بحـث
المواضيع الأخيرة
» شركة جلي بلاط بالرياضمن طرف moslema_r الخميس 14 نوفمبر 2024 - 21:36
» احدث هواتف انفينكس Infinix Hot 50
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:54
» افضل الهواتف من اوبو Oppo A3x
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:38
» سامسونج Samsung Galaxy A16
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:29
» موبي برايس ماركات الموبايلات
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:16
» افضل شركة تنظيف منازل بالكويت باقل الاسعار
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 15:06
» كراتين للبيع بالكويت- افضل انواع الكراتين
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:42
» افضل شركة نقل عفش بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:32
» افضل شركة شراء اثاث مستعمل بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:21
» افضل نجار بالكويت
من طرف omnia الخميس 14 نوفمبر 2024 - 14:06
أفضل 10 فاتحي مواضيع
قسي وبس2 | ||||
خالد فكري | ||||
ندا عمر | ||||
nadya | ||||
omnia | ||||
moslema_r | ||||
مارينا مايكل | ||||
ندا عصام | ||||
سيرين سعيد | ||||
رضوي سعيد |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
خادم Discord
| |
ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
صفحة 2 من اصل 1 • شاطر
ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﺮ :
ﻓﻤﻨﻬﺎ : ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ؛ ﻓﻴﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ، ﻓﻔﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ : « ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺨﻠﻂ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺼﻼﺓ ﻭﻧﻮﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮ - ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ - ﺷﻤّﺮ ﻭﺷﺪّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ] . ﻭﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﺈﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻏﺎﻟﺒﻪ، ﻭﻳﺆﻳﺪﻩ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻗﺎﻟﺖ : « ﻣﺎ ﺃﻋﻠﻤﻪ ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ » .
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻗﻆ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ : " ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲّ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻬﺠﺪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ، ﻭﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻴﻪ، ﻭﻳُﻨﻬﺾ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻭﻟﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺇﻥ ﺃﻃﺎﻗﻮﺍ ﺫﻟﻚ . ﻭﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﺮﻕ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻭﻋﻠﻴﺎً ﻟﻴﻼً ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻬﻤﺎ : « ﺃﻻ ﺗﻘﻮﻣﺎﻥ ﻓُﺘﺼﻠﻴﺎﻥ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ] .
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻗﻆ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﺇﺫﺍ ﻗﻀﻰ ﺗﻬﺠﺪﻩ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﻮﺗﺮ . ﻭﻭﺭﺩ ﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻓﻲ ﺇﻳﻘﺎﻅ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ، ﻭﻧﻀﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻃﺄ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻲ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺃﻳﻘﻆ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ، ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ : " ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺼﻼﺓ " ، ﻭﻳﺘﻠﻮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : } ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺃَﻫْﻠَﻚَ ﺑِﺎﻟﺼَّﻠَﺎﺓِ ﻭَﺍﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ { [ ﻃﻪ 132: ] .
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺃﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ : " ﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻌﻴﺪ، ﻭﺯﺍﺩﻧﺎ ﻗﻠﻴﻞ، ﻭﻗﻮﺍﻓﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻗﺪ ﺳﺎﺭﺕ ﻗﺪﺍﻣﻨﺎ، ﻭﻧﺤﻦ ﻗﺪ ﺑﻘﻴﻨﺎ ."
ﻳﺎ ﻧﺎﺋﻤﺎً ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻛﻢ ﺗﺮﻗﺪ *** ﻗﻢ ﻳﺎﺣﺒﻴﺒﻲ ﻗﺪ ﺩﻧﺎ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ
ﻭﺧُﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺃﻭﻗﺎﺗﻪ *** ﻭﺭِﺩﺍً ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻫﺠﻊ ﺍﻟﺮّﻗﺪ
ﻣﻦ ﻧﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻀﻲ ﻟﻴﻠﻪ *** ﺛﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺃﻭ ﻳﺠﻬﺪ
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺪّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ . ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ؛ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺷﺪﺓ ﺟﺪِّﻩ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺮ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺍﻋﺘﺰﺍﻟﻪ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﺴﺮﻩ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻭﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﻭﺭﺩ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﻭِِ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺴﻠﺦ ﺭﻣﻀﺎﻥ . ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : « ﻭﻃﻮﻯ ﻓﺮﺍﺷﻪ، ﻭﺍﻋﺘﺰﻝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ » .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻓَﺎﻵﻥَ ﺑَﺎﺷِﺮُﻭﻫُﻦَّ ﻭَﺍﺑْﺘَﻐُﻮﺍْ ﻣَﺎ ﻛَﺘَﺐَ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻟَﻜُﻢْ { [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 187: ] : " ﺇﻧﻪ ﻃﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ . ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﺎ ﺃﺑﺎﺡ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﺍﻷﺳﻮﺩ، ﺃﻣﺮ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻄﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ؛ ﻟﺌﻼ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻃﻮﻝ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺒﺎﺡ، ﻓﻴﻔﻮﺗﻬﻢ ﻃﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻓﺄﻣﺮ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻄﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﺘﻬﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻓﻤﻦ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﺛﻢ ﻳﻌﺘﺰﻝ ﻧﺴﺎﺀﻩ ﻭﻳﺘﻔﺮﻍ ﻟﻄﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ."
