَّﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﺍﻟْﻤَﻼﺋِﻜَﺔُ ﻳَﻀْﺮِﺑُﻮﻥَ ﻭُﺟُﻮﻫَﻬُﻢْ ﻭَﺃَﺩْﺑَﺎﺭَﻫُﻢْ ﻭَﺫُﻭﻗُﻮﺍ ﻋَﺬَﺍﺏَ ﺍﻟْﺤَﺮِﻳﻖِ * ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﻤَﺎ ﻗَﺪَّﻣَﺖْ ﺃَﻳْﺪِﻳﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﻴْﺲَ ﺑِﻈَﻼَّﻡٍ ﻟِﻠْﻌَﺒِﻴﺪِ [ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ 51-50: ] ، ﻭَﻣَﺎ ﻇَﻠَﻤَﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻳَﻈْﻠِﻤُﻮﻥَ [ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 117: ] .
ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﺸﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺧﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ، ﻭﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﺴﻴﻞ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺟﻞ ﻳﺪﺧﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ، ﻗﻠﻨﺎ : ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻣﻴﺘﻜﻢ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ، ﺃﻧﺎ ﺃﺑﻮﻩ . ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﻠﺖ : ﻣﺎ ﺧﺒﺮ ﻣﻴﺘﻜﻢ ﻫﺬﺍ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﻴﺘﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ !
ﻗﺎﻝ : ﻗﻠﺖ : ﺧﺬﻭﺍ ﻣﻴﺘﻜﻢ ﺃﻧﺘﻢ ﻏﺴﻠﻮﻩ ﻭﻛﻔﻨﻮﻩ، ﺃﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﺴﻞ ﻭﻻ ﻳﻜﻔﻦ، ﻭﻻ ﻳﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ، ﻭﻻ ﻳﺪﻋﻰ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﺗﺤﻔﺮ ﻟﻪ ﺣﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻳﻜﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﻣَﺎ ﻇَﻠَﻤَﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻳَﻈْﻠِﻤُﻮﻥَ [ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 117: ] .
ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻭﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﻬﺎ، ﺃﻟﻢ ﻧﻮﺩﻉ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ؟ ﻟﻘﺪ ﻭﺩﻋﻨﺎ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺃَﻟَﻢْ ﻳَﺄْﻥِ ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺃَﻥْ ﺗَﺨْﺸَﻊَ ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻟِﺬِﻛْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﺰَﻝَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﻻ ﻳَﻜُﻮﻧُﻮﺍ ﻛَﺎﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺃُﻭﺗُﻮﺍ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻓَﻄَﺎﻝَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﺍﻷَﻣَﺪُ ﻓَﻘَﺴَﺖْ ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻭَﻛَﺜِﻴﺮٌ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻓَﺎﺳِﻘُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ 16: ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺍﻋْﻠَﻤُﻮﺍ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳُﺤْﻲِ ﺍﻷَﺭْﺽَ ﺑَﻌْﺪَ ﻣَﻮْﺗِﻬَﺎ ﻗَﺪْ ﺑَﻴَّﻨَّﺎ ﻟَﻜُﻢُ ﺍﻵﻳَﺎﺕِ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﻌْﻘِﻠُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ 17: ] ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﻦ ﻣﻀﻰ؟
ﺧﻞ ﺍﺩﻛﺎﺭ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﻭﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻊ
ﻭﺍﻟﻈﺎﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺩﻉ
ﻭﻋﺪَّ ﻋﻨﻪ ﻭﺩﻉِ
ﻭﺍﻧﺪﺏ ﺯﻣﺎﻧﺎً ﺳﻠﻔﺎً ﺳﻮﺩﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﻔﺎ
ﻭﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﻣﻌﺘﻜﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺍﻟﺸﻨﻊ
ﻛﻢ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭﺩﻋﺘﻬﺎ ﻣﺂﺛﻤﺎً ﺃﺑﺪﻋﺘﻬﺎ
ﻟﺸﻬﻮﺓ ﺃﻃﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﻗﺪ ﻭﻣﻀﺠﻊ
ﻭﻛﻢ ﺧﻄﻰً ﺣﺜﺜﺘﻬﺎ ﻟﺨﺰﻳﺔ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ
ﻭﺗﻮﺑﺔ ﻧﻜﺜﺘﻬﺎ ﻟﻤﻠﻌﺐ ﻭﻣﺮﺗﻊ
ﻭﻛﻢ ﺗﺠﺮﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﺭﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻰ
ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺍﻗﺒﻪ ﻭﻻ ﺻﺪﻗﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺪﻋﻲ
ﻭﻛﻢ ﻏﻤﻄﺖ ﺑﺮﻩ
ﻭﻛﻢ ﺃﻣﻨﺖ ﻣﻜﺮﻩ
ﻭﻛﻢ ﻧﺒﺬﺕ ﺃﻣﺮﻩ ﻧﺒﺬ ﺍﻟﺤﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﻗﻊ
ﻭﻛﻢ ﺭﻛﻀﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﻭﻓﻬﺖ ﻋﻤﺪﺍً ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ
ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺍﻉ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻣﻦ ﻋﻬﺪﻩ ﺍﻟﻤﺘﺒﻊ
ﻓﺎﻟﺒﺲ ﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﻭﺍﺳﻜﺐ ﺷﺂﺑﻴﺐ ﺍﻟﺪﻡ
ﻗﺒﻞ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﻘﺪﻡ ﻭﻗﺒﻞ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻤﺼﺮﻉ
ﺇﻻﻡَ ﺗﺴﻬﻮ ﻭﺗﻨﻲ ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻓﻨﻲ
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﻤﻘﺘﻨﻲ ﻭﻟﺴﺖ ﺑﺎﻟﻤﺮﺗﺪﻉ
ﺃﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺸﻴﺐ ﻭﺧﻂ ﻭﺧﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺧﻄﻂ
ﻭﻣﻦ ﻳﻠﺢ ﻭﺧﻂ ﺍﻟﺸﻤﻂ ﺑﻔﻮﺩﻩ ﻓﻘﺪ ﻧﻌﻲ
ﻭﻳﺤﻚ ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﺣﺮﺻﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ
ﻭﻃﺎﻭﻋﻲ ﻭﺃﺧﻠﺼﻲ ﻭﺍﺳﺘﻤﻌﻲ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﻭﻋﻲ
ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻱ ﺑﻤﻦ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ
ﻭﺍﺧﺸﻲ ﻣﻔﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﻘﻀﺎ ﻭﺣﺎﺫﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﺨﺪﻋﻲ
ﻭﺍﻧﺘﻬﺠﻲ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﺩﻛﺮﻱ ﻭﺷﻚ ﺍﻟﺮﺩﻯ
ﻓﺈﻥَّ ﻣﺜﻮﺍﻙ ﻏﺪﺍً ﻓﻲ ﻗﻌﺮ ﻟﺤﺪ ﺑﻠﻘﻊ
ﺁﻫﺎً ﻟﻪ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺒﻼ ﻭﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺍﻟﻘﻔﺮ ﺍﻟﺨﻼ
ﻭﻣﻨﺰﻝ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻷﻟﻰ ﻭﺍﻟﻼﺣﻖ ﺍﻟﻤﺘﺒﻊ
ﺑﻴﺖ ﻳﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﻭﺩﻋﻪ ﻗﺪ ﺿﻤﻪ ﻭﺍﺳﺘﻮﺩﻋﻪ
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻌﺔ ﻗﻴﺪ ﺛﻼﺙ ﺃﺫﺭﻉ
ﻻ ﻓﺮﻕ ﺃﻥ ﻳﺤﻠﻪ ﺩﺍﻫﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺑﻠﻪ
ﺃﻭ ﻣﻌﺴﺮ ﺃﻭﻣﻦ ﻟﻪ ﻣﻠﻚ ﻛﻤﻠﻚ ﺗﺒﻊ
ﻓﺎﻟﻜﻞ ﺳﻴﻤﻮﺕ : ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ ﺳﺘﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻐﺎﻓﻞ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﺣﺪﺍً، ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﺘﺄﺧﺬﻫﻢ ﺍﻟﻐﻔﻼﺕ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻫﻢ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻮﻥ ﻓﻴﺜﺒﺘﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻫﻢ .
ﺷﺎﺏ ﻳﻤﻮﺕ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ : ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺸﻬﺪﺍً ﺁﺧﺮ :
ﺷﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺗﻌﻄﻠﺖ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺗﺤﺖ ﻧﻔﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﻔﺎﻕ، ﻓﻨﺰﻝ ﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﻌﻄﻞ، ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻓﺎﺭﺗﻄﻤﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻒ، ﻭﺳﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺗﻜﺴﺮﺕ ﻋﻈﺎﻣﻪ، ﻭﺳﺎﻟﺖ ﺩﻣﺎﺅﻩ !
