لأجل الكلمة
لينا يعقوب
‏محتسب الغفلة
‏
زميلنا محمد عبد العزيز، الحاصل على عدد من جوائز التفوق الصحفي، دار قبل أيام على أقسام الصحيفة واحداً تلو آخر، بحثاً عن صحفيات )السوداني( ليقول لهن: “انتو شينات”، وما إن تسأله إحداهن عن السبب حتى يسارع بالإجابة: “مجلس الصحافة طلب عدم نشر صور الفتيات الجميلات الجذابات، تحديداً في صفحة كوكتيل، ولم يطلب منع إنزال صوركم في الصفحات باعتباركم غير جميلات”!
ويبدأ محمد كل يوم قراءته للصحف بصفحة (كوكتيل) ليبدي ملاحظاته بصوت عالٍ، وذلك بعد أن أرسل مجلس الصحافة والمطبوعات خطاباً إلى الصحيفة تبنى فيه شكوى تقدم بها مواطن ضد (السوداني) “لنشرها صوراً لنساء جميلات وبعضهن في وضع جاذب”.
يفتح محمد الصفحة فيرى صورة الفنانة إنصاف مدني ثم يتساءل وهو يقارن بالصور التي قصدها مجلس الصحافة في شكواه “يعني ندى القلعة حلوة وإنصاف مدني شينة؟!”.
وبعد أن تعب من المقارنات تمنى لو وضع مجلس الصحافة معايير واضحة لصور الجميلات أو شكل لجنة، أسوة بلجان ملكات جمال العالم، حتى يسهل التعامل مع المسألة وإبعادها عن الانتقائية!
تخيلوا فقط، في عصر “فيسبوك” و”واتساب” والأشياء المتاحة في أي لحظة، يبرر المجلس في الشكوى التي أرسلها إلى الصحيفة أن نشر (السوداني) للصور الجاذبة “يتعارض مع تعاليم الدين الحنيف، ويُعرِض الرجال عامّة والشباب خاصة للفتنة والوقوع في محظور عدم غض البصر”!
يا للهول!.. أي نوع من الرجال ضعاف العزيمة أولئك الذين “سيقعون في المحظور” وترتفع شهواتهم لمجرد رؤية (صورة) لفتاة جميلة؟
ماذا إن رأوا الفتاة الجميلة أمامهم؟ والتي لن تكون حينها مجرد صورة، إنما إنسانة حية تتحرك أمام أعينهم؟
ماذا سيفعل أولئك حينها؟
أنا أمتنع عن الإجابة.
لماذا يودُّ البعض إظهار شخصية المُسلِم بهذه الهشاشة التي تجعله ينهار أخلاقياً بمجرد رؤيته صور نساء جميلات؟!
أمثال هؤلاء من المتنطعين، يعتقدون أن الالتزام بتعاليم الإسلام مثل الالتزام بالريجيم، أي إن لم يرَ الطعام أمامه امتنع عن الأكل، وإن رآه أمام عينه، قضى عليه في دقائق!
أي عزيمة هشة يحملونها، وهم مستعدون لأن يقعوا في المحظور من أجل صورة!
ما كنت أعتقد أن مجلس الصحافة يمكن أن يقع في هذه الحفرة، وأن يتبنى تصنيفاً لا أخلاقياً يفرق بين نساء جميلات وقبيحات.
إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، ولا يعاير المرء بقبح شكله، إنما بقبح أفعاله وظنونه!