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺗﺄﺧﻴﺮﻩ ﻟﻠﻔﻄﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺤﺮ : ﺭُﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻳﺠﻌﻞ ﻋﺸﺎﺀﻩ ﺳﺤﻮﺭﺍً . ﻭﻟﻔﻆ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : « ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻗﺎﻡ ﻭﻧﺎﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺷﺪّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ، ﻭﺍﺟﺘﻨﺐ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻭﺍﻏﺘﺴﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺫﺍﻧﻴﻦ، ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺳﺤﻮﺭﺍً » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﺻﻢ ] . ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻗﺎﻝ : « ﻻ ﺗﻮﺍﺻﻠﻮﺍ، ﻓﺄﻳﻜﻢ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﻓﻠﻴﻮﺍﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺤﺮ » ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ : « ﺇﻧﻲ ﻟﺴﺖ ﻛﻬﻴﺌﺘﻜﻢ، ﺇﻧﻲ ﺃﺑﻴﺖ ﻟﻲ ﻣُﻄﻌﻢ ﻳُﻄﻌﻤﻨﻲ ﻭﺳﺎﻕٍ ﻳﺴﻘﻴﻨﻲ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ] .
ﻭﻇﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺭﺁﻩ ﺃﻧﺸﻂ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻀﻌﻔﺎً ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻌﻤﻪ ﻭﻳﺴﻘﻴﻪ .
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻏﺘﺴﺎﻟﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : « ﻭﺍﻏﺘﺴﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺫﺍﻧﻴﻦ » ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ : ﺃﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ : " ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﺘﺤﺒﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻐﺘﺴﻠﻮﺍ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ." ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺨﻌﻲ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﻭﻳﺘﻄﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺭﺟﻰ ﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ . ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻳﻮﺏ ﺍﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻧﻲ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻭﺃﺭﺑﻊ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻳﻠﺒﺲ ﺛﻮﺑﻴﻦ ﺟﺪﻳﺪﻳﻦ، ﻭﻳﺴﺘﺠﻤﺮ ﻭﻳﻘﻮﻝ : " ﻟﻴﻠﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻫﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺘﻨﺎ، ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﻴﻦ ."
ﻓﺘﺒﻴﻦ ﺑﻬﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺘﻨﻈﻒ ﻭﺍﻟﺘﺰﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺘﻄﻴﺐ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺮﻉ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺠُﻤﻊ ﻭﺍﻷﻋﻴﺎﺩ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳُﺸﺮﻉ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺜﻴﺎﺏ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﻻ ﻳﻜﻤﻞ ﺍﻟﺘﺰﻳﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﻻ ﺑﺘﺰﻳﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺗﻄﻬﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺩﻧﺎﺱ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ؛ ﻓﺈﻥ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻊ ﺧﺮﺍﺏ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎً .
ﻭﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺯﻳﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﻭﻃﻬﺮﻫﻤﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﺮ ﻭﺃﺧﻔﻰ، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﻛﻢ، ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﺃﻋﻤﺎﻛﻢ، ﻓﻤﻦ ﻭﻗﻒ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻠﻴﺰﻳﻦ ﻟﻪ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎﺱ، ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﺑﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ .
ﺇﺫﺍ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺲ ﺛﻴﺎﺑﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ *** ﺗﻘﻠﺐ ﻋُﺮﻳﺎﻧﺎً ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺳﻴﺎً
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻻﻋﺘﻜﺎﻑ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ . ﻭﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، « ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻗُﺒﺾ ﻓﻴﻪ ﺍﻋﺘﻜﻒ ﻋﺸﺮﻳﻦ » . ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻗﻄﻌﺎً ﻷﺷﻐﺎﻟﻪ، ﻭﺗﻔﺮﻳﻐﺎً ﻟﺒﺎﻟﻪ، ﻭﺗﺨﻠﻴﺎً ﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺭﺑﻪ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﻭﺩﻋﺎﺋﻪ .
ﻓﺎﻟﻤﻌﺘﻜﻒ ﻗﺪ ﺣﺒﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺫﻛﺮﻩ، ﻭﻗﻄﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻞ ﺷﺎﻏﻞ ﻳﺸﻐﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻭﻋﻜﻒ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻭﻗﺎﻟﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﻣﻨﻪ، ﻓﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻟﻪ ﻫﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﻳُﺮﺿﻴﻪ ﻋﻨﻪ . ﻭﻛﻤﺎ ﻗﻮﻳﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻪ ﻭﺍﻷﻧﺲ ﺑﻪ ﺃﻭﺭﺛﺖ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ .
ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺇِﻧَّﺎ ﺃَﻧﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻓِﻲ ﻟَﻴْﻠَﺔِ ﺍﻟْﻘَﺪْﺭِ ( 1 ) ﻭَﻣَﺎ ﺃَﺩْﺭَﺍﻙَ ﻣَﺎ ﻟَﻴْﻠَﺔُ ﺍﻟْﻘَﺪْﺭِ ( 2 ) ﻟَﻴْﻠَﺔُ ﺍﻟْﻘَﺪْﺭِ ﺧَﻴْﺮٌ ﻣِّﻦْ ﺃَﻟْﻒِ ﺷَﻬْﺮٍ { [ ﺍﻟﻘﺪﺭ 3-1: ] . ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ : « ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ، ﻣﻦَ ﺣُﺮﻡ ﺧﻴﺮﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﺣُﺮﻡ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ] . ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ : " ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠّﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃُﺭِﻱ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺒﻠﻪ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺗﻘﺎﺻﺮ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺃﻣﺘﻪ ﺃﻻ ﻳﺒﻠﻐﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻎ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌُﻤﺮ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ ."
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﺔﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : « ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏُﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ » ﻭﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺇﺣﻴﺎﺅﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻬﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً .
ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ : " ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲَّ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ." ﻭﻣﺮﺍﺩﻩ ﺃﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻜﺜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﻭﺇﻥ ﻗﺮﺃ ﻭﺩﻋﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻨﺎً . ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺘﻬﺠﺪ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻭﻳﻘﺮﺃ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻣﺮﺗﻠﺔ، ﻻ ﻳﻤﺮ ﺑﺂﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺣﻤﺔ ﺇﻻ ﺳﺄﻝ، ﻭﻻ ﺑﺂﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺇﻻ ﺗﻌﻮﺫ، ﻓﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ . ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﻛﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .
ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﺇﻥ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ : « ﻗﻮﻟﻲ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻚ ﻋﻔﻮ ﺗﺤﺐ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻓﺄﻋﻒُ ﻋﻨﻲ » ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺳﻴﺌﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﺍﻟﻤﺎﺣﻲ ﻵﺛﺎﺭﻫﺎ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻫﻮ ﻳُﺤﺐُ ﺍﻟﻌﻔﻮ ؛ ﻓﻴﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﻳﺤﺐ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﻔﻮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻋﺎﻣﻠﻬﻢ ﺑﻌﻔﻮﻩ، ﻭﻋﻔﻮﻩ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : « ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺮﺿﺎﻙ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻚ، ﻭﻋﻔﻮﻙ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ] .
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﻳﺠﺘﻬﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﺛﻢ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻤﻼً ﺻﺎﻟﺤﺎً ﻭﻻ ﺣﺎﻻً ﻭﻻ ﻣﻘﺎﻻً، ﻓﻴﺮﺟﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟُﻤﺬﻧﺐ ﺍﻟﻤﻘﺼﺮ .
ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏُﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ » ﻭﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏُﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ » [ ﺭﻭﺍﻫﻤﺎ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ] .
ﺩﻝ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻜﻔﺮ ﻟﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﻭﻫﻲ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ، ﻭﻗﻴﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻓﻘﻴﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﻤﺠﺮﺩﻩ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻟﻤﻦ ﻭﻗﻌﺖ ﻟﻪ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺃﻭ ﺃﻭﺳﻄﻪ ﺃﻭ ﺁﺧﺮﻩ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺷﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ، ﻭﻻ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﺮ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ ﻓﻴﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﺮ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻢ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻓﻘﺪ ﻛﻤﻞ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ، ﻓﻴﺘﺮﺗﺐ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ ﺑﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﻦ، ﻭﻫﻤﺎ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ .
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻮﻥ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ ﻓﻘﺪ ﻭﻓﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺑﻘﻰ ﻣﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻳﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻗُﺴﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ، ﻓﺮﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻮﺍ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﺍﺳﺘﻜﻤﻠﻮﻩ، ﻭﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻧُﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﺑﺤﺴﺐ ﻧَﻘﺼِﻪ، ﻓﻼ ﻳَﻠُﻢ ﺇﻻ ﻧﻔﺴﻪ . ﻗﺎﻝ ﺳﻠﻤﺎﻥ : " ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻜﻴﺎﻝ، ﻓﻤﻦ ﻭﻓﻰ ﻭﻓﻲ ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﻃﻔﻒ ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﻔﻔﻴﻦ ." ﻓﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ؛ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﻫﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﺭ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻮﻓﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﻃﻔﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻮﻳﻞ ﻟﻠﻤﻄﻔﻔﻴﻦ . ﺃﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻮﻓﻲ ﻣﻜﻴﺎﻝ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ، ﻭﻳﻄﻔﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﻴﺎﻝ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻭﺻﻼﺗﻪ .
ﻏﺪﺍً ﺗُﻮﻓّﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ *** ﻭﻳﺤﺼﺪ ﺍﻟﺰﺍﺭﻋﻮﻥ ﻣﺎ ﺯﺭﻋﻮﺍ
ﺇﻥ ﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ *** ﻭﺇﻥ ﺃﺳﺎﺀﻭﺍ ﻓﺒﺌﺲ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮﺍ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻳﺠﺘﻬﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺇﻛﻤﺎﻟﻪ ﻭﺇﺗﻘﺎﻧﻪ، ﺛﻢ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ، ﻭﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺭﺩﻩ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ } ﻳُﺆﺗُﻮﻥَ ﻣَﺎﺁﺗَﻮﺍ ﻭَﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢ ﻭَﺟِﻠَﺔٌ { [ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ 60: ] . ﺭُﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠّﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ : " ﻛﻮﻧﻮﺍ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﺷﺪ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎً ﻣﻨﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ، ﺃﻟﻢ ﺗﺴﻤﻌﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ : } ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﺘَﻘَﺒَّﻞُ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺘَّﻘِﻴﻦَ { [ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ 27: ] ."
ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻌﻞ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻀﻤﺎﺭﺍً ﻟﺨﻠﻘﻪ، ﻳﺴﺘﺒﻘﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﻄﺎﻋﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ، ﻓﺴﺒﻖ ﻗﻮﻡ ﻓﻔﺎﺯﻭﺍ، ﻭﺗﺨﻠﻒ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻓﺨﺎﺑﻮﺍ ." ﻓﺎﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﻋﺐ ﺍﻟﻀﺎﺣﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻮﺯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻮﻥ ﻭﻳﺨﺴﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺒﻄﻠﻮﻥ .
ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎً : ﺗﻔﻄﻴﺮ ﺍﻟﺼﻮﺍﻡ، ﻭﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﻙ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻭﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﻠﺼﺎﺋﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻄﺮﻭﺍ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮﺕ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﻮﺗﻪ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ .
ﻓﻤﺘﻰ ﻳُﻐﻔﺮ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ؟ ﻣﺘﻰ ﻳُﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺭُﺩ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ؟ ﻣﺘﻰ ﻳﺼﻠﺢ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ؟ ﻣﺘﻰ ﻳﺼﺢ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺮﺿﺎﻥ؟ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺜﻤﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﻘﻄﻊ ﺛﻢ ﻳﻮﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺒِﺬﺍﺭ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﺪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭ .
ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺷﻬﺮ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ
ﻭﺃﻣﺎ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻓُﻴﻌﺘﻖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﻭﺑﻘﺘﻪ ﺍﻷﻭﺯﺍﺭ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺎﻟﺬﻧﻮﺏ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺃﻋﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻴﻠﺘﺤﻖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﻮﻥ ﺑﺎﻷﺑﺮﺍﺭ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺮﺗﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ، ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮﻩ ﻭﺷﻜﺮﻩ، ﻓﻘﺎﻝ : } ﻭَﻟﺘُﻜﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﻌِﺪﺓَ ﻭَﻟِﺘُﻜَﺒِﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠّﻪ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻫَﺪَﺍﻛُﻢ ﻭَﻟَﻌَﻠَﻜُﻢ ﺗَﺸﻜُﺮُﻭﻥَ { [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 185: ] . ﻓﺸُﻜﺮُ ﻣﻦ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺑﺘﻮﻓﻴﻘﻬﻢ ﻟﻠﺼﻴﺎﻡ ﻭﺇﻋﺎﻧﺘﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻣﻐﻔﺮﺗﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﻪ، ﻭﻋﺘﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮﻭﻩ ﻭﻳﺸﻜﺮﻭﻩ ﻭﻳﺘﻘﻮﻩ ﺣﻖ ﺗﻘﺎﺗﻪ .
ﻳﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﺘﻘﻪ ﻣﻮﻻﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ! ﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺻﺮﺕ ﺣﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﺭﻕ ﺍﻷﻭﺯﺍﺭ، ﺃﻳﺒﻌﺪﻙ ﻣﻮﻻﻙ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺘﻘﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ؟ ﻭﻳﻨﻘﺬﻙ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻮﻗﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ؟ !
ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻤﻦ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻫﻲ ﻣﺘﻴﺴﺮﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ؛ ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﻪ : " ﻓﺎﺳﺘﻜﺜﺮﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻊ ﺧﺼﺎﻝ : ﺧﺼﻠﺘﺎﻥ ﺗُﺮﺿﻮﻥ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺑﻜﻢ، ﻭﺧﺼﻠﺘﻴﻦ ﻻ ﻏﻨﺎﺀ ﺑﻜﻢ ﻋﻨﻬﻤﺎ . ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺨﺼﻠﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺗﺮﺿﻮﻥ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺑﻜﻢ ﻓﺸﻬﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻹﺳﺘﻐﻔﺎﺭ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﻻ ﻏﻨﺎﺀ ﻟﻜﻢ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻓﺘﺴﺄﻟﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺗﻌﻮﺫﻭﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ."
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﻌﺘﻖ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ . ﻓﺄﻣﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻬﺪﻡ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺗﻤﺤﻮﻫﺎ ﻣﺤﻮﺍً، ﻭﻻ ﺗﺒﻘﻲ ﺫﻧﺒﺎً، ﻭﻻ ﻳﺴﺒﻘﻬﺎ ﻋﻤﻞ، ﻭﻫﻲ ﺗﻌﺪﻝ ﻋﺘﻖ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ . ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻓﻤﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺩﻋﺎﺀ ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻣﺴﺘﺠﺎﺏ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻭﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ، ﻭﺃﻧﻔﻊ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻣﺎ ﻗﺎﺭﻧﺘﻪ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻓﻤﻦ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻣﻌﻘﻮﺩ، ﻭﻋﺰﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﻳﻌﻮﺩ، ﻓﺼﻮﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺮﺩﻭﺩ، ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺪﻭﺩ . ﻭﺃﻣﺎ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻤﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺣﻮﻟﻬﻤﺎ ﻧُﺪَﻧﺪﻥُ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ] .
ﻭﺩﺍﻋﺎً ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻗﺪ ﻋﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ، ﻓﻤﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻤﺎﻡ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﺮﻁ ﻓﻠﻴﺨﺘﻤﻪ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺨﺘﺎﻡ، ﻓﺎﺳﺘﻤﺘﻌﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮﺓ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺩﻋﻮﻩ ﻋﻤﻼً ﺻﺎﻟﺤﺎً ﻳﺸﻬﺪ ﻟﻜﻢ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻡ، ﻭﻭﺩِّﻋُﻮﻩ ﻋﻨﺪ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﺑﺄﺯﻛﻰ ﺗﺤﻴﺔ ﻭﺳﻼﻡ .
ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ " ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ " ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﺮ :
ﻓﻤﻨﻬﺎ : ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ؛ ﻓﻴﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ، ﻓﻔﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ : « ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺨﻠﻂ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺼﻼﺓ ﻭﻧﻮﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮ - ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ - ﺷﻤّﺮ ﻭﺷﺪّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ] . ﻭﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﺈﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻏﺎﻟﺒﻪ، ﻭﻳﺆﻳﺪﻩ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻗﺎﻟﺖ : « ﻣﺎ ﺃﻋﻠﻤﻪ ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ » .
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻗﻆ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ : " ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲّ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻬﺠﺪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ، ﻭﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻴﻪ، ﻭﻳُﻨﻬﺾ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻭﻟﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺇﻥ ﺃﻃﺎﻗﻮﺍ ﺫﻟﻚ . ﻭﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﺮﻕ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻭﻋﻠﻴﺎً ﻟﻴﻼً ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻬﻤﺎ : « ﺃﻻ ﺗﻘﻮﻣﺎﻥ ﻓُﺘﺼﻠﻴﺎﻥ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ] .
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻗﻆ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﺇﺫﺍ ﻗﻀﻰ ﺗﻬﺠﺪﻩ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﻮﺗﺮ . ﻭﻭﺭﺩ ﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻓﻲ ﺇﻳﻘﺎﻅ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ، ﻭﻧﻀﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻃﺄ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻲ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺃﻳﻘﻆ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ، ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ : " ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺼﻼﺓ " ، ﻭﻳﺘﻠﻮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : } ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺃَﻫْﻠَﻚَ ﺑِﺎﻟﺼَّﻠَﺎﺓِ ﻭَﺍﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ { [ ﻃﻪ 132: ] .
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺃﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ : " ﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻌﻴﺪ، ﻭﺯﺍﺩﻧﺎ ﻗﻠﻴﻞ، ﻭﻗﻮﺍﻓﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻗﺪ ﺳﺎﺭﺕ ﻗﺪﺍﻣﻨﺎ، ﻭﻧﺤﻦ ﻗﺪ ﺑﻘﻴﻨﺎ ."
ﻳﺎ ﻧﺎﺋﻤﺎً ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻛﻢ ﺗﺮﻗﺪ *** ﻗﻢ ﻳﺎﺣﺒﻴﺒﻲ ﻗﺪ ﺩﻧﺎ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ
ﻭﺧُﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺃﻭﻗﺎﺗﻪ *** ﻭﺭِﺩﺍً ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻫﺠﻊ ﺍﻟﺮّﻗﺪ
ﻣﻦ ﻧﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻀﻲ ﻟﻴﻠﻪ *** ﺛﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺃﻭ ﻳﺠﻬﺪ
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺪّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ . ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ؛ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺷﺪﺓ ﺟﺪِّﻩ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺮ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺍﻋﺘﺰﺍﻟﻪ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﺴﺮﻩ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻭﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﻭﺭﺩ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﻭِِ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺴﻠﺦ ﺭﻣﻀﺎﻥ . ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : « ﻭﻃﻮﻯ ﻓﺮﺍﺷﻪ، ﻭﺍﻋﺘﺰﻝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ » .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻓَﺎﻵﻥَ ﺑَﺎﺷِﺮُﻭﻫُﻦَّ ﻭَﺍﺑْﺘَﻐُﻮﺍْ ﻣَﺎ ﻛَﺘَﺐَ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻟَﻜُﻢْ { [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 187: ] : " ﺇﻧﻪ ﻃﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ . ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﺎ ﺃﺑﺎﺡ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﺍﻷﺳﻮﺩ، ﺃﻣﺮ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻄﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ؛ ﻟﺌﻼ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻃﻮﻝ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺒﺎﺡ، ﻓﻴﻔﻮﺗﻬﻢ ﻃﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻓﺄﻣﺮ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻄﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﺘﻬﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻓﻤﻦ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﺛﻢ ﻳﻌﺘﺰﻝ ﻧﺴﺎﺀﻩ ﻭﻳﺘﻔﺮﻍ ﻟﻄﻠﺐ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ."
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺗﺄﺧﻴﺮﻩ ﻟﻠﻔﻄﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺤﺮ : ﺭُﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻳﺠﻌﻞ ﻋﺸﺎﺀﻩ ﺳﺤﻮﺭﺍً . ﻭﻟﻔﻆ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : « ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻗﺎﻡ ﻭﻧﺎﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺷﺪّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ، ﻭﺍﺟﺘﻨﺐ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻭﺍﻏﺘﺴﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺫﺍﻧﻴﻦ، ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺳﺤﻮﺭﺍً » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﺻﻢ ] . ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻗﺎﻝ : « ﻻ ﺗﻮﺍﺻﻠﻮﺍ، ﻓﺄﻳﻜﻢ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﻓﻠﻴﻮﺍﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺤﺮ » ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ : « ﺇﻧﻲ ﻟﺴﺖ ﻛﻬﻴﺌﺘﻜﻢ، ﺇﻧﻲ ﺃﺑﻴﺖ ﻟﻲ ﻣُﻄﻌﻢ ﻳُﻄﻌﻤﻨﻲ ﻭﺳﺎﻕٍ ﻳﺴﻘﻴﻨﻲ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ] .
ﻭﻇﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺭﺁﻩ ﺃﻧﺸﻂ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻀﻌﻔﺎً ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻌﻤﻪ ﻭﻳﺴﻘﻴﻪ .
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻏﺘﺴﺎﻟﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : « ﻭﺍﻏﺘﺴﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺫﺍﻧﻴﻦ » ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ : ﺃﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ : " ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﺘﺤﺒﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻐﺘﺴﻠﻮﺍ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ." ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺨﻌﻲ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﻭﻳﺘﻄﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺭﺟﻰ ﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ . ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻳﻮﺏ ﺍﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻧﻲ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻭﺃﺭﺑﻊ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻳﻠﺒﺲ ﺛﻮﺑﻴﻦ ﺟﺪﻳﺪﻳﻦ، ﻭﻳﺴﺘﺠﻤﺮ ﻭﻳﻘﻮﻝ : " ﻟﻴﻠﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻫﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺘﻨﺎ، ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﻴﻦ ."
ﻓﺘﺒﻴﻦ ﺑﻬﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺘﻨﻈﻒ ﻭﺍﻟﺘﺰﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺘﻄﻴﺐ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺮﻉ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺠُﻤﻊ ﻭﺍﻷﻋﻴﺎﺩ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳُﺸﺮﻉ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺜﻴﺎﺏ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﻻ ﻳﻜﻤﻞ ﺍﻟﺘﺰﻳﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﻻ ﺑﺘﺰﻳﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺗﻄﻬﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺩﻧﺎﺱ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ؛ ﻓﺈﻥ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻊ ﺧﺮﺍﺏ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎً .
ﻭﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺯﻳﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﻭﻃﻬﺮﻫﻤﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﺮ ﻭﺃﺧﻔﻰ، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﻛﻢ، ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﺃﻋﻤﺎﻛﻢ، ﻓﻤﻦ ﻭﻗﻒ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻠﻴﺰﻳﻦ ﻟﻪ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎﺱ، ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﺑﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ .
ﺇﺫﺍ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺲ ﺛﻴﺎﺑﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ *** ﺗﻘﻠﺐ ﻋُﺮﻳﺎﻧﺎً ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺳﻴﺎً
ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻻﻋﺘﻜﺎﻑ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ . ﻭﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، « ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻗُﺒﺾ ﻓﻴﻪ ﺍﻋﺘﻜﻒ ﻋﺸﺮﻳﻦ » . ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻜﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻗﻄﻌﺎً ﻷﺷﻐﺎﻟﻪ، ﻭﺗﻔﺮﻳﻐﺎً ﻟﺒﺎﻟﻪ، ﻭﺗﺨﻠﻴﺎً ﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺭﺑﻪ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﻭﺩﻋﺎﺋﻪ .
ﻓﺎﻟﻤﻌﺘﻜﻒ ﻗﺪ ﺣﺒﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺫﻛﺮﻩ، ﻭﻗﻄﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻞ ﺷﺎﻏﻞ ﻳﺸﻐﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻭﻋﻜﻒ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻭﻗﺎﻟﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﻣﻨﻪ، ﻓﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻟﻪ ﻫﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﻳُﺮﺿﻴﻪ ﻋﻨﻪ . ﻭﻛﻤﺎ ﻗﻮﻳﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻪ ﻭﺍﻷﻧﺲ ﺑﻪ ﺃﻭﺭﺛﺖ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ .
ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺇِﻧَّﺎ ﺃَﻧﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻓِﻲ ﻟَﻴْﻠَﺔِ ﺍﻟْﻘَﺪْﺭِ ( 1 ) ﻭَﻣَﺎ ﺃَﺩْﺭَﺍﻙَ ﻣَﺎ ﻟَﻴْﻠَﺔُ ﺍﻟْﻘَﺪْﺭِ ( 2 ) ﻟَﻴْﻠَﺔُ ﺍﻟْﻘَﺪْﺭِ ﺧَﻴْﺮٌ ﻣِّﻦْ ﺃَﻟْﻒِ ﺷَﻬْﺮٍ { [ ﺍﻟﻘﺪﺭ 3-1: ] . ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ : « ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ، ﻣﻦَ ﺣُﺮﻡ ﺧﻴﺮﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﺣُﺮﻡ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ] . ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ : " ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠّﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃُﺭِﻱ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺒﻠﻪ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺗﻘﺎﺻﺮ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺃﻣﺘﻪ ﺃﻻ ﻳﺒﻠﻐﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻎ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌُﻤﺮ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ ."
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﺔﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : « ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏُﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ » ﻭﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺇﺣﻴﺎﺅﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻬﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً .
ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ : " ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲَّ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ." ﻭﻣﺮﺍﺩﻩ ﺃﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻜﺜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﻭﺇﻥ ﻗﺮﺃ ﻭﺩﻋﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻨﺎً . ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺘﻬﺠﺪ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻭﻳﻘﺮﺃ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻣﺮﺗﻠﺔ، ﻻ ﻳﻤﺮ ﺑﺂﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺣﻤﺔ ﺇﻻ ﺳﺄﻝ، ﻭﻻ ﺑﺂﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺇﻻ ﺗﻌﻮﺫ، ﻓﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ . ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﻛﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .
ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﺇﻥ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ : « ﻗﻮﻟﻲ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻚ ﻋﻔﻮ ﺗﺤﺐ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻓﺄﻋﻒُ ﻋﻨﻲ » ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺳﻴﺌﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﺍﻟﻤﺎﺣﻲ ﻵﺛﺎﺭﻫﺎ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻫﻮ ﻳُﺤﺐُ ﺍﻟﻌﻔﻮ ؛ ﻓﻴﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﻳﺤﺐ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﻔﻮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻋﺎﻣﻠﻬﻢ ﺑﻌﻔﻮﻩ، ﻭﻋﻔﻮﻩ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : « ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺮﺿﺎﻙ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻚ، ﻭﻋﻔﻮﻙ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ] .
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﻳﺠﺘﻬﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﺛﻢ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻤﻼً ﺻﺎﻟﺤﺎً ﻭﻻ ﺣﺎﻻً ﻭﻻ ﻣﻘﺎﻻً، ﻓﻴﺮﺟﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟُﻤﺬﻧﺐ ﺍﻟﻤﻘﺼﺮ .
ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : « ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏُﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ » ﻭﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎً ﻏُﻔﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ » [ ﺭﻭﺍﻫﻤﺎ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ] .
ﺩﻝ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻜﻔﺮ ﻟﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﻭﻫﻲ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ، ﻭﻗﻴﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻓﻘﻴﺎﻡ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﻤﺠﺮﺩﻩ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻟﻤﻦ ﻭﻗﻌﺖ ﻟﻪ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺃﻭ ﺃﻭﺳﻄﻪ ﺃﻭ ﺁﺧﺮﻩ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺷﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ، ﻭﻻ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﺮ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ ﻓﻴﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﺮ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻢ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻓﻘﺪ ﻛﻤﻞ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ، ﻓﻴﺘﺮﺗﺐ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻪ ﺑﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﻦ، ﻭﻫﻤﺎ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ .
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻮﻥ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ ﻓﻘﺪ ﻭﻓﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺑﻘﻰ ﻣﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻳﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻗُﺴﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ، ﻓﺮﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻮﺍ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﺍﺳﺘﻜﻤﻠﻮﻩ، ﻭﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻧُﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﺑﺤﺴﺐ ﻧَﻘﺼِﻪ، ﻓﻼ ﻳَﻠُﻢ ﺇﻻ ﻧﻔﺴﻪ . ﻗﺎﻝ ﺳﻠﻤﺎﻥ : " ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻜﻴﺎﻝ، ﻓﻤﻦ ﻭﻓﻰ ﻭﻓﻲ ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﻃﻔﻒ ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﻔﻔﻴﻦ ." ﻓﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ؛ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﻫﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﺭ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻮﻓﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﻃﻔﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻮﻳﻞ ﻟﻠﻤﻄﻔﻔﻴﻦ . ﺃﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻮﻓﻲ ﻣﻜﻴﺎﻝ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ، ﻭﻳﻄﻔﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﻴﺎﻝ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻭﺻﻼﺗﻪ .
ﻏﺪﺍً ﺗُﻮﻓّﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ *** ﻭﻳﺤﺼﺪ ﺍﻟﺰﺍﺭﻋﻮﻥ ﻣﺎ ﺯﺭﻋﻮﺍ
ﺇﻥ ﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ *** ﻭﺇﻥ ﺃﺳﺎﺀﻭﺍ ﻓﺒﺌﺲ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮﺍ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻳﺠﺘﻬﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺇﻛﻤﺎﻟﻪ ﻭﺇﺗﻘﺎﻧﻪ، ﺛﻢ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ، ﻭﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺭﺩﻩ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ } ﻳُﺆﺗُﻮﻥَ ﻣَﺎﺁﺗَﻮﺍ ﻭَﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢ ﻭَﺟِﻠَﺔٌ { [ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ 60: ] . ﺭُﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠّﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ : " ﻛﻮﻧﻮﺍ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﺷﺪ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎً ﻣﻨﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ، ﺃﻟﻢ ﺗﺴﻤﻌﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ : } ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﺘَﻘَﺒَّﻞُ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺘَّﻘِﻴﻦَ { [ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ 27: ] ."
ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻌﻞ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻀﻤﺎﺭﺍً ﻟﺨﻠﻘﻪ، ﻳﺴﺘﺒﻘﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﻄﺎﻋﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ، ﻓﺴﺒﻖ ﻗﻮﻡ ﻓﻔﺎﺯﻭﺍ، ﻭﺗﺨﻠﻒ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻓﺨﺎﺑﻮﺍ ." ﻓﺎﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﻋﺐ ﺍﻟﻀﺎﺣﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻮﺯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻮﻥ ﻭﻳﺨﺴﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺒﻄﻠﻮﻥ .
ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎً : ﺗﻔﻄﻴﺮ ﺍﻟﺼﻮﺍﻡ، ﻭﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﻙ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻭﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﻠﺼﺎﺋﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻄﺮﻭﺍ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮﺕ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﻮﺗﻪ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ .
ﻓﻤﺘﻰ ﻳُﻐﻔﺮ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ؟ ﻣﺘﻰ ﻳُﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺭُﺩ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ؟ ﻣﺘﻰ ﻳﺼﻠﺢ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ؟ ﻣﺘﻰ ﻳﺼﺢ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺮﺿﺎﻥ؟ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺜﻤﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﻘﻄﻊ ﺛﻢ ﻳﻮﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺒِﺬﺍﺭ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﺪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭ .
ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺷﻬﺮ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ
ﻭﺃﻣﺎ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻓُﻴﻌﺘﻖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﻭﺑﻘﺘﻪ ﺍﻷﻭﺯﺍﺭ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺎﻟﺬﻧﻮﺏ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺃﻋﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻴﻠﺘﺤﻖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﻮﻥ ﺑﺎﻷﺑﺮﺍﺭ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺮﺗﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻣﻪ، ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮﻩ ﻭﺷﻜﺮﻩ، ﻓﻘﺎﻝ : } ﻭَﻟﺘُﻜﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟﻌِﺪﺓَ ﻭَﻟِﺘُﻜَﺒِﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠّﻪ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻫَﺪَﺍﻛُﻢ ﻭَﻟَﻌَﻠَﻜُﻢ ﺗَﺸﻜُﺮُﻭﻥَ { [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 185: ] . ﻓﺸُﻜﺮُ ﻣﻦ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺑﺘﻮﻓﻴﻘﻬﻢ ﻟﻠﺼﻴﺎﻡ ﻭﺇﻋﺎﻧﺘﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻣﻐﻔﺮﺗﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﻪ، ﻭﻋﺘﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮﻭﻩ ﻭﻳﺸﻜﺮﻭﻩ ﻭﻳﺘﻘﻮﻩ ﺣﻖ ﺗﻘﺎﺗﻪ .
ﻳﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﺘﻘﻪ ﻣﻮﻻﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ! ﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺻﺮﺕ ﺣﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﺭﻕ ﺍﻷﻭﺯﺍﺭ، ﺃﻳﺒﻌﺪﻙ ﻣﻮﻻﻙ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺘﻘﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ؟ ﻭﻳﻨﻘﺬﻙ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻮﻗﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ؟ !
ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻤﻦ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻫﻲ ﻣﺘﻴﺴﺮﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ؛ ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﻪ : " ﻓﺎﺳﺘﻜﺜﺮﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻊ ﺧﺼﺎﻝ : ﺧﺼﻠﺘﺎﻥ ﺗُﺮﺿﻮﻥ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺑﻜﻢ، ﻭﺧﺼﻠﺘﻴﻦ ﻻ ﻏﻨﺎﺀ ﺑﻜﻢ ﻋﻨﻬﻤﺎ . ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺨﺼﻠﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺗﺮﺿﻮﻥ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺑﻜﻢ ﻓﺸﻬﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻹﺳﺘﻐﻔﺎﺭ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﻻ ﻏﻨﺎﺀ ﻟﻜﻢ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻓﺘﺴﺄﻟﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺗﻌﻮﺫﻭﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ."
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﻌﺘﻖ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ . ﻓﺄﻣﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻬﺪﻡ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺗﻤﺤﻮﻫﺎ ﻣﺤﻮﺍً، ﻭﻻ ﺗﺒﻘﻲ ﺫﻧﺒﺎً، ﻭﻻ ﻳﺴﺒﻘﻬﺎ ﻋﻤﻞ، ﻭﻫﻲ ﺗﻌﺪﻝ ﻋﺘﻖ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ . ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻓﻤﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺩﻋﺎﺀ ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻣﺴﺘﺠﺎﺏ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻭﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ، ﻭﺃﻧﻔﻊ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻣﺎ ﻗﺎﺭﻧﺘﻪ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻓﻤﻦ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻣﻌﻘﻮﺩ، ﻭﻋﺰﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﻳﻌﻮﺩ، ﻓﺼﻮﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺮﺩﻭﺩ، ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺪﻭﺩ . ﻭﺃﻣﺎ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻤﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : « ﺣﻮﻟﻬﻤﺎ ﻧُﺪَﻧﺪﻥُ » [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ] .
ﻭﺩﺍﻋﺎً ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻗﺪ ﻋﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ، ﻓﻤﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻤﺎﻡ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﺮﻁ ﻓﻠﻴﺨﺘﻤﻪ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺨﺘﺎﻡ، ﻓﺎﺳﺘﻤﺘﻌﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮﺓ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺩﻋﻮﻩ ﻋﻤﻼً ﺻﺎﻟﺤﺎً ﻳﺸﻬﺪ ﻟﻜﻢ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻡ، ﻭﻭﺩِّﻋُﻮﻩ ﻋﻨﺪ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﺑﺄﺯﻛﻰ ﺗﺤﻴﺔ ﻭﺳﻼﻡ .
ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ " ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ " ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
مواضيع مماثلة
» ﺍﻟﺒﺸﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻟﻤﻦ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﺠﺮ
» *ﺯﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻕ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮﻩ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» ﺃﺩﻋﻴﺔ ﺭﻣﻀﺎﻥ - ﺍﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» ﻗﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» ﺃﺩﻋﻴﺔ ﺭﻣﻀﺎﻥ - ﺍﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» *ﺯﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻕ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮﻩ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» ﺃﺩﻋﻴﺔ ﺭﻣﻀﺎﻥ - ﺍﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» ﻗﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ
» ﺃﺩﻋﻴﺔ ﺭﻣﻀﺎﻥ - ﺍﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىق