في الحقيقة
ياسر زين العابدين المحامي
يوم يسألكم الله يا الناسين حسابو..!!!
في العام )2013( اتهامات طالت الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي مطالبة بمراجعة الأداء بذريعة صرف أموال طائلة على بعض المشروعات. المشروعات تلك حُددت على سبيل المثال وليس الحصر. مثال لذلك )مصنع التكامل للأسمنت( كلفته )380( مليون دولار يمتلك الجهاز نسبة تقدر بـ )49%(. ثم برج العدل بشارع النيل الذي بلغت الكلفة )37( مليار جنيه بالقديم. بالاضافة الى التكلفة العالية لانشاء فندق بمدينة نيالا وصلت الى )32( مليار جنيه بالقديم فضلاً عن برج الضمان الطبي تكلفته تربو الى )51( مليار جنيه بالقديم. وقتها كانت المطالبة بأن يُراجع تكوين ادارة مؤسسات وشركات تابعة للجهاز الاستثماري والنظر في مخصصات الأعضاء. لم يتم شيء من هذا القبيل انما صمت غريب يلف دهاليز كل الأمكنة. في عام )2015( طالب عضو بالبرلمان عن الدائرة )15( غبيش بولاية غرب كردفان باستدعاء وزيرة الضمان الاجتماعي لمعرفة ما يدور فيه. هذه الواقعة جاءت أثر نشر صحيفة الجريدة حلقات تحقيق عنه )الصندوق الأسود( كشف تلاعب في أموال المعاشيين. لم يستطع البرلمان أن يفعل مبدأ المحاسبة ليطيح برؤوس أينعت لكنه للأسف لم يحن وقت قطافها.
في يناير )2018( مثل المراجع العام أمام البرلمان وطرح ميزانية )2015-2016(. اتضح اهدار أكثر من )600( مليار جنيه بالقديم في صفقة شراء هيكل خرصاني ببورتسودان. أشار لعدد )16( شركة تتبع له تعمل بالخسارة عوضاً عن تجاوزات في الصرف وفي مكافآت أعضاء )مجلس المفوضية( وفشل في مشاريع تحقيق الربط الايرادي الأمر الذي أدى الى هدر أموال المعاشيين. الجدير بالذكر أن الهيكل الخرصاني ببورتسودان أكملته شركة )دانفوديو( بمبلغ )1,782,130,50( جنيه. المراجع العام قال أن التكلفة عالية مقارنة بأسعار العقارات المثيلة. ما قاله المراجع العام في يناير )2018( أكده في اكتوبر )2018(. كل ذلك تكتمل حلقاته أمام البرلمان والسادة النواب تُكرر لهم التهمة ضد الجهاز وهم مشدوهون. اذا كان أهداف الجهاز المحافظة على القيمة الحقيقية لفائض أموال الصندوق القومي للمعاشات والتأمينات الاجتماعية وحمايتها من آثار التضخم وادارة المخاطر الاستثمارية والمساهمة في تنمية الاقتصاد فكيف يستقيم ذلك مع هكذا ممارسات؟ هل هذه التصرفات تؤدي الى زيادة العائد وتقلل المخاطر أم تؤدي الى خسائر فادحة أشار اليها المراجع العام تفصيلاً؟ وهل تلك هي السياسات العامة التي قررها مجلس الادارة لاستثمار الفوائض؟ وهل هذا الاستثمار يحقق ميزة حفظ الأموال ويساهم في ترقية ورفع كفاءة الاقتصاد القومي؟
بلا شك أن التقرير صادم ومؤلم ومخزي. بل يجعلنا أكثر اشفاقاً على ادارة هذه الأموال الخاصة بالضعفاء والمساكين والفقراء. يجعلنا أكثر يقيناً أن هذه الادارة تنم عن )سفه( لا يُسَمح لصاحبه بالتصرف انما بالحِجر. الغريب في الأمر منذ يناير )2018( البرلمان أمامه قصة الهيكل الخرصاني وبقية القصة ولا حياة لمن تنادي. تمر الأشهر وأمام منضدته كافة الوقائع والملابسات والخسائر ولا محاسبة تعقبها رقابة. منذ العام )2013( ثمة اتهامات مفصلة والبرلمان لا يستطيع الدخول الى هذا الحصن الحصين. تحقيق صحفي تناول ممارسات قميئة أضرت بالجهاز والصمت يلف المكان. آن الأوان لفتح تحقيق شامل يتعلق بكافة المشروعات التي اُقيمت. فتح ملف استثمار أموال ضخمة في تجارة الأراضي والمضاربة في العقارات. السؤال ما الذي يمنع الجهاز أن يستثمر في القطاعات الانتاجية؟ بحسب الوقائع والافادات التي ذكرها المراجع العام فإن ذلك يخالف مخرجات مشروع تطوير نظم الحماية الاجتماعية. يخالف قرار رئيس الجمهورية أن يعمل الجهاز وفق قانون التأمين الاجتماعي وقانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية لسنة )2016(. كفوا أيديكم عن أموال المعاشيين الغلابى فلن تزل قدما مسئول بهذا الجهاز أمام الله إلا بعد مثوله ومن معه على صعيد وهؤلاء المظلومين على صعيد آخر. وقتها لا عاصم من غضب الله ومن القصاص عندها لا نفوذ لهم. حينها سيتأكدون بأن الحساب )ولد(. لقد نسوا يوم الحساب فأنساهم الله أنفسهم ومد لهم مداً. )الله غالب(.
الثلاثاء )٥( فبراير ٢٠١٩م )المستقلة(