ﻳﻘﻮﻝ : ﺃﺳﺮﻋﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ، ﺟﺌﻨﺎﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺣﻤﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﻬﺮﻩ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﻬﻤﻬﻢ ﺑﺄﺻﻮﺍﺕ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﻟﻢ ﻧﻤﻴﺰﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻭﺿﻌﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺨﻠﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﻤﻬﻢ ﺑﻪ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺼﻮﺕ ﻋﺬﺏ ﻧﺪﻱ، ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺒﻜﻲ .
ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﺗﻜﺴﺮﺕ ﻋﻈﺎﻣﻪ، ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﺃﻟﻘﻨﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻓﺄﻧﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺧﺒﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻳﻘﻮﻝ : ﻓﺠﺄﺓ ﺑﺪﺃ ﺻﻮﺗﻪ ﻳﺨﻔﺖ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً، ﻓﺎﻟﺘﻔﺖُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻒ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﺭﺍﻓﻊ ﺇﺻﺒﻌﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﻳﺘﺸﻬﺪ، ﺛﻢ ﺳﻘﻄﺖ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .
ﻓﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻨﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻋﺎﺵ ﻋﻠﻰ ( ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ) ، ﻓﻌﺮﻑ ﻣﻌﻨﻰ ( ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ) ، ﻭﺑﺬﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ( ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ) ، ﻓﺜﺒﺘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻩ، ﻟﻢ ﺗﺘﺨﻞ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺨﻞَّ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻻ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﺘﻬﻠﻴﻞ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ، ﻓﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ : ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ !
ﻇﻬﻮﺭ ﺃﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺏ ﻋﻨﺪ ﻏﺴﻠﻪ ﻭﺩﻓﻨﻪ
ﻭﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺩﻋﺎﺗﻨﺎ ﻳﻘﻮﻝ : ﺟﻲﺀ ﺑﺸﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ، ﺃﺣﺴﺒﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺣﺴﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻵﻣﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﺎﻫﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺼﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﺟﻲﺀ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﻐﺴﻠﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺑﺪﺃﻧﺎ ﺑﺘﻐﺴﻴﻠﻪ، ﻭﺑﺪﺃﻧﺎ ﺑﺈﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺣﺖ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻣﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﻀﻊ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻣﺘﻸﺕ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺑﻤﺴﻚ ﻣﺎ ﺷﻤﻤﻨﺎ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .
ﻗﺎﻝ : ﻗﻠﺖ ﻟﺼﺎﺣﺒﻲ : ﻫﻞ ﺗﺸﻢ ﻣﺎ ﺃﺷﻢ؟ ﻗﺎﻝ : ﺇﻱ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻨﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻘﺮﺍﻃﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ، ﻏﺴﻠﻨﺎﻩ، ﻭﻛﻔﻨﺎﻩ، ﻭﺃﺧﺬﻧﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ، ﻭﻛﻨﺖ ﻣﻤﻦ ﻧﺰﻝ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻋﻄﻮﻧﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻨﺎﻩ، ﺑﻞ ﺃُﺧﺬ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ، ﻗﻠﺖ ﻟﺼﺎﺣﺒﻲ : ﺃﺗﺸﻌﺮ؟ ﻗﺎﻝ : ﺇﻱ ﻭﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻭﺳﺪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻭﺳﺪﻧﺎﻩ، ﻭﻭﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ، ﻭﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻭﺟﻬﻨﺎﻩ، ﻭﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﻀﺤﻚ، ﻓﺨﻔﺖ ﻭﻇﻨﻨﺘﻪ ﺣﻴﺎً، ﻟﻮﻻ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺴﻠﺘﻪ ﻭﻛﻔﻨﺘﻪ !
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻟﻢ ﺗﺨﻨﻪ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﻭﻟﻢ ﺗﺨﻨﻪ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺗﺒﻌﻪ ﻋﻤﻠﻪ، ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﺘﺘﺒﻌﻬﻢ ﻏﻔﻼﺗﻬﻢ، ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻓﺘﺘﺒﻌﻬﻢ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ، ﻭﺗﻀﻲﺀ ﻟﻬﻢ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ، ﻓﺈﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻳﺮﺣﻠﻮﻥ ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻻ ﻳﺘﺒﺪﻝ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻼﺟﻬﺎ، ﻭﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : ﻭﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ : ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺘﺪﺑﺮ، ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻤﻜﺜﻮﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻳﻀﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺃﺣﻮﺍﻝ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺂﺳﻲ ﻭﺟﺮﺍﺣﺎﺕ .
ﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻳﻠﻮﻙ ﺟﺮﺍﺣﻪ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺟﻤﻮﻋﻬﻢ ﺁﺣﺎﺩ
ﻳﺎ ﻭﻳﺤﻨﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺻﺎﺏ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ﺃﻭﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﺳﻌﺪ ﻭﻻ ﻣﻘﺪﺍﺩ
ﺇﻥَّ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﺘﻀﺮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺤﺮ، ﻭﺍﻻﺭﺗﻤﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ، ﻭﺍﻟﻌﻼﺝ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻘﻠﻴﻞ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻓﻤﺎ ﻓﺴﺪﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺇﻻ ﻟﻤﺎ ﺃﺛﺨﻨﺖ ﺍﻟﺒﻄﻮﻥ ﺃﻛﻼً ﻭﺷﺮﺑﺎً ﻭﻟﻬﻮﺍً ﻭﻏﻔﻠﺔ، ﺛﻢ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ، ﻭﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺗﻘﻊ .
ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ
ﺇﻥَّ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ : ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﺠﺒﺘﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺤﻜﺘﻨﻲ : ﻣﺆﻣﻞ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﻄﻠﺒﻪ، ﻭﻏﺎﻓﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻤﻐﻔﻮﻝ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻣَﺎ ﻳَﻠْﻔِﻆُ ﻣِﻦْ ﻗَﻮْﻝٍ ﺇِﻟَّﺎ ﻟَﺪَﻳْﻪِ ﺭَﻗِﻴﺐٌ ﻋَﺘِﻴﺪٌ [ ﻕ 18: ] ﻭﺿﺎﺣﻚ ﻣﻞﺀ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺭﺑﻪ ﺭﺍﺽ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺳﺎﺧﻂ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﺁﺧﺮ ﻳﻘﻮﻝ : ﻣﺎ ﻧﻤﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺇﻻ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﻴﻘﻆ ﺑﻌﺪﻫﺎ .
ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻜﻰ ﺑﻜﺎﺀ ﺷﺪﻳﺪﺍً، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ : ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻜﻴﻚ؟ ﻗﺎﻝ : ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺭﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ .
ﻛﺎﻥ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ : ﺇﺫﺍ ﻣﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﺑﻌﺜﻲ ﺇﻟﻰ ﻓﻼﻥ ﻳﻐﺴﻠﻨﻲ، ﻭﺍﺑﻌﺜﻲ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻳﻜﻔﻨﻨﻲ، ﻭﺍﺻﻨﻌﻲ ﻛﺬﺍ، ﻭﺍﺻﻨﻌﻲ ﻛﺬﺍ، ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻬﺎ : ﺭﺅﻳﺎ ﺭﺁﻫﺎ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻻ، ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ . ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ .
ﺃﻣﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﻓﺴﻤﻊ ﻣﻨﺎﺩﻳﺎً ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻷﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺮﺽ ﺷﺪﻳﺪ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻻﺣﺘﻀﺎﺭ، ﻓﻘﺎﻝ ﻷﺑﻨﺎﺋﻪ : ﺧﺬﻭﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺃﻧﺖ ﻣﻤﻦ ﻋﺬﺭ ﺍﻟﻠﻪ، ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﺣﺮﺝ، ﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻷﺳﺘﺤﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻓﻼ ﺃﺟﻴﺐ !
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻛﺄﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ، ﻭﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻓﻼ ﻳﺠﻴﺐ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻞ .
ﻗﺎﻝ : ﺧﺬﻭﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﺈﻧﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻷﺳﺘﺤﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻭﻻ ﺃﺟﻴﺐ، ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ ﻭﺗﻄﻴﺐ ﻭﺗﻌﻄﺮ ﻭﺫﻫﺐ ﻷﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺠﺪ ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻼﻩ ﻣﻦ ﺧﺘﺎﻡ، ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻣَﻨَﺎ ﺃَﺟِﻴﺒُﻮﺍ ﺩَﺍﻋِﻲَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺁﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻪِ ﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺫُﻧُﻮﺑِﻜُﻢْ ﻭَﻳُﺠِﺮْﻛُﻢْ ﻣِﻦْ ﻋَﺬَﺍﺏٍ ﺃَﻟِﻴﻢٍ * ﻭَﻣَﻦْ ﻻ ﻳُﺠِﺐْ ﺩَﺍﻋِﻲَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻠَﻴْﺲَ ﺑِﻤُﻌْﺠِﺰٍ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﻭَﻟَﻴْﺲَ ﻟَﻪُ ﻣِﻦْ ﺩُﻭﻧِﻪِ ﺃَﻭﻟِﻴَﺎﺀُ ﺃُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻓِﻲ ﺿَﻼﻝٍ ﻣُﺒِﻴﻦٍ [ ﺍﻷﺣﻘﺎﻑ 32-31: ] .
ﻫﺬﻩ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻓﺘﺸﺒﻪ ﺑﻬﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺻﻼﺡ، ﻭﺍﻧﺘﺒﻪ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﻭﻗﺘﺎً ﻣﺴﺘﻘﻄﻌﺎً ﻭﻭﻗﺘﺎً ﺇﺿﺎﻓﻴﺎً ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻚ، ﺧﺬ ﺑﺎﻟﻌﻼﺝ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ .
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺩﺧﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺟﻲﺀ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﺒﺶ ﺃﻗﺮﻥ ﺃﻣﻠﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ، ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ! ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﻫﺬﺍ؟ ﻓﻴﺸﺮﺋﺒﻮﻥ ﻭﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﺮﻓﻪ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ! ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﻫﺬﺍ؟ ﻓﻴﺸﺮﺋﺒﻮﻥ ﻓﻴﻨﻈﺮﻭﻥ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﺮﻓﻪ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻴﺬﺑﺢ، ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺧﻠﻮﺩ ﻓﻼ ﻣﻮﺕ، ﻭﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺧﻠﻮﺩ ﻓﻼ ﻣﻮﺕ ) .
ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ : ﺇﻥ ﻟﻜﻢ ﺃﻻ ﺗﺠﻮﻋﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍً، ﺇﻥ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺼﺤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻤﺮﺿﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﺃﻥ ﺗﺤﻴﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻤﻮﺗﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻴﻤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻈﻌﻨﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﺃﻥ ﺗﺸﺒﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻬﺮﻣﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً .
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ : ﺧﻠﻮﺩ ﻓﻼ ﻣﻮﺕ : ﻭَﻟَﻮْ ﺗَﺮَﻯ ﺇِﺫِ ﺍﻟْﻤُﺠْﺮِﻣُﻮﻥَ ﻧَﺎﻛِﺴُﻮﺍ ﺭُﺀُﻭﺳِﻬِﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﺃَﺑْﺼَﺮْﻧَﺎ ﻭَﺳَﻤِﻌْﻨَﺎ ﻓَﺎﺭْﺟِﻌْﻨَﺎ ﻧَﻌْﻤَﻞْ ﺻَﺎﻟِﺤًﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﻣُﻮﻗِﻨُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ ([12: ، ﻓﻬﻢ ﻳﺘﻤﻨﻮﻥ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻫﻴﻬﺎﺕ !
ﺛﻢ ﻗﺮﺃ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻭَﺃَﻧﺬِﺭْﻫُﻢْ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﺤَﺴْﺮَﺓِ ﺇِﺫْ ﻗُﻀِﻲَ ﺍﻷَﻣْﺮُ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﻏَﻔْﻠَﺔٍ ﻭَﻫُﻢْ ﻻ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ * ﺇِﻧَّﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﻧَﺮِﺙُ ﺍﻷَﺭْﺽَ ﻭَﻣَﻦْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ ﻳُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ [ ﻣﺮﻳﻢ 40-39: ] .
ﻓﺎﺗﻖِ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻭﺍﻧﻔﺾ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻭﺍﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ، ﻓﺈﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﻤﺴﻲ ﻭﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﻭﻗﺪ ﺗﺼﺒﺢ ﻭﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺸﺎﺏ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺸﺒﺎﺑﻪ، ﻭﺇﻧﻚ ﺗﺠﺪ ﺃﻥَّ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ ﻫﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺼﺤﺘﻪ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻳﺄﺗﻲ ﻓﺠﺄﺓ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻓﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ .
ﻳﺎ ﻋﺠﺒﺎً ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻟﻮ ﻓﻜﺮﻭﺍ ﺃﻭ ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﺑﺼﺮﻭﺍ
ﻭﻋﺒﺮﻭﺍ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺒﺮ
ﻻ ﻓﺨﺮ ﺇﻻ ﻓﺨﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻏﺪﺍً ﺇﺫﺍ ﺿﻤﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﺸﺮ
ﻟﻴﻌﻠﻤﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻭﺍﻟﺒﺮ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﺮ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺭﻧﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﺣﻘﺎً ﻭﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ، ﻭﺃﺭﻧﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺎﻃﻼً ﻭﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﺟﺘﻨﺎﺑﻪ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺣﺒﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺯﻳﻨﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﻭﻛﺮﻩ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻔﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻳﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻤﻊ ﺷﻤﻠﻨﺎ، ﻭﻭﺣﺪ ﺻﻔﻨﺎ، ﻭﺭﺩﻧﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﺭﺩﺍً ﺟﻤﻴﻼً ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻧﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻴﺸﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﻛﺸﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻦ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻛﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻮﻧﺎً ﻭﻇﻬﻴﺮﺍً ﻭﻣﺆﻳﺪﺍً ﻭﻧﺼﻴﺮﺍً .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻧﺼﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﺮﻫﻢ، ﻭﺍﺧﺬﻝ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﻬﻢ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﺑﺄﺳﻮﺃ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ .
ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
( ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ) ﻟﻠﺸﻴﺦ : ( ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ )
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻧﺤﻤﺪﻩ ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻩ ﻭﻧﺴﺘﻬﺪﻳﻪ، ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﺭ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺳﻴﺌﺎﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ، ﻣﻦ ﻳﻬﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﻳﻀﻠﻞ ﻓﻼ ﻫﺎﺩﻱ ﻟﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ .
ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻟًﺎ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒًﺎ [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 1: ] .
ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﻮْﻟًﺎ ﺳَﺪِﻳﺪًﺍ * ﻳُﺼْﻠِﺢْ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﺫُﻧُﻮﺑَﻜُﻢْ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻄِﻊِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻓَﻘَﺪْ ﻓَﺎﺯَ ﻓَﻮْﺯًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ [ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ 71-70: ] .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻓﺈﻥ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻬﺪﻱ ﻫﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺷﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﺤﺪﺛﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ، ﻭﻛﻞ ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ .
ﻣﻌﺎﺷﺮ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ! ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ، ﺣﻴﺎﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﻴﺎﻛﻢ، ﻭﺳﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﺧﻄﺎﻱ ﻭﺧﻄﺎﻛﻢ، ﺃﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻌﻨﻲ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﺇِﺧْﻮَﺍﻧًﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺳُﺮُﺭٍ ﻣُﺘَﻘَﺎﺑِﻠِﻴﻦَ، ﺃﺳﺄﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺷﻤﻠﻨﺎ، ﻭﻳﻮﺣﺪ ﺻﻔﻨﺎ، ﻭﻳﺼﻠﺢ ﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺃﻥ ﻳﻨﺼﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ .
ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ؟ ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺘﺨﻄﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻤﻨﺔ ﻭﻳﺴﺮﺓ، ﻓﻼ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻤﻀﻲ ﻳﻮﻡ ﺇﻻ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺗﻮﺩﻉ ﺭﺟﺎﻻً ﻭﻧﺴﺎﺀ، ﺻﻐﺎﺭﺍً ﻭﻛﺒﺎﺭﺍً، ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ .
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻟﻌﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﺠﻮﺯ ﺣﺴﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺯﻳﻨﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ : ﻛﻢ ﺗﺰﻭﺟﺖ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻛﺜﻴﺮ، ﻗﺎﻝ : ﺃﻛﻠﻬﻢ ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻚ ﺃﻡ ﻃﻠﻘﻚ؟ ﻗﺎﻟﺖ : ﺑﻞ ﻛﻠﻬﻢ ﻗﺘﻠﺖ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ : ﺗﻌﺴﺎً ﻷﺯﻭﺍﺟﻚ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﺑﺄﺯﻭﺍﺟﻚ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﻦ !
ﻳﺎ ﻏﺎﻓﻼً ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻏﺮﻩ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ
ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻐﺘﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﺮ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺮﺽ ﻗﻠﺒﻲ ﺧﻄﻴﺮ
ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﻦ :
ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻧﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﻧﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻼﺝ .
ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻭﻫﻲ ﺃﺷﺪ ﻓﺘﻜﺎً، ﻭﺃﺷﺪ ﺧﻄﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺕ؛ ﻭﻷﻥ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳﻦ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷﺪ ﺧﻄﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ .
ﺇﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﻟﻸﺑﺪﺍﻥ، ﻭﻣﻮﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻮﺕ ﻟﻸﺑﺪﺍﻥ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺭَﺃَﻳْﺘَﻬُﻢْ ﺗُﻌْﺠِﺒُﻚَ ﺃَﺟْﺴَﺎﻣُﻬُﻢْ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﺗَﺴْﻤَﻊْ ﻟِﻘَﻮْﻟِﻬِﻢْ [ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ 4: ] ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺧﺎﻭﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺸﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺴﻮﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ . ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺮﺽ ﺧﻄﻴﺮ، ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ، ﻭﺗﻨﺴﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﺳﻴﻈﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺘﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺭﺍﺣﺔ ﻭﺟﻴﺌﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺎﺟﺌﻪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﺻﺎﺡ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺕ : ﺭﺑﺎﻩ ﺍﺭﺟﻌﻮﻥ، ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻱ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻼﺝ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ .
ﺃﻗﻮﻝ ﺃﺣﺒﺘﻲ : ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻓﻼﻥ ! ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻞ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻫﻞ ﻧﻮﻳﺖ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﺎ ﺍﺷﺘﺎﻗﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻌﺪ، ﻗﺎﻝ : ﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺩﺍﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺘﻤﻞ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻭﻫﻞ ﺗﻀﻤﻦ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺃﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻋﺎﻗﻼً ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ !
ﺍﺳﺄﻝ ﻧﻔﺴﻚ : ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻞ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ؟
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﺟﻞ، ﻭﺍﻧﻘﻀﺖ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺃﺯﻑ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﺃﻣﺴﺘﻌﺪ ﺃﻧﺖ ﻟﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺧﺮﻯ؟ ﻓﺎﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺮﺽ ﺧﻄﻴﺮ، ﺣﺬﺭﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻻ ﺗُﻠْﻬِﻜُﻢْ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟُﻜُﻢْ ﻭَﻻ ﺃَﻭْﻻﺩُﻛُﻢْ ﻋَﻦْ ﺫِﻛْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻔْﻌَﻞْ ﺫَﻟِﻚَ ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮُﻭﻥَ [ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ 9: ] .
ﻭﻣﺎ ﻏﻔﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻻﺷﺘﻐﺎﻟﻬﻢ ﺑﺄﻣﻮﺭ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ ﺑﺸﻬﻮﺍﺗﻬﻢ ﻭﻟﺬﺍﺗﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ : ﺍﻗْﺘَﺮَﺏَ ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ ﺣِﺴَﺎﺑُﻬُﻢْ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﻏَﻔْﻠَﺔٍ ﻣُﻌْﺮِﺿُﻮﻥَ * ﻣَﺎ ﻳَﺄْﺗِﻴﻬِﻢْ ﻣِﻦْ ﺫِﻛْﺮٍ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﻣُﺤْﺪَﺙٍ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﺳْﺘَﻤَﻌُﻮﻩُ ﻭَﻫُﻢْ ﻳَﻠْﻌَﺒُﻮﻥَ * ﻻﻫِﻴَﺔً ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻭَﺃَﺳَﺮُّﻭﺍ ﺍﻟﻨَّﺠْﻮَﻯ [ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ 3-1: ] .
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻭﺩﺕ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻧﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺤﺪ ﻭﺿﻤﺘﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺷﺪﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻛﺮﺑﺎﺗﻪ، ﻏﻔﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﻭﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﺎﺭ .
ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﺎﺫﻛﺮﻩ ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻓﻤﺎ ﻷﺣﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﺮﺍﺀﻩ
ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻠﻔﻴﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ
ﻭﺍﻟﻘﺒﺮ ﺭﻭﺿﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺣﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ
ﺇﻥ ﻳﻚ ﺧﻴﺮﺍً ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺧﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻨﺎ ﻟﻌﺒﺪﻩ
ﻭﺇﻥ ﻳﻚ ﺷﺮﺍً ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﺷﺪ ﻭﻳﻞ ﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺪ
ﻣﺮ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ! ﺇﻣﺎ ﺗﺨﺒﺮﻭﻧﺎ ﺧﺒﺮﻛﻢ ﺃﻭ ﻧﺨﺒﺮﻛﻢ ﺑﺄﺧﺒﺎﺭﻧﺎ، ﺃﻣﺎ ﺃﺧﺒﺎﺭﻧﺎ : ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻗﺪ ﺳﻜﻨﺖ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻗﺪ ﺗﺰﻭﺟﺖ، ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻗﺪ ﻗﺴﻤﺖ .
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﺃﻣﺎ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﺗﻜﻠﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻟﻘﺎﻟﻮﺍ : ﺗﺰﻭﺩﻭﺍ ﻓﺈﻥ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ، ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻴﺎﻩ ﻋﻤﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﺇﺫﺍ ﻣﻀﻰ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﺃﺑﺪﺍً، ﻓﺎﻏﺘﻨﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺧﻤﺴﺎً ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺲ : ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺮﻡ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺮﺽ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ، ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮ ) .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺗﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ ) ، ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻯ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ
ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ، ﻭﻣﻨﺬ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻀﺖ ﻣﺎﺕ ﺷﻴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﻓﺠﺎﺀﻧﻲ ﺳﺎﺋﻞ ﻳﺴﺄﻝ ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ! ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﻲ؟ ﻗﻠﺖ : ﻣﺎ ﺍﻟﺨﺒﺮ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﺎﺕ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﺎ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻗﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﺻﻠﻰ ﻳﻮﻣﺎً ﻭﻻ ﺭﻛﻊ ﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺌﻞ ﺃﻫﻠﻪ ﻋﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭﻩ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻳﻮﻣﺎً ﻳﺼﻠﻲ !
ﺃﻱ ﻏﻔﻠﺔ ﻫﺬﻩ؟ ﺗﻤﺮ ﺑﻨﺎ ﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺗﻨﻘﻀﻲ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﻧﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ، ﺃﻳﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ .
ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻓﻲ ﻫﺠﻴﻊ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻳﺮﻗﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻪ، ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ : ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ! ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ! ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ! ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻓﺴﺄﻝ ﻋﻨﻪ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ : ﻣﺎﺕ، ﻗﺎﻝ : ﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺭﺣﻞ ﻫﻮ .
ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻠﻬﺞ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺎﺥ ﺑﺒﺎﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﻣﺘﻴﻘﻈﺎً ﻣﺘﺸﻤﺮﺍً ﺫﺍ ﺃﻫﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻠﻬﻪ ﺍﻵﻣﺎﻝ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺣﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻶﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ، ﻭﻣﻦ ﺃﻃﺎﻝ ﺍﻷﻣﻞ ﺃﺳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺫَﺭْﻫُﻢْ ﻳَﺄْﻛُﻠُﻮﺍ ﻭَﻳَﺘَﻤَﺘَّﻌُﻮﺍ ﻭَﻳُﻠْﻬِﻬِﻢُ ﺍﻷَﻣَﻞُ ﻓَﺴَﻮْﻑَ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺤﺠﺮ 3: ] ، ﻓﻼ ﺗﺮﺍﻫﻢ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﺑﻞ ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺮﻛﻌﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺴﺠﺪﻭﻥ .
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻟﻘﻴﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻓﺮﻛﺒﻮﺍ ﻣﻌﻲ، ﺛﻢ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ :
ﻗﻠﺖ : ﺃﻳﻦ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻧﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﻼﻧﻲ .
ﻗﻠﺖ : ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺪﻓﻜﻢ ﻫﻨﺎﻙ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ .
ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﻫﻼﺕ ﻓﻼ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺬﻛﺮ، ﻻ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﺬﻛﺮ، ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ : ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺘﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﻼﺓ؟ ﻟﻌﻠﻤﻲ ﻳﻘﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﺕ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺃَﻫْﻠَﻚَ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼﺓِ ﻭَﺍﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻻ ﻧَﺴْﺄَﻟُﻚَ ﺭِﺯْﻗًﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﻧَﺮْﺯُﻗُﻚَ ﻭَﺍﻟْﻌَﺎﻗِﺒَﺔُ ﻟِﻠﺘَّﻘْﻮَﻯ [ ﻃﻪ 132: ] .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺃﻡ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻛﺬﺏ ﻋﻠﻴﻚ؟
ﻗﻠﺖ : ﺇﻥ ﻛﺬﺑﺖ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ، ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻼ ﻳﻀﺮﻧﻲ .
ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ! ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺻﻠﻲ .
ﻗﻠﺖ : ﻛﺎﻓﺮ؟
ﻗﺎﻝ : ﻻ .
ﻗﻠﺖ : ﻫﺬﺍ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻜﻢ ﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻓﻤﻦ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ ) .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﻻً، ﻗﻠﺖ : ﻛﻴﻒ؟ ! ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺮﺗﻴﻦ .
ﻗﻠﺖ : ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﺠﺐ، ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﺨﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺼﻠﻲ ﺻﻼﺗﻴﻦ، ﺃﻱ ﻏﻔﻠﺔ ﻫﺬﻩ؟ ﺃﻣﺎ ﺑﻨﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ؟ ﻫﻞ ﻣﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻣﺴﻠﻤﺎً ﻳﻐﻔﻞ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻳﺠﻬﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؟ ﺇﻧﻪ ﻋﺒﺪ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻋﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ، ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻً، ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻗﻠﺖ : ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ .
ﻭﺟﻠﺠﻠﺔ ﺍﻷﺫﺍﻥ ﺑﻜﻞ ﺣﻲ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻦ ﺻﻮﺕ ﻣﻦ ﺑﻼﻝ
ﻣﻨﺎﺋﺮﻛﻢ ﻋﻠﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺎﺡ ﻭﻣﺴﺠﺪﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺧﺎﻟﻲ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺣﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﺒﻂ ﺃﻣﺮ ﺻﻼﺗﻪ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻛﻠﻔﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ، ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺧﻴﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ) ، ﻟﻦ ﺗﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﺮﺑﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺇﺫﺍ ﺃﺫﻥ ﺍﻟﻤﺆﺫﻥ : ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺮﻯ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺗﺘﺤﺮﻙ، ﻭﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺮﻯ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻳﺴﻴﺮ، ﻭﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺘﺮﻯ ﺃﺑﺎً ﺃﻭ ﺷﻴﺨﺎً ﺃﻭ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺪﺍﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺫَﺭَﺃْﻧَﺎ ﻟِﺠَﻬَﻨَّﻢَ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ ﻭَﺍﻹِﻧﺲِ [ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 179: ] .
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﺫﺍﻥ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺑﺴﺎﻋﺔ ﺗﻼﺣﻆ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ، ﺇﺫﺍ ﻧﺎﺩﻯ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ : ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ! ﺍﻣﺘﻸﺕ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺑﺎﻟﻐﺎﺩﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺤﻴﻦ ﺻﻐﺎﺭﺍً ﻭﻛﺒﺎﺭﺍً، ﺫﻛﺮﺍﻧﺎً ﻭﺇﻧﺎﺛﺎً، ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺑﻌﺪ ﻏﻔﻠﺘﻬﺎ ﻫﺒﺖ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﺘﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺕ ﻟﻄﻠﺐ ﺩﻧﻴﺎﻫﺎ .
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻌﻈﻢ ﺩﻧﻴﺎﻫﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﻈﻴﻤﻬﺎ ﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺃَﻭَﻟَﻤَّﺎ ﺃَﺻَﺎﺑَﺘْﻜُﻢْ ﻣُﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻗَﺪْ ﺃَﺻَﺒْﺘُﻢْ ﻣِﺜْﻠَﻴْﻬَﺎ ﻗُﻠْﺘُﻢْ ﺃَﻧَّﻰ ﻫَﺬَﺍ ﻗُﻞْ ﻫُﻮَ ﻣِﻦْ ﻋِﻨْﺪِ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻜُﻢْ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﺪِﻳﺮٌ [ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 165: ] .
ﻓﺘﺮﺍﻫﻢ ﻻ ﻳﺼﻠﻮﻥ، ﻭﻳﺘﺴﺎﻫﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺗﺮﺍﻫﻢ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ﻳﻤﻨﺔ ﻳﺴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻼﻝ ﻭﻓﻲ ﻣﺤﺮﻣﺎﺕ، ﻭﺗﺮﺍﻫﻢ ﻗﺪ ﻫﺠﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺃﻛﺒﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺳﻮﺍﺀ .
ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻟﻠﺴﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ
ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻓﺈﻥ ﻟﻠﻴﻞِ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﻌﻤﻼﻥ ﻓﻴﻚ ﻓﺎﻋﻤﻞ ﺃﻧﺖ ﻓﻴﻬﻤﺎ .
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻳﻮﺻﻲ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﺋﻼً : ﺇﻥ ﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺇﻥ ﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ .
ﻓﺄﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ؟ ﻓﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸﻴﺐ .
ﺯﺍﺭ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻣﻜﺔ ﺑﻌﺪ ﻃﻮﻝ ﻏﻴﺎﺏ ﻓﺮﺃﻯ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻋﺠﺒﺎً، ﺭﺁﻫﻢ ﻗﺪ ﺗﻄﺎﻭﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ، ﻭﺭﺁﻫﻢ ﺗﻮﺳﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﺏ، ﻓﻨﺎﺩﻯ ﺑﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﻄﻮﻑ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ! ﺃﻧﺎ ﺟﻨﺪﺏ ﺑﻦ ﺟﻨﺎﺩﺓ، ﻭﺃﻧﺎ ﻟﻜﻢ ﻧﺎﺻﺢ ﻣﺸﻔﻖ ﺃﻣﻴﻦ .
ﻓﺄﻗﺒﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﺭﺃﻳﺘﻢ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺴﻔﺮ، ﺃﻟﻴﺲ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻪ ﻓﻲ ﺳﻔﺮﻩ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺑﻠﻰ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺈﻥ ﺳﻔﺮ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺃﻃﻮﻝ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻜﻢ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﻨﺎ؟ ! ﻗﺎﻝ : ﺻﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻟﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ، ﻭﺣﺠﻮﺍ ﺣﺠﺔ ﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ .
ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺠﻠﺴﻴﻦ : ﻣﺠﻠﺴﺎً ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻣﺠﻠﺴﺎً ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺁﺧﺮ ﻳﻀﺮﻙ ﻻ ﺗَﺮِﺩْﻩ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﺭﻫﻢ ﺩﺭﻫﻤﻴﻦ : ﺩﺭﻫﻤﺎً ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺩﺭﻫﻤﺎ ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ ﻭﻣﻦ ﻋﻨﺪﻙ، ﻭﺁﺧﺮ ﻳﻀﺮﻙ ﻻ ﺗﺮﺩﻩ، ﻣﺎ ﻟﻲ ﺃﺭﺍﻛﻢ ﺗﺒﻨﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﻜﻨﻮﻥ، ﻭﺗﺠﻤﻌﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺄﻛﻠﻮﻥ، ﻭﺗﺆﻣﻠﻮﻥ ﻓﺘﻄﻴﻠﻮﻥ، ﻗﺘﻠﻜﻢ ﺣﺮﺹٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﺴﺘﻢ ﺑﺒﺎﻟﻐﻴﻪ .
ﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺸﺘﻜﻰ، ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ؟ ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺔ ﻻ ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺭﺻﺪﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﺍﻟﺮﺑﻮﻳﺔ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻧﺴﺎﺀﻧﺎ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﻳﺘﻤﺎﻳﻠﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺯﻑ ﻭﺍﻷﻟﺤﺎﻥ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻟﻴﻠﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﺍﺕ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻟﻤﻼﻋﺐ ﺗﻐﻂ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺒﻘﺮ ﻳﻬﺪﻣﻮﻥ ﻣﺴﺎﺟﺪﻧﺎ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ ﻳﻨﺘﻬﻜﻮﻥ ﺣﺮﻣﺎﺗﻨﺎ ﻭﺃﻋﺮﺍﺿﻨﺎ؟
ﻛﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺨﻨﺎﺯﻳﺮ ﻳﺘﻼﻋﺒﻮﻥ ﺑﻨﺎ؟
ﻓﺈﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ، ﻓﻤﺎ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ، ﻭﻣﺎ ﺃﻭﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻭﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺿﻌﻔﻨﺎ، ﻭﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ، ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻓﻨﺘﻌﻆ، ﻭﻧﺴﻤﻊ ﺍﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻓﻨﺘﻐﻴﺮ ﻭﻧﺘﺒﺪﻝ .
ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺃﻥ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻭﻻ ﻛﺒﻴﺮﺍً، ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺻﻴﻔﺎً ﻭﻻ ﺷﺘﺎﺀ، ﻭﻻ ﻟﻴﻼً ﻭﻻ ﻧﻬﺎﺭﺍً .
ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻛﻼً ﻣﻨﺎ ﺷﺪﺍﺋﺪ ﻭﺃﻫﻮﺍﻝ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺿﻤﺔ ﻭﺳﺆﺍﻝ .
ﺇﻧﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺳﺘﻄﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ : ﻣﻦ ﺭﺑﻚ؟ ﻭﻣﺎ ﺩﻳﻨﻚ؟ ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺚ ﻓﻴﻜﻢ؟ ﻭﻻ ﺗﻈﻦ ﺃﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺴﻬﻠﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ، ﻭﻟﻦ ﻳﺠﻴﺐ ﺇﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺛﺒﺎﺗﺎً ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻳُﺜَﺒِّﺖُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺑِﺎﻟْﻘَﻮْﻝِ ﺍﻟﺜَّﺎﺑِﺖِ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﻓِﻲ ﺍﻵﺧِﺮَﺓِ ﻭَﻳُﻀِﻞُّ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ ﻭَﻳَﻔْﻌَﻞُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣَﺎ ﻳَﺸَﺎﺀُ [ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ 27: ] .
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ : ﺳَﺄَﺻْﺮِﻑُ ﻋَﻦْ ﺁﻳَﺎﺗِﻲَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﺘَﻜَﺒَّﺮُﻭﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﻛُﻞَّ ﺁﻳَﺔٍ ﻻ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﺮُّﺷْﺪِ ﻻ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﻐَﻲِّ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺬَّﺑُﻮﺍ ﺑِﺂﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻭَﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻋَﻨْﻬَﺎ ﻏَﺎﻓِﻠِﻴﻦَ [ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 146: ] .
ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻘﺒﺮ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻴﻮﻡ ﻣﻘﺪﺍﺭﻩ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺟﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ؟ ﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ .
ﻣﺮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺎﺏ ﻳﻀﺤﻚ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ : ﻫﻞ ﻣﺮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻫﻞ ﺗﺪﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻚ ﺃﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍً : ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺤﻚ؟
ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺃﺣﺒﺘﻲ ! ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺪﻓﻦ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ ﻭﻻ ﻧﻌﺘﺒﺮ؟ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﻻ ﻧﺰﺩﺟﺮ؟ ﻧﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ ﻭﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻻ ﻧﺮﻯ ﺇﻻ ﻣﺘﻘﻨﻌﺎً ﺑﺎﻛﻴﺎً . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻛﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻀﺎﺣﻜﻴﻦ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﺍﻵﻻﻡ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﺩﻳﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻓﻼ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﺄﺛﺮﻭﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺆﺛﺮ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؟
ﺇﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻣﺼﻴﺮ ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺗﺨﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻟﻠﺘﺜﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ .
ﻗﺼﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ، ﻭﺗﺼﺪ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ : ﺳَﺄَﺻْﺮِﻑُ ﻋَﻦْ ﺁﻳَﺎﺗِﻲَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﺘَﻜَﺒَّﺮُﻭﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﻛُﻞَّ ﺁﻳَﺔٍ ﻻ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﺮُّﺷْﺪِ ﻻ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻳَﺮَﻭْﺍ ﺳَﺒِﻴﻞَ ﺍﻟﻐَﻲِّ ﻳَﺘَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﺳَﺒِﻴﻠًﺎ ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺬَّﺑُﻮﺍ ﺑِﺂﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻭَﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻋَﻨْﻬَﺎ ﻏَﺎﻓِﻠِﻴﻦَ [ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ 146: ] .
ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻤﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﻘﺒﺮ ﻭﻇﻠﻤﺎﺗﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻴﻮﻡ ﻣﻘﺪﺍﺭﻩ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺟﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ؟ ﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻭﺳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ .
ﻣﺮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺎﺏ ﻳﻀﺤﻚ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ : ﻫﻞ ﻣﺮﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻫﻞ ﺗﺪﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻚ ﺃﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍً : ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺤﻚ؟
ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺃﺣﺒﺘﻲ ! ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺪﻓﻦ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ ﻭﻻ ﻧﻌﺘﺒﺮ؟ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﻻ ﻧﺰﺩﺟﺮ؟ ﻧﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ ﻭﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻻ ﻧﺮﻯ ﺇﻻ ﻣﺘﻘﻨﻌﺎً ﺑﺎﻛﻴﺎً . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺎﻛﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﻧﻌﺰﻱ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻀﺎﺣﻜﻴﻦ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻭﺍﻵﻻﻡ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﺩﻳﻊ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻓﻼ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﺄﺛﺮﻭﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺆﺛﺮ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؟
ﺇﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻣﺼﻴﺮ ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺗﺨﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻫﻢ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻟﻠﺘﺜﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ .
ﺷﺒﺎﺏ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻭﻫﻢ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ
ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻳﻘﻮﻝ : ﺣﺎﺩﺙ ﺷﻨﻴﻊ ﺣﺪﺙ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ، ﺳﻴﺎﺭﺗﺎﻥ ﻣﺴﺮﻋﺘﺎﻥ ﺍﺭﺗﻄﻤﺘﺎ ﻭﺟﻬﺎً ﻟﻮﺟﻪ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ .
ﺟﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪ ﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺟﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭ، ﺃﻧﺰﻟﻨﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻣﺪﺩﻧﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﺃﺧﺬ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻳﺮﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺃﺻﻮﺍﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎﺀ، ﻭﺻﺎﺣﺒﻲ ﻳﺮﺩﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻢ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﺃﻟﺤﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﺧﻤﺪﺕ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺧﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﺧﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ، ﻭﺧﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ، ﻭﺧﺎﻧﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ .
ﻣﺎ ﻋﻤﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻣﺎ ﻣﻠﺌﻮﺍ ﺍﻷﺳﻤﺎﻉ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺣﻴﻦ ﻗﻴﻞ ﻟﻬﻢ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﺗﺨﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﺷﺎﺏ ﻻ ﻳﺼﻠﻲ ﻓﺎﺳﻮﺩ ﺟﻠﺪﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﺴﻠﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ : ﺟﻲﺀ ﻟﻨﺎ ﺑﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ، ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﺑﺪﺃﻧﺎ ﺑﺘﻐﺴﻴﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﺸﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ : ﻭَﻟَﻮْ ﺗَﺮَﻯ ﺇِﺫْ ﻳَﺘَﻮَﻓَّﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﺍﻟْﻤَﻼﺋِﻜَﺔُ ﻳَﻀْﺮِﺑُﻮﻥَ ﻭُﺟُﻮﻫَﻬُﻢْ ﻭَﺃَﺩْﺑَﺎﺭَﻫُﻢْ ﻭَﺫُﻭﻗُﻮﺍ ﻋَﺬَﺍﺏَ ﺍﻟْﺤَﺮِﻳﻖِ * ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﻤَﺎ ﻗَﺪَّﻣَﺖْ ﺃَﻳْﺪِﻳﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﻴْﺲَ ﺑِﻈَﻼَّﻡٍ ﻟِﻠْﻌَﺒِﻴﺪِ [ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ 51-50: ] ، ﻭَﻣَﺎ ﻇَﻠَﻤَﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻳَﻈْﻠِﻤُﻮﻥَ [ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 117: ] .
ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﺸﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺧﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ، ﻭﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﺴﻴﻞ، ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺟﻞ ﻳﺪﺧﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ، ﻗﻠﻨﺎ : ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻣﻴﺘﻜﻢ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ، ﺃﻧﺎ ﺃﺑﻮﻩ . ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﻠﺖ : ﻣﺎ ﺧﺒﺮ ﻣﻴﺘﻜﻢ ﻫﺬﺍ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﻴﺘﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ !
ﻗﺎﻝ : ﻗﻠﺖ : ﺧﺬﻭﺍ ﻣﻴﺘﻜﻢ ﺃﻧﺘﻢ ﻏﺴﻠﻮﻩ ﻭﻛﻔﻨﻮﻩ، ﺃﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﺴﻞ ﻭﻻ ﻳﻜﻔﻦ، ﻭﻻ ﻳﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ، ﻭﻻ ﻳﺪﻋﻰ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﺗﺤﻔﺮ ﻟﻪ ﺣﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻳﻜﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭَﻣَﺎ ﻇَﻠَﻤَﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻳَﻈْﻠِﻤُﻮﻥَ [ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ 117: ] .
ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻭﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﻬﺎ، ﺃﻟﻢ ﻧﻮﺩﻉ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ؟ ﻟﻘﺪ ﻭﺩﻋﻨﺎ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺃَﻟَﻢْ ﻳَﺄْﻥِ ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺃَﻥْ ﺗَﺨْﺸَﻊَ ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻟِﺬِﻛْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﺰَﻝَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﻻ ﻳَﻜُﻮﻧُﻮﺍ ﻛَﺎﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺃُﻭﺗُﻮﺍ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻓَﻄَﺎﻝَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢُ ﺍﻷَﻣَﺪُ ﻓَﻘَﺴَﺖْ ﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ ﻭَﻛَﺜِﻴﺮٌ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻓَﺎﺳِﻘُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ 16: ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺍﻋْﻠَﻤُﻮﺍ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳُﺤْﻲِ ﺍﻷَﺭْﺽَ ﺑَﻌْﺪَ ﻣَﻮْﺗِﻬَﺎ ﻗَﺪْ ﺑَﻴَّﻨَّﺎ ﻟَﻜُﻢُ ﺍﻵﻳَﺎﺕِ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﻌْﻘِﻠُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ 17: ] ﺃﻣﺎ ﺁﻥ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﻦ ﻣﻀﻰ؟
ﺧﻞ ﺍﺩﻛﺎﺭ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﻭﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻊ
ﻭﺍﻟﻈﺎﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺩﻉ
ﻭﻋﺪَّ ﻋﻨﻪ ﻭﺩﻉِ
ﻭﺍﻧﺪﺏ ﺯﻣﺎﻧﺎً ﺳﻠﻔﺎً ﺳﻮﺩﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﻔﺎ
ﻭﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﻣﻌﺘﻜﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺍﻟﺸﻨﻊ
ﻛﻢ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭﺩﻋﺘﻬﺎ ﻣﺂﺛﻤﺎً ﺃﺑﺪﻋﺘﻬﺎ
ﻟﺸﻬﻮﺓ ﺃﻃﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﻗﺪ ﻭﻣﻀﺠﻊ
ﻭﻛﻢ ﺧﻄﻰً ﺣﺜﺜﺘﻬﺎ ﻟﺨﺰﻳﺔ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ
ﻭﺗﻮﺑﺔ ﻧﻜﺜﺘﻬﺎ ﻟﻤﻠﻌﺐ ﻭﻣﺮﺗﻊ
ﻭﻛﻢ ﺗﺠﺮﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﺭﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻰ
ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺍﻗﺒﻪ ﻭﻻ ﺻﺪﻗﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺪﻋﻲ
ﻭﻛﻢ ﻏﻤﻄﺖ ﺑﺮﻩ
ﻭﻛﻢ ﺃﻣﻨﺖ ﻣﻜﺮﻩ
ﻭﻛﻢ ﻧﺒﺬﺕ ﺃﻣﺮﻩ ﻧﺒﺬ ﺍﻟﺤﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﻗﻊ
ﻭﻛﻢ ﺭﻛﻀﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﻭﻓﻬﺖ ﻋﻤﺪﺍً ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ
ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺍﻉ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻣﻦ ﻋﻬﺪﻩ ﺍﻟﻤﺘﺒﻊ
ﻓﺎﻟﺒﺲ ﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﻭﺍﺳﻜﺐ ﺷﺂﺑﻴﺐ ﺍﻟﺪﻡ
ﻗﺒﻞ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﻘﺪﻡ ﻭﻗﺒﻞ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻤﺼﺮﻉ
ﺇﻻﻡَ ﺗﺴﻬﻮ ﻭﺗﻨﻲ ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻓﻨﻲ
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﻤﻘﺘﻨﻲ ﻭﻟﺴﺖ ﺑﺎﻟﻤﺮﺗﺪﻉ
ﺃﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺸﻴﺐ ﻭﺧﻂ ﻭﺧﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺧﻄﻂ
ﻭﻣﻦ ﻳﻠﺢ ﻭﺧﻂ ﺍﻟﺸﻤﻂ ﺑﻔﻮﺩﻩ ﻓﻘﺪ ﻧﻌﻲ
ﻭﻳﺤﻚ ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﺣﺮﺻﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ
ﻭﻃﺎﻭﻋﻲ ﻭﺃﺧﻠﺼﻲ ﻭﺍﺳﺘﻤﻌﻲ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﻭﻋﻲ
ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻱ ﺑﻤﻦ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ
ﻭﺍﺧﺸﻲ ﻣﻔﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﻘﻀﺎ ﻭﺣﺎﺫﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﺨﺪﻋﻲ
ﻭﺍﻧﺘﻬﺠﻲ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﺩﻛﺮﻱ ﻭﺷﻚ ﺍﻟﺮﺩﻯ
ﻓﺈﻥَّ ﻣﺜﻮﺍﻙ ﻏﺪﺍً ﻓﻲ ﻗﻌﺮ ﻟﺤﺪ ﺑﻠﻘﻊ
ﺁﻫﺎً ﻟﻪ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺒﻼ ﻭﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺍﻟﻘﻔﺮ ﺍﻟﺨﻼ
ﻭﻣﻨﺰﻝ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻷﻟﻰ ﻭﺍﻟﻼﺣﻖ ﺍﻟﻤﺘﺒﻊ
ﺑﻴﺖ ﻳﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﻭﺩﻋﻪ ﻗﺪ ﺿﻤﻪ ﻭﺍﺳﺘﻮﺩﻋﻪ
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻌﺔ ﻗﻴﺪ ﺛﻼﺙ ﺃﺫﺭﻉ
ﻻ ﻓﺮﻕ ﺃﻥ ﻳﺤﻠﻪ ﺩﺍﻫﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺑﻠﻪ
ﺃﻭ ﻣﻌﺴﺮ ﺃﻭﻣﻦ ﻟﻪ ﻣﻠﻚ ﻛﻤﻠﻚ ﺗﺒﻊ
ﻓﺎﻟﻜﻞ ﺳﻴﻤﻮﺕ : ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ ﺳﺘﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻐﺎﻓﻞ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺳﻴﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﺣﺪﺍً، ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﺘﺄﺧﺬﻫﻢ ﺍﻟﻐﻔﻼﺕ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻫﻢ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻮﻥ ﻓﻴﺜﺒﺘﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻫﻢ .
ﺷﺎﺏ ﻳﻤﻮﺕ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ : ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺸﻬﺪﺍً ﺁﺧﺮ :
ﺷﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺗﻌﻄﻠﺖ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺗﺤﺖ ﻧﻔﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﻔﺎﻕ، ﻓﻨﺰﻝ ﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﻌﻄﻞ، ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻓﺎﺭﺗﻄﻤﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻒ، ﻭﺳﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺗﻜﺴﺮﺕ ﻋﻈﺎﻣﻪ، ﻭﺳﺎﻟﺖ ﺩﻣﺎﺅﻩ !
ﻳﻘﻮﻝ : ﺃﺳﺮﻋﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ، ﺟﺌﻨﺎﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺣﻤﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﻬﺮﻩ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﻬﻤﻬﻢ ﺑﺄﺻﻮﺍﺕ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﻟﻢ ﻧﻤﻴﺰﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻭﺿﻌﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺨﻠﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﻤﻬﻢ ﺑﻪ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺼﻮﺕ ﻋﺬﺏ ﻧﺪﻱ، ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ، ﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺒﻜﻲ .
ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﺗﻜﺴﺮﺕ ﻋﻈﺎﻣﻪ، ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﺃﻟﻘﻨﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻓﺄﻧﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺧﺒﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻳﻘﻮﻝ : ﻓﺠﺄﺓ ﺑﺪﺃ ﺻﻮﺗﻪ ﻳﺨﻔﺖ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً، ﻓﺎﻟﺘﻔﺖُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻒ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﺭﺍﻓﻊ ﺇﺻﺒﻌﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﻳﺘﺸﻬﺪ، ﺛﻢ ﺳﻘﻄﺖ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .
ﻓﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻨﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻋﺎﺵ ﻋﻠﻰ ( ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ) ، ﻓﻌﺮﻑ ﻣﻌﻨﻰ ( ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ) ، ﻭﺑﺬﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ( ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ) ، ﻓﺜﺒﺘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻩ، ﻟﻢ ﺗﺘﺨﻞ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺨﻞَّ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻻ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﺘﻬﻠﻴﻞ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ، ﻓﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ : ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ !
ﻇﻬﻮﺭ ﺃﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺏ ﻋﻨﺪ ﻏﺴﻠﻪ ﻭﺩﻓﻨﻪ
ﻭﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺩﻋﺎﺗﻨﺎ ﻳﻘﻮﻝ : ﺟﻲﺀ ﺑﺸﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ، ﺃﺣﺴﺒﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺣﺴﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻵﻣﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﺎﻫﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺼﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﺟﻲﺀ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﻐﺴﻠﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺑﺪﺃﻧﺎ ﺑﺘﻐﺴﻴﻠﻪ، ﻭﺑﺪﺃﻧﺎ ﺑﺈﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺣﺖ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻣﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﻀﻊ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻣﺘﻸﺕ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺑﻤﺴﻚ ﻣﺎ ﺷﻤﻤﻨﺎ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .
ﻗﺎﻝ : ﻗﻠﺖ ﻟﺼﺎﺣﺒﻲ : ﻫﻞ ﺗﺸﻢ ﻣﺎ ﺃﺷﻢ؟ ﻗﺎﻝ : ﺇﻱ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻨﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻘﺮﺍﻃﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ، ﻏﺴﻠﻨﺎﻩ، ﻭﻛﻔﻨﺎﻩ، ﻭﺃﺧﺬﻧﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ، ﻭﻛﻨﺖ ﻣﻤﻦ ﻧﺰﻝ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻋﻄﻮﻧﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻨﺎﻩ، ﺑﻞ ﺃُﺧﺬ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ، ﻗﻠﺖ ﻟﺼﺎﺣﺒﻲ : ﺃﺗﺸﻌﺮ؟ ﻗﺎﻝ : ﺇﻱ ﻭﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻭﺳﺪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻭﺳﺪﻧﺎﻩ، ﻭﻭﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ، ﻭﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻭﺟﻬﻨﺎﻩ، ﻭﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﻀﺤﻚ، ﻓﺨﻔﺖ ﻭﻇﻨﻨﺘﻪ ﺣﻴﺎً، ﻟﻮﻻ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺴﻠﺘﻪ ﻭﻛﻔﻨﺘﻪ !
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻟﻢ ﺗﺨﻨﻪ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﻭﻟﻢ ﺗﺨﻨﻪ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺗﺒﻌﻪ ﻋﻤﻠﻪ، ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﺘﺘﺒﻌﻬﻢ ﻏﻔﻼﺗﻬﻢ، ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻓﺘﺘﺒﻌﻬﻢ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ، ﻭﺗﻀﻲﺀ ﻟﻬﻢ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ، ﻓﺈﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻳﺮﺣﻠﻮﻥ ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻻ ﻳﺘﺒﺪﻝ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻼﺟﻬﺎ، ﻭﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : ﻭﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ : ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺘﺪﺑﺮ، ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻤﻜﺜﻮﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻳﻀﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺃﺣﻮﺍﻝ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺂﺳﻲ ﻭﺟﺮﺍﺣﺎﺕ .
ﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻳﻠﻮﻙ ﺟﺮﺍﺣﻪ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺟﻤﻮﻋﻬﻢ ﺁﺣﺎﺩ
ﻳﺎ ﻭﻳﺤﻨﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺻﺎﺏ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ﺃﻭﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﺳﻌﺪ ﻭﻻ ﻣﻘﺪﺍﺩ
ﺇﻥَّ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﺘﻀﺮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺤﺮ، ﻭﺍﻻﺭﺗﻤﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ، ﻭﺍﻟﻌﻼﺝ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻘﻠﻴﻞ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻓﻤﺎ ﻓﺴﺪﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺇﻻ ﻟﻤﺎ ﺃﺛﺨﻨﺖ ﺍﻟﺒﻄﻮﻥ ﺃﻛﻼً ﻭﺷﺮﺑﺎً ﻭﻟﻬﻮﺍً ﻭﻏﻔﻠﺔ، ﺛﻢ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ، ﻭﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺗﻘﻊ .
ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ
ﺇﻥَّ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ : ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﺠﺒﺘﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺤﻜﺘﻨﻲ : ﻣﺆﻣﻞ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﻄﻠﺒﻪ، ﻭﻏﺎﻓﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻤﻐﻔﻮﻝ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻣَﺎ ﻳَﻠْﻔِﻆُ ﻣِﻦْ ﻗَﻮْﻝٍ ﺇِﻟَّﺎ ﻟَﺪَﻳْﻪِ ﺭَﻗِﻴﺐٌ ﻋَﺘِﻴﺪٌ [ ﻕ 18: ] ﻭﺿﺎﺣﻚ ﻣﻞﺀ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺭﺑﻪ ﺭﺍﺽ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺳﺎﺧﻂ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﺁﺧﺮ ﻳﻘﻮﻝ : ﻣﺎ ﻧﻤﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺇﻻ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﻴﻘﻆ ﺑﻌﺪﻫﺎ .
ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻜﻰ ﺑﻜﺎﺀ ﺷﺪﻳﺪﺍً، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ : ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻜﻴﻚ؟ ﻗﺎﻝ : ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺭﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ .
ﻛﺎﻥ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ : ﺇﺫﺍ ﻣﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﺑﻌﺜﻲ ﺇﻟﻰ ﻓﻼﻥ ﻳﻐﺴﻠﻨﻲ، ﻭﺍﺑﻌﺜﻲ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻳﻜﻔﻨﻨﻲ، ﻭﺍﺻﻨﻌﻲ ﻛﺬﺍ، ﻭﺍﺻﻨﻌﻲ ﻛﺬﺍ، ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻬﺎ : ﺭﺅﻳﺎ ﺭﺁﻫﺎ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻻ، ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ . ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ .
ﺃﻣﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﻓﺴﻤﻊ ﻣﻨﺎﺩﻳﺎً ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻷﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺮﺽ ﺷﺪﻳﺪ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻻﺣﺘﻀﺎﺭ، ﻓﻘﺎﻝ ﻷﺑﻨﺎﺋﻪ : ﺧﺬﻭﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺃﻧﺖ ﻣﻤﻦ ﻋﺬﺭ ﺍﻟﻠﻪ، ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﺣﺮﺝ، ﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻷﺳﺘﺤﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻓﻼ ﺃﺟﻴﺐ !
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻛﺄﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ، ﻭﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻓﻼ ﻳﺠﻴﺐ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻞ .
ﻗﺎﻝ : ﺧﺬﻭﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﺈﻧﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻷﺳﺘﺤﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻭﻻ ﺃﺟﻴﺐ، ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ ﻭﺗﻄﻴﺐ ﻭﺗﻌﻄﺮ ﻭﺫﻫﺐ ﻷﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺠﺪ ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻼﻩ ﻣﻦ ﺧﺘﺎﻡ، ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻣَﻨَﺎ ﺃَﺟِﻴﺒُﻮﺍ ﺩَﺍﻋِﻲَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺁﻣِﻨُﻮﺍ ﺑِﻪِ ﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺫُﻧُﻮﺑِﻜُﻢْ ﻭَﻳُﺠِﺮْﻛُﻢْ ﻣِﻦْ ﻋَﺬَﺍﺏٍ ﺃَﻟِﻴﻢٍ * ﻭَﻣَﻦْ ﻻ ﻳُﺠِﺐْ ﺩَﺍﻋِﻲَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻠَﻴْﺲَ ﺑِﻤُﻌْﺠِﺰٍ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﻭَﻟَﻴْﺲَ ﻟَﻪُ ﻣِﻦْ ﺩُﻭﻧِﻪِ ﺃَﻭﻟِﻴَﺎﺀُ ﺃُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻓِﻲ ﺿَﻼﻝٍ ﻣُﺒِﻴﻦٍ [ ﺍﻷﺣﻘﺎﻑ 32-31: ] .
ﻫﺬﻩ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻓﺘﺸﺒﻪ ﺑﻬﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺻﻼﺡ، ﻭﺍﻧﺘﺒﻪ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﻭﻗﺘﺎً ﻣﺴﺘﻘﻄﻌﺎً ﻭﻭﻗﺘﺎً ﺇﺿﺎﻓﻴﺎً ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻚ، ﺧﺬ ﺑﺎﻟﻌﻼﺝ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ .
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺩﺧﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺟﻲﺀ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﺒﺶ ﺃﻗﺮﻥ ﺃﻣﻠﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ، ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ! ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﻫﺬﺍ؟ ﻓﻴﺸﺮﺋﺒﻮﻥ ﻭﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﺮﻓﻪ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ! ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﻫﺬﺍ؟ ﻓﻴﺸﺮﺋﺒﻮﻥ ﻓﻴﻨﻈﺮﻭﻥ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﺮﻓﻪ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻴﺬﺑﺢ، ﺛﻢ ﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺧﻠﻮﺩ ﻓﻼ ﻣﻮﺕ، ﻭﻳﻨﺎﺩﻯ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ : ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺧﻠﻮﺩ ﻓﻼ ﻣﻮﺕ ) .
ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺔ : ﺇﻥ ﻟﻜﻢ ﺃﻻ ﺗﺠﻮﻋﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍً، ﺇﻥ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺼﺤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻤﺮﺿﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﺃﻥ ﺗﺤﻴﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻤﻮﺗﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻴﻤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻈﻌﻨﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﺃﻥ ﺗﺸﺒﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻬﺮﻣﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍً .
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ : ﺧﻠﻮﺩ ﻓﻼ ﻣﻮﺕ : ﻭَﻟَﻮْ ﺗَﺮَﻯ ﺇِﺫِ ﺍﻟْﻤُﺠْﺮِﻣُﻮﻥَ ﻧَﺎﻛِﺴُﻮﺍ ﺭُﺀُﻭﺳِﻬِﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﺃَﺑْﺼَﺮْﻧَﺎ ﻭَﺳَﻤِﻌْﻨَﺎ ﻓَﺎﺭْﺟِﻌْﻨَﺎ ﻧَﻌْﻤَﻞْ ﺻَﺎﻟِﺤًﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﻣُﻮﻗِﻨُﻮﻥَ [ ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ ([12: ، ﻓﻬﻢ ﻳﺘﻤﻨﻮﻥ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻫﻴﻬﺎﺕ !
ﺛﻢ ﻗﺮﺃ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻭَﺃَﻧﺬِﺭْﻫُﻢْ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﺤَﺴْﺮَﺓِ ﺇِﺫْ ﻗُﻀِﻲَ ﺍﻷَﻣْﺮُ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﻏَﻔْﻠَﺔٍ ﻭَﻫُﻢْ ﻻ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ * ﺇِﻧَّﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﻧَﺮِﺙُ ﺍﻷَﺭْﺽَ ﻭَﻣَﻦْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻭَﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ ﻳُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ [ ﻣﺮﻳﻢ 40-39: ] .
ﻓﺎﺗﻖِ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻭﺍﻧﻔﺾ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻭﺍﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ، ﻓﺈﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﻤﺴﻲ ﻭﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﻭﻗﺪ ﺗﺼﺒﺢ ﻭﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺸﺎﺏ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺸﺒﺎﺑﻪ، ﻭﺇﻧﻚ ﺗﺠﺪ ﺃﻥَّ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺕ ﻫﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺼﺤﺘﻪ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻳﺄﺗﻲ ﻓﺠﺄﺓ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻓﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ .
ﻳﺎ ﻋﺠﺒﺎً ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻟﻮ ﻓﻜﺮﻭﺍ ﺃﻭ ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﺑﺼﺮﻭﺍ
ﻭﻋﺒﺮﻭﺍ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺒﺮ
ﻻ ﻓﺨﺮ ﺇﻻ ﻓﺨﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻏﺪﺍً ﺇﺫﺍ ﺿﻤﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﺸﺮ
ﻟﻴﻌﻠﻤﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻭﺍﻟﺒﺮ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﺮ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺭﻧﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﺣﻘﺎً ﻭﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ، ﻭﺃﺭﻧﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺎﻃﻼً ﻭﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﺟﺘﻨﺎﺑﻪ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺣﺒﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺯﻳﻨﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﻭﻛﺮﻩ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻔﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻳﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻤﻊ ﺷﻤﻠﻨﺎ، ﻭﻭﺣﺪ ﺻﻔﻨﺎ، ﻭﺭﺩﻧﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﺭﺩﺍً ﺟﻤﻴﻼً ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻧﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻴﺸﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﻛﺸﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﻔﻠﺒﻴﻦ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻛﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻮﻧﺎً ﻭﻇﻬﻴﺮﺍً ﻭﻣﺆﻳﺪﺍً ﻭﻧﺼﻴﺮﺍً .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻧﺼﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﺮﻫﻢ، ﻭﺍﺧﺬﻝ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﻬﻢ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﺑﺄﺳﻮﺃ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ .
ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق