ﻓﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ ١٥ / ﺃﻏﺴﻄﺲ ٢٠١٠ﻡ، ﺭﺣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺛﺎﺋﺮ ﺛﻤﻴﻦ، ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻏﺎﺯﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ، ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ . ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻓﻘﺪٌ ﺳﻌﻮﺩﻱ ﻭﻋﺮﺑﻲ ﻭﺇﺳﻼﻣﻲ ﺿﺨﻢ .
ﺭﺣﻞ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻳﺸﻴّﻌﻪ ﻣﺤﻴﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ، ﻭﺳﺘﻮﻥ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻓﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ، ﻫﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ . ﺩﺭﺱ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﺛﻢ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻨﻮﺏ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮﺭﻧﻴﺎ ‏( ﻟﻮﺱ ﺃﻧﺠﻠﻮﺱ ‏) ، ﺛﻢ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻨﺪﻥ . ﻭﻟﺪِ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻓﻰ ﺍﻷﺣﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻓﻰ ‏( ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﻜﺂﺑﺔ ‏) ﺇﺫ ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺃﻣﻪ ﻭﻋﻤﺮﻩ ﺗﺴﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ، ﻭﻗﺒﻴﻞ ﻭﻻﺩﺗﻪ ﻣﺎﺕ ﺟﺪّﻩ ﻷﻣﻪ . ﻭﻋﺎﺵ ﻃﻔﻮﻟﺔ ﺑﻼ ﺃﻗﺮﺍﻥ ﻳﺆﺍﻧﺴﻮﻧﻪ . ﻛﻤﺎ ﻋﺎﺵ ﺑﻴﻦ ﻗﻄﺒﻴﻦ ﻫﻤﺎ ﺟﺪﺗﻪ ﻷﻣِّﻪ ،ﺍﻟﺤﻨﻮﻧﺔ ﻋﻠﻲ ﻳﺘﻴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ، ﻭﺃﺑﻴﻪ ﺍﻟﺤﺎﺯﻡ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺤﺮّﻣﺎً . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻛﻤﻞ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﺗﺤﺼﻴﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺑﺪﺃ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، ﺑﺪﺍ ﻧﺠﻤﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ، ﻳﺪﻋﻤﻪ ﻣﺠﺪ ﻋﺎﺋﻠﻲ . ﻓﺎﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﻣﺆﺳﺲ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺮﺩّ ﻣﻠﻚ ﺃﺟﺪﺍﺩﻩ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺘﺮﺽ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﺭﺟﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺜﺮﻱ . ﻭﺫﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺗﻐﻴُّﺮ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ . ﻛﺎﻥ ﻟﺒﺰﻭﻍ ﺷﻤﺲ ﻏﺎﺯﻱ ﺫﻛﺎﺀً ﻭﺍﺑﺪﺍﻋﺎً، ﻭﻟﺒﺮﻳﻖ ﺍﺳﻤﻪ ﺛﻤﻦ . ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻤﺒﺪﻋﻮﻥ ﻻﺑﺪّ ﻭﺃﻥ ﻳﻀﻌﻬﻢ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﻮ ﺍﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺸﻚ . ﻭﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﻤﺒﺪﻉ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺘﺬﻭﻗﻮ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻭﻋﺸﺎﻕ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻮﻋﺎﻅ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ . ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺷﻌﻞ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ‏( ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﻼ ﺭﺍﻳﺔ ‏) ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﺎﻡ ١٩٧٠ﻡ . ﺣﻴﺚ ﻫﺎﺝ ﻣﻌﺎﺭﺿﻮﻩ . ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻰ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻣﺤﻈﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ . ﺇﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺎﻏﻮﻃﻰ ‏( ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﺗﻤﺮّ ﺑﺪﻭﻥ ﻋﻘﺎﺏ ‏) . ﻭﻳﻀﻴﻒ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﺑﺤﻜﻤﺘﻪ ﻭﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ‏( ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﻤﺮّ ﺑﺪﻭﻥ ﺛﻤﻦ ‏) . ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﻤﺠﻴﺪ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩﻳﺔ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﺇﺑﻌﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﻣﻨﺼﺐ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ . ﻭﺃﻳﻀﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺗﻌﺮﺽ ﺍﺑﻨﻪ ‏( ﻓﺮﺍﺱ ‏) ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺪﺍﺀ ﺷﺨﺼﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﻟﻨﺪﻥ .
ﻟﻘﺪ ﺭﻓﻊ ‏( ﺑﻮﻟﻴﺲ ‏) ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﻭ ‏( ﺷﺮﻃﺔ ‏) ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﺭﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ، ﺍﻟﺮﻣﺰ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺍﻷﺑﺮﺯ ﺃﺩﺑﻴﺎً . ﺭﻓﻌﺖ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﻈﺮ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻋﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ . ﻭﻟﻜﻦ ﺭﺣﻞ ﻏﺎﺯﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ، ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻃﻴﻮﺭ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﻠﻖ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﻭﻃﻨﻪ . ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﺃﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻲ ﺟﻤﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ . ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ ﻛﺎﻥ ﻣُﺘﺮﻋﺎً ﺑﺎﻟﻠّﻄﻒ . ﻛﺎﻥ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﻈّﺮﻑ ﻭﺍﻟﻠﺒﺎﻗﺔ ﻭﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﺔ . ﻋﻘﻠﻪ ﻭﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﻭﺣﻴﻮﻳﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﻣﻨﺼﺐ ﺗﻘﻠّﺪﻩ، ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻘﻠّﺪﻫﺎ . ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﺑﻪ ﺃﺣﺐّ ﺍﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﻭﻣﺮﺣﻪ ﻭﻃﻼﻗﺘﻪ ﻭﺻﺮﺍﺣﺘﻪ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺘﻪ ﻭﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ﻭﺩﻓﺎﻋﻪ ﺍﻟﺒﺎﺳﻞ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻋﻦ ﻣﻠﻴﻜﻪ ﻭﻋﻦ ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﻭﻃﻨﻪ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻛﺎﻥ ﺩﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺎً ﺭﺍﻗﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ . ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺂﻣﺮﺓ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺴﻤﺢ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺤﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺬﺓ ﺑﺎﻹﻃﻼﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻰّ . ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ‏( ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ‏) . ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﻲ .
> ﻧﻮﺍﺻﻞ